العدد 3612 - الجمعة 27 يوليو 2012م الموافق 08 رمضان 1433هـ

بوحسين: «الحوار» يتطلب محاور وأطراً سياسية وقانونية محددة

مصطلح «الحوار» كمثار جدل في عمق أزمة سياسية.. كيف ومتى ينجح؟

بوحسين: نتفاءل بمستقبل يحقق فيه الحوار ما لم يحققه العنف والقوة الأمنية
بوحسين: نتفاءل بمستقبل يحقق فيه الحوار ما لم يحققه العنف والقوة الأمنية

تبدو مفردة «حوار».. اصطلاحاً ومفهوماً وتطبيقاً.. واحدة من أكثر المفردات المعقدة في المجتمع البحريني! وعلى إثرها تتفرق الآراء ووجهات النظر وتتباعد تيارات سياسية وتقترب أخرى بين (مؤيد) للحوار، و(غير موافق عليه)، وبين (رافض له بشكل مطلق) وبين هذا وذاك.. تتزايد تقسيمات المفردة وتصبح مثار جدل والمجتمع يعيش أزمة سياسية تتطلب حواراً «ذا مغزى»، أو (حواراً بشروط وآخر غير مشروط)، أو يلمع (الحوار) إعلامياً حيناً ويخبو حيناً آخر.. دون أن يدرك المواطن العادي، بل حتى الناشط السياسي والحقوقي والإعلامي والباحث والمهتم و.. المسئول أيضاً.. ماذا يجري بالضبط؟

«الحوار».. أي حوار جاد وحقيقي وقائم على توافر أسس وطنية وديمقراطية واجتماعية وإنسانية بل ودينية أيضاً سليمة هو المخرج من أي أزمات أو معضلات يمر بها أي مجتمع باستثناء -مع الأسف الشديد- المجتمع البحريني؟ فلا السلطة تستطيع تقديم قراءة دقيقة وواضحة للحوار ومخرجاته، تماماً كما جرى في حوار التوافق الوطني الذي انعقد ومضى وبقيت الأزمة، ولا المعارضة بمختلف تياراتها ومن ورائها شارعها العريض تجد جديةً من السلطة في انقاذ البلاد مما ألمّ بها من أزمة.. بعيداً عن (جوهر الأزمة) والجدل حول الحوار من عدمه.. وبعيداً عن الخلافات حول حوار ذي مغزى أو (لا حوار)، وتجنباً لأي طرح يمثل أي جهة، فإن هذا الحوار مع المستشار القانوني والمحكم الدولي الدكتور محمد رضا منصور بوحسين سيتناول الخطوط العريضة للحوار الوطني الناجح، وكيف ومتى ينجح.. هنا، التفاصيل في هذا الحوار التثقيفي القانوني أكثر منه (سياسي):

بوحسين كمستشار قانوني وكمهتم بالشئون الدستورية، لن نوغل كثيراً في مجريات إطلاق مصطلح «حوار» ونسقطه على واقعنا المحلي بشكل مباشر، لكن نريد على الأقل أن نتحدث عن مبادئ وأبجديات نجاح أي حوار.. كيف؟

- في جميع الأحوال، فإن الإطار السياسي الناجح لأي حوار يجب أن يؤكد على دعم الوحدة الوطنية واندماج جميع المواطنين في العملية السياسية ومشاركتهم الفاعلة في وضع القرار والسياسة العامة، إلى جانب تأكيد مبادئ المواطنة وتعزيزها، واحترام كرامة الإنسان كقاعدة رئيسية تحكم العلاقة بين الدولة والمواطنين جميعاً.

إن إنجاز هذه المهمة والنجاح في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، يحتاجان إلى توافق وطني وجهد جماعي، يعززان وحدة الشعب البحريني ووحدة هويته الوطنية وصلابة الجبهة الداخلية في إطار حيوي من الاندماج السياسي والمساواة والعدالة الاجتماعية، وأن تحقيق الأهداف المأمولة من أي حوار في إطاره الشعبي الوطني، لا يمكن الوصول إليها إلا إذا ترفع أطراف الحوار في التعامل مع المسائل المتداولة والمطروحة للحوار بتغليب الجانب الوطني على الجانب السياسي الحزبي في حل بعض المسائل الإستراتيجية والوطنية.


