تعزف بعض الفرق من أجل المال، بينما تأمل فرق أخرى بالحصول على الشهرة التي تأتي مع أغنية تتربع على قائمة أفضل الأغاني. ورغم إغراءات الشهرة والثروة التي تحفّز الكثير من الموسيقيين، هناك مجموعات تلهمها الموسيقى فقط، والفرصة بالمشاركة برسالتها القوية.
«ديبي» (Debu)، الفرقة الموسيقية المكونة من 15 عازفاً وفناناً من الولايات المتحدة وإندونيسيا، هي واحدة من الفرق التي لديها هذه الرسالة. «لأننا مسلمون، وترتدي النساء في فرقتنا الحجاب، يضعنا الناس بشكل طبيعي في خانة من يؤلف الموسيقى الإسلامية»، يشرح مصطفى «ولكننا لسنا فرقة مسلمة، نضع أنفسنا في خانة فرق الموسيقى العالمية، لأن رسالتنا هي للعالم».
تدمج موسيقى ديبيو، وهي كلمة إندونيسية معناها «الغبار»، الشرق مع الغرب، فبالإضافة إلى آلات الغيتار والإيقاع العميق، والموسيقى الإلكترونية، تستخدم ديبيو كذلك آلة الباغلاما التركية، والعود والسنتور الإيراني، والقانون الشرق أوسطي، وقسم للإيقاع يضم الطبول الهندية والبيروانية، والفارسية والعربية، والتركية والغربية. ويمكن فهم اندماج ديبيو الفريد بقوة، عند الإصغاء إلى الفرقة في انطلاقها الكامل.
يقول المنشد الرئيسي ومؤلف الأغاني، ومنسق موسيقى ديبيو مصطفى داوود «لم نكن في الأصل فرقة حقيقية».
يتبع أعضاء الفرقة التقاليد الصوفية الإسلامية، كما يشرح مصطفى «الصوفيون ينشدون كتقليد، لذا كنا نجلس معاً جميعاً، ونغني لمدة ست إلى ثماني ساعات في اليوم»، يقول الموسيقي البالغ من العمر 30 سنة «بعد نحو السنتين تعلمنا بعض المهارات الموسيقية، ثم بدأ الناس يطلبون منا العزف والغناء، وبعدها انطلقنا».
عبرت الفرقة منذ تلك اللحظة رحلة لا تصدّق، بعد اثنتي عشرة سنة وسبعة ألبومات، عزفت ديبيو أمام جماهير في إندونيسيا، وماليزيا، وتركيا، والجزائر، وسنغافورة، وبروناي، وإيران، وكندا.
يقول مصطفى، الذي يشارك والده وابنه في الفرقة، حيث يكتب الأول الشعر لموسيقى الفرقة، ويعزف الثاني على الكمان، إن رسالة ديبيو مرتبطة بنفس الفكرة، بغض النظر عن المكان الذي تعزف الفرقة فيه «الموضوع هو رسالة الحب العالمية، حول معاملة الآخرين بالاحترام، والعيش بتناغم، حتى رغم كوننا من خلفيات متنوعة، تماماً مثل المثل القائل «عندما تبتسم إلى العالم يبتسم العالم لك»، عندما نغنّي للعالم يغني العالم لنا، أي مكان نذهب إليه نحصل على نفس التجاوب، يستقبلوننا دائماً بأسلوب في منتهى الجمال».
يرن صدى هذه الرسالة في إحدى أغنيات الفرقة الجديدة «صلاة كل إنسان»، التي يغني فيها مصطفى قائلاً:»طهروا قلوب بني البشر، اغفروا لكل امرأة ولكل رجل، أنعشوا كل قلب مات أو أصيب بالعمى، حوّلوا كل طاغية في كل بلد وأرض».
«بالطبع، نحن ننادي الناس إلى جمال نراه في الإسلام، ولكننا ندرك أن نظرتنا ليست بالضرورة كيف يرى الآخرون الإسلام»، يقول مصطفى»عندما ذهبنا إلى كندا أخذْنا رسالتنا الجوهرية معنا، وشاركْنا الناس بها، كان التجاوب جميلاً».
تجتذب ديبيو، التي تتسامى موسيقاها على الحدود والثقافات والمواقف، المسلمين وغير المسلمين على حد سواء. سجلّت الفرقة ألبومات بالإنجليزية والعربية والصينية والإندونيسية، والفارسية والإسبانية والتركية والإيطالية.
لدى ديبيو قاعدة من المعجبين تمتد عبر العالم، و»يحب» 55,000 شخص صفحتهم على الفيسبوك (وهو عدد يقول أعضاء الفرقة أنه نما بدون أي ترويج)، اجتذبت ديبيو من خلال موسيقاها جمهوراً متنوعاً.
على سبيل المثال، اجتذبت موسيقى ديبيو مصطفى، البالغ من العمر 25 عاماً من بورتوريكو «أحب فرقاً أمثال ميتاليكا وأنواع الروك الثقيل، ولكنني أعتقد كذلك أن ديبيو عظيمة، لأنهم يستخدمون آلات من جميع أنحاء العالم، ويحاولون دمجها جميعاً في صوت واحد»، ويضيف «بالنسبة لي، موسيقى ديبيو هي عن رسائل الحياة الإيجابية».
ويقول أندي الإندونيسي البالغ من العمر 38 سنة، والمعجب بالفرقة منذ تأسيسها إن «كلمات أغانيهم لها روح حقيقية، وأحب كيف يأتون بتأثيرات موسيقى البوب والجاز إلى الخليط الموسيقي».
عزفت ديبيو كذلك في مناسبات حوار الأديان في إندونيسيا، وهي دولة فيها غالبية مسلمة من السكان، ولكنها تعترف كذلك بالمسيحية، والهندوسية، والبوذية، والكونفوشيوسية، وقد دُعيَت للأداء في مناسبة مماثلة في أستراليا.
جوهر عمل الأديان، هو بناء علاقات أقوى بين الناس بين ديانات مختلفة، هو أمر يعتبره مصطفى جزءاً مهماً من كينونة ديبيو.
«رسالة الصوفية عن المحبة العالمية هي رسالة للجميع»، يشرح مصطفى «إنها عن الوصول في حالة معينة تأتيك بالراحة، وبالنسبة لنا كصوفيين، إن الإسلام هو طريقة للوصول إلى ذلك الوضع، ولكن ذلك لا يعني أنك لا تستطيع الوصول إلى ذلك الوضع إذا لم تكن مسلماً. في نهاية المطاف، يجب ألا يهم ما يؤمن به الإنسان. موسيقانا هي عن الاحترام المتبادل».
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 3605 - الجمعة 20 يوليو 2012م الموافق 01 رمضان 1433هـ