العدد 3613 - السبت 28 يوليو 2012م الموافق 09 رمضان 1433هـ

الميداني... ومشروع «التربية على حقوق الإنسان»

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

قبل أيام، أهداني رئيس المركز العربي للتربية على القانون الدولي وحقوق الإنسان في فرنسا محمد أمين الميداني النسخة الإلكترونية من الطبعة الثانية من كتابه (حقوق ومواقف)، الذي يشتمل على مقالات الطبعة الأولى للعام 2003م، إلى جانب مقالاته المنشورة في الفترة 2003/2012م في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، وتقسيماً جديداً على المحاور التالية: حماية حقوق الإنسان، الأمم المتحدة واحترام الشرعية الدولية، والمنظمات الإقليمية، والعدالة الجنائية الدولية، وقضايا سياسية واجتماعية وثقافية، وكتب ومواقف وشخصيات.

وسأتناول ما ورد في القسم الأول من الكتاب فيما يتعلق بملاحظاته الأساسية حول التربية على حقوق الإنسان، بدءاً من المؤتمرات الدولية وتأكيدها على حق تعليم حقوق الإنسان والتربية عليها، كمؤتمر فيينا لعام 1975م، والمؤتمر الدولي المعني بالتربية من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية في كندا 1993م، والمؤتمر الإقليمي حول التربية على حقوق الإنسان في الدول العربية ببيروت 1997م، والمؤتمر الدولي الثاني لحركة حقوق الإنسان في العالم العربي بعنوان «قضايا تعليم ونشر ثقافة حقوق الإنسان في العالم العربي» بالقاهرة في 2000م.

تناول الميداني دور الأمم المتحدة في التعليم والتربية على حقوق الإنسان، وتحديداً الفقرة الأولى، المادة (26) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي نصت على الحق في التعليم. إلى جانب المادة 13 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مروراً بفترة السنوات العشر لعقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان التي بدأت في يناير/كانون الثاني 1995م.

يقرُّ الميداني بوجود مجموعة من المعوقات التي حالت دون تنفيذ عقد الأمم المتحدة لتعليم حقوق الإنسان (خلال النصف الأول)، والتي تسببت في إشكالية تأخر حالة حقوق الإنسان في العالم العربي، وأهم هذه المعوقات: غياب سيادة القانون، وعدم تطبيق الديمقراطية، وفقدان التعددية والحريات الإعلامية، وإهمال الرأي العام وعدم الاكتراث بدوره عند اتخاذ أي قرار كان، وعدم وجود توازن فيما يخص تواجد المنظمات والجمعيات والمراكز التي تعمل في مجال رصد انتهاكات حقوق الإنسان أو تعليمها، فهناك مثلاً عدة منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان في بلد عربي واحد، ولا يوجد في المقابل أية منظمة أو جمعية تهتم بحقوق الإنسان في بلدان عربية أخرى! يضاف إليها غياب برنامج متعاون مشترك بين هذه المنظمات فيما بينها وبين المنظمات الدولية، وفقدان البرامج التعليمية لحقوق الإنسان وعلى كل المستويات، والنقص في الكتب والمطبوعات التي تبحث في مفاهيم حقوق الإنسان وتاريخها، والتي تعرض لمختلف الأنظمة الدولية والإقليمية الخاصة بحمايتها، إلا أنه سرعان ما يوجه الأنظار إلى ظاهرة متفشية بين نشطاء حقوق الإنسان وهي تغليب الجانب النضالي على الجانب التعليمي، بمعنى آخر المناداة باحترام حقوق الإنسان ورصد انتهاكاتها في الوقت الذي ينقص في هؤلاء النشطاء التعرف على مضمون هذه الحقوق، وآليات حمايتها على مختلف الأصعدة.