آليات لتسريع التغيير والإصلاح

على المستوى النظري يبدو الكلام جميلاً.. ألا ترى ذلك؟ لكن ربما تتطلب ترجمته على أرض الواقع خطوات تيسر التنفيذ؟

- أنا أتوقع أن لكل فرد منا دور في هذه المرحلة، ولكن انطلاقاً من دورنا كقانونيين وواجبنا الوطني نقترح تبني تشكيل لجنة حوار قانونية تقف على مسافة واحدة ما بين جميع الأطراف تهدف إلى نقل كافة المطالب الشعبية، وعلى وجه التحديد الشبابية منها لما لهم من دور فعال لمستقبل البلاد، والمطالب القانونية المحقة والهادفة بعد صياغتها في إطار قانوني حضاري يتوافق مع متطلبات المرحلة ويؤسس إلى تعايش في جو من الثقة والأمان وإعطاء فرصة ومدة زمنية لإجراء هذه الإصلاحات والتعديلات التي تلامس احتياجات المواطن الأساسية وكرامته ومستقبله، إن إعطاء مدة زمنية لهذه المرحلة تمثل عملية إنعاش ونقل دم لجسد هذا الوطن حتى نتمكن من ملاحظة آثار هذه الإصلاحات وحقيقة مضمونها وجدية أثارها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على البلاد.


الإدارة السياسية التقليدية

قد يناسب ذلك الكلام ما يمكن تغليفه تحت مسمى (الموالاة) ويقبلون به كاملاً، لكن هناك (معارضة)...

- قد لا أتفق معك على مفهوم (الموالاة) و(المعارضة) حيث انه لا يستقيم مع الواقع السياسي في البحرين، ذلك أن جميع الأطراف متفقون على الإصلاح الشامل وجعل البحرين مملكة ينعم فيها الجميع بالخير والنماء والرفاة، فالإصلاح والتنمية عملية ديناميكية نعيشها كل يوم في إدارتنا وأسرتنا وجميع شئون حياتنا اليومية، فهي عملية لا تقتصر على مرحلة زمنية معينة وإنما هي دائمة ومستمرة في كل يوم، وجميع الأطراف يتطلعون إلى رب هذه الأسرة الكبيرة لقيادة الإصلاح والتنمية.

من جانب آخر أصبح العالم شديد الحركة والتغيير ومتوالي التطورات، فالمطلوب الآن شيء أكثر عمقاً من الإدارة السياسية التقليدية.. بالنسبة للمعارضة.. تخفيف درجة الاختلاف في الشأن الوطني.

ما المطلوب إذن؟ هذا ما نريد الاسترسال فيه بشكل عميق.. وخصوصاً بالنسبة إلى تعامل السلطة مع المعارضة؟

- الحقيقة أن النظام والقوى السياسية يدركون حقيقة المؤثرات الإقليمية والدولية في حلحلة الشأن الوطني، وعليه فالمطلوب أن تكون هناك قيادة لمساعدة الناس على إنجاز ما يستطيعون إنجازه ويحققون طموحاتهم.


الحوار من منظور دستوري

لننتقل للحديث عن الحوار من منظور دستوري.. وخصوصاً في الدول ذات الحكم الوراثي...

- علينا أن ندرك أن قوة أي نظام في المستقبل ستكون مرتبطة بالدعم والالتفاف الشعبي الذي يمده بالقوة والثبات والقدرة على النجاح وتحقيق تنمية نوعية على المستوى الوطني، وأن الإنسان أصبح مركز اهتمام جميع الحكومات والأنظمة التي ستتسابق في تقديم الأفضل لمواطنيها ووضع البرامج التنموية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية التي تتعلق بتطوير وتنمية هذا الإنسان، وتوفير أعلى مستويات الخدمة إليه باعتباره الأصل، يضاف إلى ذلك توفير قواعد ومنابر حوار التواصل بين الشعب والقيادة باعتبارها قياساً للرأي العام تساعد الدولة في تحقيق أعلى مستويات الإنجاز في سياستها العامة، وإن إيجاد مثل هذه القواعد ومنابر الحوار تعتبر أكثر أهمية في أنظمة الحكم القائمة على أساس وراثي كما هو الحال في دول الخليج عنه في الأنظمة الأخرى التي يرتكز الحكم فيها على أساس انتخابي لرئيس الدولة.

