إرهابي، جهادي، كاره للنساء، بنّي اللون، ملتحٍ، معادٍ للأميركيين. تلك هي التعابير والصور المرتبطة في الغالب بالرجال المسلمين في أميركا. يقوم تصنيف لمقالات عن سِيَر ذاتية بأقلام رجال مسلمين أميركيين عنوانه «أميركيون بالكامل: 45 رجل أميركي مسلم حول كونهم مسلمين»، بتقديم سلسلة من المقالات الشخصية التي تجابه هذه الافتراضات والصور النمطية.
هذه النظرة القريبة والشخصية في حياة المسلمين الأميركيين هي ثاني وجبة في سلسلة «أتكلم نيابة عن نفسي»، وهي سلسلة من المجموعات الأدبية للسرد عبر الديانات والثقافات. ركّز الكتاب الأول على قصص النساء الأميركيات المسلمات.
تشرح زهرة سوراتوالا، المحررة المشاركة لكلا الكتابين عن الإلهام وراء هاتين المجموعتين الأدبيتين قائلة إنه «كان هناك الكثير من الناس على ما يبدو يتحدثون عن ما هو الإسلام، وعن ماهية المسلمين. ولكن العديد منهم لم يبدوا مسلمين أنفسهم. سعينا لملء ما رأينا أنه فجوة واضحة في الحوار عن الإسلام والمسلمين».
ويكتب وجاهة علي، المحررة المشاركة لكتاب «أميركيون بالكامل:45 رجل أميركي مسلم حول كونهم مسلمين»، في مقدمته أن المشاركة بقصص شخصية هي الأداة الفضلى، ولها أقوى أثر في التعامل مع مجالات يكون فيها الحوار صعباً. ويشير مستشهداً بالآية القرآنية:«يا أيها الذين آمنوا إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا» (الحجرات:13) إلى أن «التعارف» غالباً ما يحصل من خلال التشارك في التجارب الشخصية، وهو ما يفعله كل كاتب مقال في هذا الكتاب.
ويضم الرجال الذين يقدمهم الكتاب «جيسون موي» وهو محامٍ في مكتب القاضي العام للجيش الأميركي، و»حسن منهاج» وهو ممثل هزلي، و«عامر أحمد» المسئول المالي لمدينة شيكاغو، و«مارك غونزاليس» الشاعر والتربوي، و«شاهد أمان الله» المستشار الأقدم للممثل الخاص للمجتمعات المسلمة في وزارة الخارجية الأميركية، و«كمران باشا» كاتب السيناريو والمخرج، و«مايكل محمد نايت» الروائي، و«سهيل خان» المحامي ورئيس لجنة الشمول المحافِظة.
الرجال الذين يقدمهم هذا الكتاب أزواج وآباء وإخوان وأبناء محبّون، ألوانهم بنية وسوداء وبيضاء وجميع الأطياف بينها. يكتب بعض الرجال عن كفاحهم مع الإيمان في مراحل مختلفة من حياتهم. يتشارك آخرون بكفاحهم وهم يكبرون في أميركا أو عندما أتوا إليها، بينما ينظر آخرون في الإلهام الذي وجدوه في الجوانب المتشابكة من هوياتهم الأميركية المسلمة. ولا يرى أي واحد منهم الإيمان كتناقض مع كونهم أميركيين. يرغب الجميع بوضوح، ويعملون بجد لتحقيق حلمهم الأميركي الخاص بهم.
على سبيل المثال يكتب خالد بيضون وهو محامٍ أميركي عربي عن التغلب على المحن، وعن طفولته وهو ينشأ في ديترويت بولاية ميشيغان في منزل مع أحد والديه فقط، معتمداً على المعونة الحكومية. ويصف كيف كافح أكاديمياً كطالب ورسب في السنة الأولى في المدرسة الثانوية، مما أضطره لحضور المدرسة الصيفية التي أصبحت نقطة تحول لنموه الأكاديمي والشخصي. يرتكز مقاله على خطاب يلقيه اليوم على الطلبة في ديترويت، حيث يواجه العديد منهم نفس النضال الذي واجهه هو.
«يُنظَر إلى المسلمين على أنهم نموذج للأقليات في أميركا»، حسب قوله. «لقد نجحوا اقتصادياً في معظم الحالات. قصتي تروي سرداً بديلاً، بأن هناك أميركيين مسلمين اضطروا لأن يكافحوا، حيث لا يأتي جميعهم من أسر غنية».
يكتب محمد جيرالديز، وهو فلبيني أميركي وصاحب أعمال ريادي عن التغلب على صعوبات مالية وشخصية شديدة، وهو ينشأ ضمن أسرة من المهاجرين، ونضاله الروحي بعد ذلك للحصول على قبول أسرته له بعد أن تحوّل إلى الإسلام أثناء السنة الجامعية الثالثة. وهو أيضاً يأمل أن يتمكن من إلهام هؤلاء الذين يقرأون قصته للتغلب على التحديات التي تواجههم في الحياة، وفهم أنه ليس جميع المسلمين الأميركيين متشاركون في السرد نفسه، كما يفترض الكثيرون على ما يبدو.
«أريد ممن يقرأ هذا المقال أن يرى أن المسلمين ليسوا وحدة جامدة»، يقول جيرالديز، ويضيف قائلاً:»الجالية الأميركية المسلمة ملونة فعلياً، وتلوين جالية كاملة بضربة فرشاة واحدة واسعة أمر خاطئ».
يشارك هذا الشعور بالإحباط من المفهوم السائد أن جميع المسلمين متساوون كل واحد من المساهمين في الكتاب. لقد طال سرد قصتهم، قصة الرجل الأميركي المسلم، من قبل الآخرين. هذا الكتاب هو فرصتهم لأن يتكلموا نيابة عن أنفسهم وأن يسردوا قصتهم للآخرين.
لا يغطي كتاب «أميركيون بالكامل» بأي أسلوب كان التنوع المعقد للرجال المسلمين بشكل كامل. إلا أنه يقدم نظرة معمقة فريدة لا سابق لها لحياة الرجال المسلمين الأميركيين في ما وراء العناوين.
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3606 - السبت 21 يوليو 2012م الموافق 02 رمضان 1433هـ