مصائب بلدنا تختصر بـ «احنه بخير»، وبين تلك الكلمتين تقبع ابشع مصائبنا، في معظم البلدان العربية اعتاد المسئولون ترديد هذه الكلمات بصوت مسموع لمن يهمه الامر فيما تصرخ الشعوب وتجوع وتهان وتموت وتبكي وتتوجع ونبقى رغم ذلك حبيسين لكلمة «احنه بخير».

اعذروني، لسنا بخير، حين يأتي رمضانٌ آخر ومازال عدد من المفصولين معلقين، لم ترجعهم توصيات بسيوني ولا توجيهات المسئولين وكأن امرهم ليس مرتبطاً بما حدث ومازال يحدث وسيحدث ان استمر تعاطي المسئولين بلامبالاة مع ما يدور.

لسنا بخير، لأن احدهم تفاخر منذ سنوات بأن جميع البحرينيين فوق خط الفقر فيما الواقع يروي حكايات الألم والجوع، وتوجع المحروم، وضيق الدور، لأن من قال ذلك لم يدخل مساكن البحرينيين ليعرف معاناتهم، ولم يستمع لأحلامهم ليعرف كيف تذبح الطموحات بمقاصل الحرمان، لأننا نتحدث اكثر مما نعمل، ونفاخر اكثر مما نعطي، ولا ننتبه لجيراننا لنعرف كم يسبقونا من سنوات وطنية وانسانية، لأن الأرملة لدينا تعطى ثلاثين ديناراً مفترضين انها تكفي ونفاخر بذلك، فيما دول الخليج الاخرى تقدم اضعاف هذا المبلغ الوضيع لكل ارملة ما يكفيها لتعيش كريمة، لأن الأرملة لدينا تحرم علاوة الغلاء لعدم وجود اولاد صغار فيما هي احق بها ويضاف ذلك للمكرمات التي يفاخر بها المسئولون ويشقى في واقعها المواطن.

لسنا بخير حين يكبر ابناء المواطن وهم ينتظرون بيتاً يبنون به جدران ذكرياتهم فيصطدمون بالواقع والاجراءات والتعقيدات وقوائم الانتظار وارتفاع الاسعار والحاجة الى كم من المعجزات للحصول على بيت يكون سكناً لأرواحهم المتعبة من عناء الجري وراء الحاجة.

لسنا بخير حين تعجل المحاكم بسجن البعض وإصدار أحكام قاسية بحقهم وتركهم للمجهول والانتظار وحبال المشانق تتدلى امامهم ليلاً نهاراً فيما تطول محاكم آخرين ارتكبوا جرائم بحق المواطنين وتسببوا بموتهم وعذابهم وانتهكوا القوانين وتجاوزوا الاعراف الانسانية، لسنا بخير حينها لأن العدالة ليست منصفة، ولا تقف على مسافةٍ واحدة بين جميع المواطنين.

لسنا بخير لاننا نتشدق بالحوار منذ عامٍ ونصف فيما نغرق في الطائفية والفئوية والمصالح،

لسنا بخير لأن اولادنا لم نعد نأمن عليهم فكرياً وثقافياً وإنسانياً أيضاً في وزارة انغمست كلياً في الطائفية، فتعين على الطائفة وتوقف على الطائفة وتقرب وتبعد وفق الطائفة فيما معايير القدرة والكفاءة مغيبة الى اجلٍ غير معلوم.

لسنا بخير فما جاهد الشعب للحصول عليه منذ عقدين باختصار مطالبه في برلمان جاء معوقاً فاقد الاهلية واصبح عبئاً على موازنة الدولة التي كان الاولى ان تصرف تلك المبالغ لأبناء الشعب لا لأفراد غير قادرين على استجواب مسئول فكيف بتغيير واقع دولة.

نحن لسنا بخير ايها السادة، فكفوا عن ترديد هذه الكلمة، وتذكروا وانتم على موائد افطاركم كم من امم امثالكم يغصون باللقمة لأن احبتهم غيبتهم السجون ظلماً، او شردتهم الحاجة من أوطانهم قهراً، او لكثرة الحرمان وعبرة الحاجة، رمضان ليس شهراً للعبادة فقط بل لتطهير النفس فاتقوا الله.