وهنا يلزم أن أشير إلى أن الملكية هي التزامات أكثر منها حقوق، فعندما يسألني أطفالي بالبيت لماذا هذا ملك أو تلك ملكة؟ فأقول لهم لأن الملك هو من يقوم بمساعدة الناس وتلبية حاجتهم وحل مشاكلهم والسهر على أحوالهم فيرفع لهم ما يسعدهم ويمنع عنهم ما يسوؤهم، لذلك أصبح ملكاً عليهم، لأنه يحمل الصفات الملكية التي تعبر عن مراعاته لعائلته الكبيرة وهو شعبه، ومن جانب آخر فإنه حتى العبودية لله تعالى ارتبطت بالأمن وتوفير العيش الكريم حينما قال تعالى: «فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» (قريش-الآية 3)، فعلينا جميعاً أن نشق أمواج الفتن بسفن النجاة من خلال حوار سليم قائم على الاحترام والثقة المتبادلين.


صياغة توافقية للإصلاح السياسي

لا بأس إن استمعنا لرأيكم بشأن البيت البحريني في ظل أزمة سياسية مقلقة؟ كيف تنظرون إلى الحلول؟ كيف تنظرون إلى الصيغة التوافقية للإصلاح السياسي؟

- إذا كانت الأزمة السياسية لا يمكن حلها إلا بمشاركة أطراف إقليمية ودولية لها دور في الشأن البحريني مع القوى السياسية البحرينية، فإن ذلك يتطلب منا ألا نتغافل عن ترتيب بيتنا الداخلي المتمثل في العمل على تعزيز الوحدة الوطنية وترابط النسيج الاجتماعي باعتبار أن ذلك هو القاعدة الأساسية للاستقرار ولإنجاح أي حل سياسي يمكن تحقيقه والوصول إليه بين أطراف العملية السياسية، إذ يمكن أن يتوصل الأطراف إلى صياغة توافقية معينة تضع الضوابط الأساسية للإصلاحات السياسية والدستورية المطلوبة، ولكن بعد خراب القاعدة الشعبية والوحدة الوطنية في المجتمع بحيث لن تجدي التسوية السياسية أي نفع على المستوى الوطني العام! فكأننا أصلحنا القمة بعد خراب القاعدة، وهو أمر لابد من دراسته والعمل عليه إذ مهما كانت خلافاتنا السياسية وتأزم الأطروحات في هذا الشأن، إلا أن ذلك لا يستدعي تركيزنا على هذا الجانب وإهمال الوضع الداخلي لمجتمع البحرين في وحدته الوطنية وترابطه الاجتماعي.


شدة الخلافات السياسية

أطراف كثيرة مطمئنة إلى قوة السلم المجتمعي رغم ما حدث، لكن يرون أن المشكلة بين السلطة والمعارضة ولا يجب التعمد من أي طرف لتحويلها إلى صراع أو خلاف بين طائفتين أو بين مكونات مجتمع أو بين موالاة ومعارضة؟ ماذا تقول؟

- الحقيقة أن الأزمة السياسية والتجاذبات المتعلقة بأساليب حلول هذه الأزمة قد أفرزت واقعاً اجتماعياً غريباً وخطيراً على مجتمع البحرين، والسلطة والقوى السياسية المعارضة معنية على شدة خلافاتها السياسية في هذه المرحلة بالعمل على هذا الجانب، وأن القيادة في هذه المرحلة قد تكون أخص المعنيين في التحرك بهذا الاتجاه والقيام بزيارات ميدانية لمختلف المحافظات لشرح السياسات الإصلاحية والبرامج الحكومية التي اعتمدتها الدولة لتحقيق مطالب الناس والالتقاء بأبسط المواطنين وعلى وجه الخصوص الشباب منهم للاستماع لمطالبهم وحاجاتهم مهما كانت صغيرة أو كبيرة.