هذه المعوقات لم تثن الميداني عن التفاؤل بمستقبل أفضل ومشرق لهذا المشروع التعليمي الحقوقي الأممي، فهو يرى أنه قد تمَّ فعلياً التوصل لمجموعة من النتائج، مع تزايد الاهتمام بموضوع تعليم حقوق الإنسان من خلال تأسيس مراكز ومعاهد تهتم بهذا التعليم، وازدياد عدد الدورات التدريبية في مختلف مدن البلدان العربية وتنوع مواضيع هذه الدورات وتطورها، إذ لم تعد تقتصر فقط على عرض للأنظمة الدولية والإقليمية لحماية حقوق الإنسان، بل أصبحت تهتم أيضاً بحقوق فئات معينة في مختلف المجتمعات كاهتمامها بأوضاع المرأة والطفل والأقليات واللاجئين والعمال المهاجرين والصحافيين وغيرها، أو بمواضيع محددة تهم أفراد هذا المجتمع ومؤسساته كالعالمية والخصوصية ومناهضة التعذيب والوقاية منه والتنمية والبيئة وحقوق المعاقين ومحاربة ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال وما شابه ذلك.

وبحسب وصف الميداني، فإن التربية على حقوق الإنسان ونشر ثقافتها تلعب دوراً مهماً في مجال حماية هذه الحقوق وتعزيز التوعية بضرورة تطبيقها والسهر على حسن تنفيذها، ونتفق معه تماماً عندما أشار إلى ضرورة البدء بهذه التربية في أوقات مبكرة في المدارس والمعاهد وأن تتواصل طوال كل مراحل التعليم وبخاصة التعليم الجامعي ـ وهنا تجدر الإشارة إلى الحالة البحرينية وقرار تطوير المناهج التعليمية وتضمينها مفاهيم حقوق الإنسان في بوليتكنك البحرين، وكافة الكليات بجامعة البحرين، على أن يكون من ضمن مقررات المستوى الأول مع انفراد كلية الحقوق بمقرر آخر متخصص يكون في المستوى الثالث، والذي تمّ فيه على المبادئ الأساسية للشرعة الدولية لحقوق الإنسان وتطبيقاتها في القانون الوطني من خلال التعريف بالحقوق والحريات العامة وتطورها وأنواعها في كافة جوانبها وضمانات حقوق الإنسان الدستورية والتشريعية، وتصنيفه كمقرر إلزامي، وإعطائه وزناً في المعدل التراكمي أسوة بباقي المقررات الإلزامية، وذلك اعتباراً من الفصل الدراسي القادم 2012/2013م ـ وأن تتضمن مناهج هذا التعليم مبادئ حقوق الإنسان ومعايير احترامها. ودور مؤسسات المجتمع المدني في مجال التربية على حقوق الإنسان، مما سيسمح لاحقاً بتكوين أجيال تكافح لتحقيق السلام والتفاهم والوئام والتسامح بين مختلف شعوب العالم.

باتت مسألة مراجعة المناهج التعليمية أمراً مهماً؛ إذ تؤكد جميع الدراسات التي أعدها المعهد العربي لحقوق الإنسان على محتوى الكتب المدرسية المدرجة في مخططات التعليم الأساسي (الابتدائي) والإعدادي والثانوي في مجموعة من البلدان العربية للتعرف على مدى انسجامها ومفاهيم حقوق الإنسان الكونية، بأن النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان قليلة رغم كثرة الكتب، وحتى تلك الواردة فإنها من غير قصد، ولم تندرج ضمن خطة استراتيجية ترتكز على التدرج والشمول.

ومن جهة أخرى، فقد نكتشف تناقضاً مع مقتضيات الحداثة على مستوى تضاربها مع المرجعيات الدينية والسياسية الوطنية والدولية الكونية، فقضية المرجعية قضية جوهرية في البلاد العربية يجب معالجتها بجرأة ووضوح للخروج من التناقضات ذات الأثر السلبي على شخصية المتعلمين، كما هو حاصل في المقررات الدراسية التي تفضل أمة على أخرى، وكذا الخلط أحياناً بين مفهوم الوطن والنظام السياسي القائم، والتناقض في تمجيد الأم ودونية المرأة.

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3613 - السبت 28 يوليو 2012م الموافق 09 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:33 ص

      طرفة

      ألماني يسأل بحراني: ما هي أحلامك؟
      رد البحراني: وظيفة .. سكن ...
      قاطعه الألماني:سألتك عن أحلامك ... لا عن "حقوقك"!!

اقرأ ايضاً