إذا كان الأوكسجين غازا «بلا طعم ولا لون ولا رائحة، فكيف نعرف أنه موجود أصلا»؟ وكيف يمكن قياس نسبته في الدم؟ هناك طريقتان أساسيتان لمعرفة نسبة الاوكسجين في الدم، إحداهما «سهلة جدا» وغير مؤلمة لكنها لا قد تكون غير دقيقة في بعض الاحيان، والأخرى أكثر دقة وإن كانت مؤلمة بعض الشيء.
في العام 1935، ابتكر أحدهم أول جهاز لقياس نسبة تشبع هيموغلوبين الدم بغاز الأوكسجين. اعتمد الجهاز على مرشحات للضوئين الأحمر والاخضر، والتي استبدلت فيما بعد بمرشحات للاشعة الحمراء وما تحت الحمراء (Infrared). تم تطوير هذا الجهاز كثيرا عبر السنوات، حتى نزل في الأسواق العام 2009 جهاز يعمل عن بعد (Bluetooth-enable)، وبالتالي يمكن الطبيب من مراقبة المريض حتى في المنزل عن طريق ما يسمى (home telemedicine).
يتساءل البعض عن معنى نسبة تشبع الدم بالأوكسجين أو أكسجة الدم. كما شرحنا في المقال السابق، ترتبط جزيئات الأوكسجين بجزيء الهيموغلوبين وهو الصبغة الموجودة داخل كريات الدم الحمراء. إذا كانت نسبة الأكسجة (Oxygen Saturation) مثلا «95 في المئة، فهذا يعني أنه من بين كل 100 جزيء من الهيموغلوبين، فإن 95 جزيئا» يكون مرتبطا «بالأوكسجين والباقي لا يكون مرتبطا» به. تختلف النسبة الطبيعية لأكسجة الدم بحسب عوامل معينة كارتفاع الشخص فوق مستوى سطح البحر والعمر وحالة الرئة، وتعتبر النسبة مابين 95- 100 في المئة طبيعية بالنسبة لمعظم الناس. يوضع جهاز قياس نسبة الاكسجة (أوكسيميتر) على طرف الإصبع أو الإذن، ويعطينا نسبة الاكسجة ومعدل نبض الدم. الجميل في هذا الجهاز أنه يمكن استخدامه في كل مكان كالمستشفى، والمنزل، والطائرة بسبب سهولة استعماله وصغر حجمه. ومن ميزات جهاز قياس نسبة الأكجسة أنه لا يسبب أي ألم ولا يتضمن استخدام إبر تغرز في الشريان. على الرغم من استخدامه على نطاق واسع في جميع المشافي، إلا أننا يجب أن نعرف محدودية استعمالاته والعوامل التي تؤثر على دقة القراءة. يقيس هذا الجهاز نسبة تشبع الهيموغلوبين في الدم فقط، ولا يمكنه قياس نسبة ثاني أكسيد الكربون. هناك بعض أمراض الرئة التي يصاحبها ارتفاع في نسبة ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى نقص الأوكسجين في الدم. مثل هذه الحالات لا يمكن تشخيصها باستخدام هذا الجهاز فقط. هناك بعض حالات نقص كمية الأوكسجين في الدم والتي تكون نسبة التشبع فيها طبيعية، كفقر الدم والتسمم بالسيانيد وغاز أول أكسيد الكربون. ولكي تكون قراءة نسبة التشبع دقيقة، يجب مراعاة بعض العوامل كدرجة الإضاءة مثلا» أو وجود مادة عازلة على الأظافر. وقد يتذكر البعض ممن أجروا عمليات جراحية، أنه يطلب منهم عدم وضع طلاء على أظافرهم وذلك لعجز هذا الجهاز عن إعطاء قراءة دقيقة لنسبة التشبع مع وجود طلاء الأظافر.
تتضمن الطريقة الأخرى لقياس نسبة الأوكسجين في الدم ومدى التشبع، أخذ عينة دم من أحد الشرايين، وتحليل هذا الدم عبر جهاز خاص لا يتوافر في كل مكان، وإنما يوجد في أماكن معينة فقط كقسمي الطوارئ والعناية المركزة. يمكننا هذا الجهاز من قياس نسبة الأوكسجين، درجة التشبع، نسبة ثاني أكسيد الكربون، نسبة البيكربونات، درجة الحموضة، نسبة أول أكسيد الكربون ونسب أخرى كثيرة بحسب نوع الجهاز وإمكانياته. تتطلب هذه العملية غرز إبرة في أحد الشرايين، وغالبا» ما يكون في الذراع، لذا تكون العملية مؤلمة بعض الشيء.
لماذا نحتاج لقياس نسبة الغازات الشريانية (Arterial Blood Gases)؟
- درجة الحموضة (pH): يحتفظ الجسم بدرجة حموضة ثابتة تقريبا في وجه الكثير من العمليات الحيوية والأطعمة التي يمكن أن تغير من هذه النسبة. هناك بعض الامراض التي يمكن أن تغير درجة حموضة الدم فيصبح إما أكثر قلوية أو أشد حموضة. يسبب مرض السكر، والفشل الكلوي والتسمم بالأسبرين زيادة حموضة الدم، أما الاستفراغ المتكرر فيسبب زيادة في درجة القلوية.
- نسبة الأوكسجين ودرجة التشبع (SO2 and PO2): وذلك لاكتشاف نقص الأوكسجين في الدم. تعتبر هذه الطريقة أكثر دقة وشمولية من جهاز الأوكسيميتر ولا تتأثر بعوامل كدرجة الإضاءة أو طلاء الأظافر.
- نسبة ثاني أكسيد الكربون (PCO2): وهي ضرورية لتشخيص بعض الأمراض كتلك الناتجة عن التدخين، ضعف عضلات التنفس أو التسمم بالمخدرات، والتي ترتفع فيها نسبة ثاني أكسيد الكربون بالإضافة إلى نقص الأوكسجين.
- نسبة أول أكسيد الكربون: ترتفع هذه النسبة عند المدخنين، والمتعرضين لاستنشاق عوادم السيارات والحرائق. لا يمكن تشخيص التسمم بهذا الغاز باستخدام جهاز قياس نسبة الأكسجة وحده، بل يجب أخذ عينة دم شرياني.
- البيكربونات (HCO3): تتغير نسبة البيكربونات في الدم بسبب أمراض مختلفة إما زيادة أو نقصاناً. تعتبر البيكربونات المادة القلوية الرئيسية في الدم والتي تحافظ على درجة الحموضة ثابتة نسبيا في وجه الأحماض التي تدخل دمائنا عن طريق الطعام أو العمليات الحيوية.
الآن وقد عرفنا أسباب نقص الأوكسجين في الدم وطرق قياس هذه النسبة، سوف أحدثكم في المقال القادم عن طرق العلاج المختلفة.
إقرأ أيضا لـ "نهاد نبيل الشيراوي"العدد 3611 - الخميس 26 يوليو 2012م الموافق 07 رمضان 1433هـ
طلة بهية
طلة بهية من الدكتورة
ولك الأجر في نشر العلم لأن مجالس العلم عبادة
HEYYYYYY
halleh habibaty
MUNAWARAH
مع احترامنا
مع احترامنا للدكتورة البطلة نهاد، طريقة عرض الموضوع تذكرنا بكتب الاحياء او الكيمياء وبالتالي لاتجذب القاريء. في عصر التكنولوجيا خير الكلام ما قل وذل.. هذا لايقلل من قيمة المقال العلمية