الوحدة الوطنية كمسئولية

سلامة وقوة الوحدة الوطنية دائماً ما تلقى كمسئولية على المعارضة.. ماذا عن الدولة؟

- إن الوحدة الوطنية من الثوابت الدستورية التي تقع مسئولية حمايتها على جلالة الملك مباشرة، وذلك لأهمية ما تمثله الوحدة الوطنية من حماية للسيادة الوطنية، وكونها صمام أمان للمواطنين وأساس للتنمية والمصلحة العامة، والوحدة الوطنية تتنافى مع المنهج القائم على محاولة تطييف المجتمع وتقسيمه الى طوائف وجماعات من شأنه شق صف الوحدة الوطنية وتمزيق المجتمع، فهو فضلاً عن مخالفتة لنص المادة (33) من الدستور، فانه يمثل منعطفاً خطيراً يؤدي إلى التدخل الأجنبي لملء الفراغ لدعم هذا التيار أو تلك الطائفة، ما سيزيد من فرص الاحتراب الداخلي وخلق حالة من الفوضى السياسية مؤدياً إلى زعزعة الاستقرار والسيادة الوطنية.

فالوحدة الوطنية يجب حمايتها في جميع الظروف والحالات، وأخذها بعين الاعتبار في أي معالجة للشأن السياسي الوطني، فإن إيمان الجماعة بالانتماء إلى وطن واحد واندماجهم في بنيان واحد تربطهم إرادة العيش المشترك هي الأسس التي تعزز الوحدة الوطنية والجبهة الداخلية التي تعتبرالسياج الأمين لحماية السيادة الوطنية.

كذلك، فإن المقومات الأساسية لمجتمع البحرين قائمة على أساس التعاون والتراحم بين المواطنيين، والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص والتضامن الاجتماعي (المادة 4 من الدستور)، والتضامن الاجتماعي يعني وحدة الجماعة فى بنيانها وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها عند تزاحمها، وترابط أفرادها واتصالهم ببعضهم البعض حتى يكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه أزر بعض، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم عن حماية المصالح الوطنية، وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازاً وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم لبناء مجتمع يجدون في كنفه الأمن والاستقرار.


تضييق الحريات.. هدم للأسس

اسمح لي القول بأن كل ما ذكرته غير ممكن في ظل إعلام موجه من جهة، والتضييق على حرية التعبير والرأي من جهة أخرى والتشكيك في الانتماء الوطني لشريحة كبيرة من المواطنين، بل والسكوت عن مخاطر وخطابات وإعلام يدمر الوحدة الوطنية؟

- الحقيقة أن الإعلام يعتبر السلطة الأولى في أي دولة من الدول من حيث التأثير على الرأي العام وتوجيهه، وقد أثبتت الأحداث التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط كيف لعب الإعلام دوراً سلبياً في بعض المناطق وإيجابياً في البعض الآخر لتحقيق غايات محددة، وما أريد أن أشير إليه هنا أن الإعلام له من يدعمه في أهدافه وأغراضه واستراتيجياته وفقاً لهوى الداعمين الأساسيين لهذا الإعلام وبالتالي لا يمكن مواجهته إلا بالإعلام الموضوعي المضاد والمستقل.

إن ما أريد أن أؤكده في هذه الجزئية أن الطريق إلى صيانة الوحدة الوطنية إنما يكمن فى ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح القائم على حرية التعبير التي تؤسس الدول على ضوئها مجتمعاتها صوناً لتفاعل مواطنيها معها بما يكفل تطوير بنيانها، وإن أهم هدف لحرية التعبير هو بناء دائرة للحوار العام في إطاره الوطني، فلا يكون التعبير عن الآراء المختلفة حائلاً دون مقابلتها ببعض وتقييمها، مهما خالفت آراء البعض على أن يكون قوامها مرتبطاً بالوطن، وغايتها مصالحة وأساسها وطني بكل المقاييس والأعراف.


