لا يختلف الدارسون فيما يتوافر عليه رصيد الإسلاميين من نظريات مؤصلة ورؤى معمّقة في ما يصطلح عليه بفقه الأولويات، هذا وإن الإسلاميين، وخاصة في مصر وتونس، وبدرجة أقل في بعض البلدان الأخرى التي حصلت فيها تحولات ديمقراطية جذرية أو جزئية، في أشدّ الحاجة إلى حسن التعامل مع اللحظة التاريخية التي منحتها إياهم ثورات الربيع العربي. إنهم بحاجة إلى أسس جديدة للتعاطي مع الوضع الجديد بكلّ حنكة ومعرفة الأولويات وتقديم الأهمّ على المهمّ.
ونظراً إلى التنوع الفكري والإيديولوجي والاجتماعي والسياسي الذي تتوافر عليه بلدان الربيع العربي؛ فإنّ قبول الآخر يصبح من الضرورة والأولوية بمكان حتى لا تُرمى القيادات الإسلامية وخاصة في مصر وتونس، محط الأنظار، بالتفرّد بالرأي. وفي هذا السياق يقول الباحث الاجتماعيّ سليمان الأمين: «من فرائض الراهن المتأكدة مستتبعات الحريّة باعتبارها المقصد السادس للشريعة وفق اجتهاد العلامة ابن عاشور (رحمه الله) وهي من مرتكزات البناء الصحّي الآمن لمجتمع يشارك الإسلاميون مع إخوانهم ورفاقهم بني وطنهم بإيجابية وصدق وبلا خلفيات عداء أو استصغار أو تخوين في تشييده وتطويره».
لذلك؛ فإن من الضروري على الإسلاميين وقد منحتهم الجماهير أصواتها بكلّ حرية أن يحافظوا على هذه الحرية وأن يكونوا حماة بناة لها، من هنا وجب ترسيخ تقاليد التحاور البنَّاء والتعايش الخلاَّق والاعتراف بكل لون سياسي.
صحيح أن الإسلاميين صبروا وقدموا تضحيات مريرة في تونس ومصر وسورية، لكن ذلك لا يشرع لهم الاستئثار بالرأي واحتكار القرار، فهم أكثر من يعلمون المقولة المأثورة: «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب»، وهذه المقولة بوابة التواصل بين الفرقاء مهما بعدت بينهم الشقة.
لقد وهبت الثورات العربية فرصة للإسلاميين كي لا يكرروا ما كانوا منه يعانون: الإقصاء والتهميش، فطويلاً ما وصمتهم الأنظمة الجائرة سابقاً بالرجعيين والمتشددين والظلاميين والطائفيين... لذلك من الطبيعي أن يقع الابتعاد عن نعت المخالفين بالعلمانيين والملحدين وغيرها من الوصمات، ذلك أنه إذا كان الإسلاميون بشراً لا ملائكة فإن الآخرين من المعارضين والمخالفين ليسوا شياطين.
إن فتح قنوات الحوار وإشراك الآخر بنسبة أكبر في الحياة السياسية لتأمين المرور من المرحلة الانتقالية لا ينقص من حق الإسلاميين في ممارسة السلطة التي منحتها إياهم صناديق الاقتراع، بل إن مما يزيد من اقتناع عامة الناس، ممن اختاروهم أو ممن لم يختاروهم في الانتخابات، هو ما يشهدونه على أرض الواقع من ممارسة فعلية للتصريحات المطمئنة أثناء الحملة الانتخابية. وليس من مصلحة الإسلاميين في شيء إعادة حبك مظلمة ضد من يخالفهم الرأي أو استعداء أي طرف، وإنما على القضاء المستقل النزيه أن يلعب دوره في محاسبة من تورّطوا في نظم الفساد التي اقتلعتها الثورات العربية من دون رجعة.
إن عودة الإسلاميين بعد طول ابتعاد؛ يأمل منه المتفائلون خيراً كما ينتظر الآخر الغربي ويعد له السيناريوهات المختلفة للتعامل معه؛ أمّا انتظارات البلدان الغربية فمختلفة باختلاف مصالحها والحديث فيها يطول، وأمّا المتفائلون خيراً فإنهم يأملون من الإسلاميين تجديد الخطاب الديني الاجتماعي الحياتي وفق فقه الأولويات بنظرات اجتهاد متقدمة، وأن يواصلوا في مسيرة فتح باب الاجتهاد لمعالجة قضايا القرن الواحد والعشرين.
إن الإسلاميين اليوم ما هم إلا طرف من الأطراف المهمة في برنامج إعادة إعمار وبناء الدولة الحديثة ولن يتسنّى لهم ذلك بالتفرد في الحكم أو إقصاء الآخر، وإنما ذلك يزيدهم استهجاناً بل يحققون هذه الرسالة النبيلة بتشريك الآخر وتحميله مسئولية المرحلة الانتقالية.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 3608 - الإثنين 23 يوليو 2012م الموافق 04 رمضان 1433هـ
احتمالات
كل ما كتبت استاذي يبقى من الاحتمالات السابقة لأوانها ان لم اقل متفائلا هي من اضغاث الاحلام التي يمني الانسان التونسي/المصري النفس بها ولكن هيهات صديقي :
الإسلامي الذي دافع عن المبدإ ودافع عن حقه في التدين اصبح اليوم يطالب بالتعويض ونسي في ظل ذلك ان الدفاع عن المبدإ لا يكسبه بالضرورة حق الجلوس على الكرسي
العطلة فرصة لتعرفهم أكثر
واتمنى ان تكون العطلة قد جعلتك تقترب اكثر من الوضع السياسي القائم في البلاد
ومع امنيتي ان تقضي عطلة آمنة
صديقك على الدوام
شكرا لك يا سليم
هي نصائح
كنت اتمنى ان يكون الوضع افضل مما هو عليه ولكن تبقى نصائحك مدرجة ضمن ما يجب ان يكون وما هو كائن انت اليوم اكثر الناس علما به
لا بد من الحوار
إن فتح قنوات الحوار وإشراك الآخر بنسبة أكبر في الحياة السياسية لتأمين المرور من المرحلة الانتقالية لا ينقص من حق الإسلاميين في ممارسة السلطة التي منحتها إياهم صناديق الاقتراع،
الإسلاميون في الحكم
يتساءلون من الإسلاميون
وهل كل مسلم هو بالضرورة إسلاميّ
أسئلة يحتاج القارئ العادي لفهمها وتوضيحها
هذا ضروري جدا
إنّ قبول الآخر يصبح من الضرورة والأولوية بمكان حتى لا تُرمى القيادات الإسلامية وخاصة في مصر وتونس، محط الأنظار، بالتفرّد بالرأي.
مهم جدا
لذلك؛ فإن من الضروري على الإسلاميين وقد منحتهم الجماهير أصواتها بكلّ حرية أن يحافظوا على هذه الحرية وأن يكونوا حماة بناة لها، من هنا وجب ترسيخ تقاليد التحاور البنَّاء والتعايش الخلاَّق والاعتراف بكل لون سياسي.