معايير وأسس الحوار

هناك مفاهيم موضوعية ودستورية للحوار، لكن على أن تكون مدعومة بنية صادقة من جانب السلطة.. اليس كذلك؟

- الحقيقة التاريخية المستقرة، هي أن الحوار هو الأداة التي ساهمت دائما في إحلال الأمن والسلم أثناء الحروب الكبرى والأزمات الوطنية، وما كانت لتنتهي إلا بالحوار، وعلى أساس هذه المفاهيم الموضوعية والدستورية نتفاءل بمستقبل يحقق فيه الحوار الوطني ما لم يحققه العنف والقوة الأمنية والتلاعب بالأزمة الوطنية في لعبة إقليمية دولية لها مخاطرها الظاهرة والباطنة، فالمرحلة تتطلب من الجميع التحلي بروح المسئولية التاريخية لتجاوز هذه الحلقة المفرغة ليقل البحرين إلى مرحلة جديدة متقدمة تليق بمكانة شعبها وسيادتها.

كما قلت سابقاً، علينا في هذه المرحلة وعلى القوى السياسية وجميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية والحوار أن تنتهج استراتيجية تغليب الجانب الوطني على الجانب السياسي في التعاطي مع الوضع العام في معالجة الأزمة السياسية، فالحوار يفترض أن يؤدي في أهدافه إلى المصالحة الوطنية، والمصالحة الوطنية في هذه المرحلة من مراحل تاريخ البحرين أصبحت هدف استراتيجي لإعادة الاستقرار الاجتماعي والوحدة الوطنية وتعزيز السيادة الوطنية، وأهميتها تكمن في انطلاقها من قاعدة صلبة، وهي أن الوضع أصبح يشكل خطراً على النسيج الاجتماعي لشعب البحرين، والاقتصاد الوطني والسيادة الوطنية ومستقبل السياسة العامة في البحرين، وان الحوار وإعادة الاستقرار مسألة لا تتعلق بالقوى السياسية والحكومة فقط، وإنما تتعلق بكل أطراف هذا الوطن بما فيها القطاع الاقتصادي والوضع الاجتماعي والسياسي مرتبط بهذا الحوار وإعادة الاستقرار الذي هو قاعدة أساسية لكل العناوين، فالجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي لا يمكن تطويره وتنميته إلا بالاستقرار.


إبعاد نظرة التخوين والتشكيك

وماذا إذا افترضنا أن هناك أطرافاً في المجتمع لا تؤمن أصلاً بتحقيق تطلعات الشعب المشروعة، وكأنها تتحدث بلسان السلطة؟

- الحقيقة إنه ليس هناك نظام لا يعمل على استمرار وجوده وليس هناك مجتمع لديه الرغبة في وأد قيمه ومبادئه وترابطه الاجتماعي وخاصة في البحرين التي عاش الشعب فيها في أحلك الظروف جسداً واحداً على اختلاف مذاهبه ومشاربه الفكرية والسياسية لأننا جميعاً نتطلع إلى وطن يضم الجميع ويهتم بالجميع، وإن الخلافات السياسية مهما علت درجاتها يجب ألا تكون فوق الوحدة الوطنية والصف الواحد لمجتمع البحرين فليس هناك مواطن يطالب بحقوق فردية بل الحقوق للجميع بثوابت وأطر وطنية، وعلينا أن نؤكد أن المشاركين في أي حوار وطني جميعهم مواطنون مخلصون لهذا الوطن ولا يمكن المساومة على وطنيتهم بأي حال من الأحوال. فإذا أردنا جوهر الإصلاح والحوار حقيقةً فإنه يجب علينا أن نبعد في تأسيسنا للإصلاح عن نظرة التخوين والتشكيك، فالحق واضح والباطل واضح وما بينهما هو خيانة للوطن، فليس كل من تغنى بالوطن وطني وليس كل من اعترض وعارض خائن للوطن، فجميعنا في نهر هذا الوطن، فمنا المتقدم ومنا المتأخر، ولكننا نبقى في هذا النهر بثوابت وطنية في رحلة بلا نهاية.

فالحوار الهادف إلى إعادة الاستقرار والنظام في الدولة، لابد أن يكون قائماً على محاور وأطر سياسية وقانونية محددة، وأن يأخذ بعين الاعتبار ما تمر به المنطقة من تغييرات وسياسات ستعي الشعوب أساسها وأهدافها في المستقبل، وأن نهج هذا الحوار يتطلب أن يغلب فيه الجانب الوطني على الجانب السياسي، فإننا كقانونيين مثلاً قد نجد بعض المسائل أو بعض القضايا من الناحية القانونية مضمونة الكسب، إلا أنها من ناحية سياسية ووطنية أو اجتماعية ستكون لها آثار سلبية، مما يستدعينا في هذه الحالة تغليب الجانب الوطني على الجانب المهني في التعامل مع هذا النوع من القضايا والمسائل التي لها آثارها السلبية السياسية والاجتماعية على المستوى الوطني.

هنا نقطة مهمة أيضاً، مع العلم أن القوى السياسية المعارضة مازالت متمسكة بالحوار، إلا أننا نعلم أن البعض قد ينتقد مبدأ الحوار ولكن علينا في هذه المرحلة الحرجة اتخاذ قرارات تهم المصلحة العامة بقراءة متوازنة للظروف الإقليمية والدولية والخطط (غير المعلنة)، وذلك لايجاد الأمن والاستقرار للتطوير والتنمية للمصالح الاساسية التي تمس حاجات المواطن الرئيسية في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وعلى البرلمان الذي يمثل الروح الجماعية للمجتمع وإرادته الجماعية أن يكون الرقيب والساهر على ضمان تنفيذ وتحقيق هذه المسائل التي تمس كيان المجتمع البحريني، كما أن الحوار من جانب آخر هو وسيلة مهمة يجب على القوى السياسية والشعب والحكومة استخدامه بشكل دائم ليس في أوقات الأزمات والحوادث ولكن حتى في زمن الرخاء والاستقرار، ذلك أن الحوار في ذاته عملة ذات وجهين. فهو قياس للرأي العام الشعبي يفيد الحكومة في تواجهاتها وسياساتها العامة، ومن جانب آخر فهو أداة شعبية فعالة للتواصل بين القاعدة الشعبية والقيادة دون وسيط.

العدد 3612 - الجمعة 27 يوليو 2012م الموافق 08 رمضان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:30 ص

      حوار قوي

      حوار قوي شكراً للوسط.. نريد المزيد من الحوارات التي تبين للطرفين: الموالاة والمعارضة أين المشكلة بالضبط مع السلطة..

    • زائر 3 | 4:43 ص

      حوار قوي جداً

      صراحة الحوار قوي جداً ......، وعموماً القوى السياسية تريد أن يكون للحوار أساس قوي ومعنى حتى نخلص البلد من أزماته ومشاكله، ومن يقول أن المعارضة اخطأت بوضع شروط؟ لا والله ما اخطأت ابداً لأن الحوار أصلاً لا يقوم بين قوي وضعيف فالمعارضة وضعت شروطاً تضمن لها أن السلطة ستنفذ ما يتم الاتفاق عليه وليس كما السنوات السابقة شكراً للاستاذ سعيد محمد

    • زائر 2 | 1:55 ص

      الحوار الوطني

      نبارك للبحرين ان يكون من أبنائها كوادر متميزة ولديها القدرة في حمل هموم أبناء وطنها وتحليل الوضع السياسي بمنتهى الموضوعية والرقي في الأسلوب نتمنى ان يكون ا.محمد من اعضاء لجنة الحوار القانونية المقترحة لتقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف لنقل المطالب الشعبية ، نتمنى ذلك وان يتم العمل في هذا الاتجاه

اقرأ ايضاً