في الأزمات السياسية تنقسم الأقلام التي أنعم الله عليها بقدرة الكتابة وصف الكلمات والعبارات وتوظيفها لتكون جملاً مفيدة وغير مفيدة إلى قسمين رئيسيين، القسم الأول منها يكتب بمهنية فائقة عن الحقوق الإنسانية المضيعة وعن الحقيقة المغيبة بكل معانيها الشاملة وبكل ما فيها من أفراح وأتراح ومآسٍ ومعاناة قاسية من دون زيادة أو نقصان، والقسم الآخر منها، يكتب لنفسه بعيداً جداً عن مهنية وأخلاقيات وأدبيات الكتابة، وبعيداً عن محاسبة الضمير الإنساني، وبعيداً عن مصالح الوطن الأساسية، وبعيداً عن كل ما هو واقع وواضح وجلي للعيان، ظناً منه أن جوفه سيشحن بالحبر الذهبي أو الفضي أو البرونزي، ولم يخطر بباله ولو بنسبة متدنية أنه لن يجني من وراء كتاباته المنافية للحقيقة والواقع إلا الخسران المبين في الدنيا والآخرة.
لن يقبل في يوم من أي قلم إذا ما ادعى أنه كتب مقالاته المهينة واستفرغ حقده الطائفي غصباً عنه أو من غير إرادته، فكل قلم كتب عن حقيقة أو كتب عن نفيها أو كتب عن إسقاطة نفسية، هو وحده سيقف أمام جبار السموات والأرض، المطلع على دقائق الأمور وعلى ما تخفيه الصدور، الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ليتحمل وأقصد القلم بمفرده تبعات كل حرف أو عبارة أو جملة خطته شفرته، وتبعات من عمل بمضامينها.
في اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، كل قلم غير طاهر في هذه الدنيا ينقلب عليه إلى عذاب شديد في الآخرة، شاء هذا القلم أو ذاك أو لم يشأ، فلا أحد من العقلاء يطلب من أي قلم المبالغة أو التهويل أو الفبركة في كتاباته وتحقيقاته، ولا يمكن أن يطلب منه أيضاً بخس حقوق الناس الإنسانية في مقالاته، فإذا القلم الذي وهبوه الله قدرة الكتابة والتعبير، ظن أنه قد حصل على هذه النعمة بقدراته الذهنية والذاتية، فإنه يعيش في وهم كبير، الذي جعله يهرول وراء سراب لا يوصله إلى حقيقة.
نقول بكل صراحة، لم تعد خربشة التضليل والتهويل والإنكار والتلميع والنفي والفبركة تنطلي على من عرفهم العالم بثقافتهم ووعيهم وفكرهم النير الذي يحلل القضايا بدقة ويقف طويلاً عند كل حدث، ليتعرف على حقيقته التي حاولت بعض الأقلام التشويش عليها، ونقول لكل قلم ساقط الذي أبعد نفسه كلياً عن ثقافة وأخلاق أبناء هذا الوطن، وأخذ يقذف عباد الرحمن في كل وقت وحين بأقذر العبارات والكلمات الطائفية البذيئة، التي تكشف عن كنه وماهية نفسيته الحاقدة، وعن كراهيته لإنسان هذا البلد، وعن سقوطه الكبير في أخلاقه وإنسانيته ووطنيته، سيضعه كتاب التاريخ بقاذوراته ونفاياته النتنة التي أزكم بها أنوف الإنسانية ردحاً من الزمن، في صفحات سوداء كالحة، ليكون علامة سيئة تشمئز منه الأجيال القادمة، فهنيئا للقلم الذي وضعه التاريخ في صفحاته البيضاء الناصعة، وجعله هادياً ودليلاً فاضلاً لكل من يريد الحياة الطيبة الهانئة لكل الإنسانية، وهنيئاً للقلم الذي عمل بصدق وجد على ترسيخ المحبة والمودة في أوساط مجتمعه الإنساني، ولم تغريه زخارف الدنيا الزائلة ولا زبرجها الزائفة، بوركت جميع الأقلام الطاهرة النظيفة، التي تكتب عن كل زوايا الوطن من دون تمييز طائفي أو عرقي أو مذهبي، فكانت بالفعل كلها للوطن، وكل عملها من أجل رفعته وتنميته، وكل كتاباتها في سبيل تطويره في مختلف المجالات والميادين.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3603 - الأربعاء 18 يوليو 2012م الموافق 28 شعبان 1433هـ
تنادوا لأكل لحم الغير
استجابوا لنداء أكل لحم الغير فانبرت أقلامهم وأفواههم ونسوا وتناسوا يوم الغد وما ينتظرهم اعمتهم
الدنانير والدولارات والاراضي والهبات
لو خليت خربت .... وكل إناء بما لديه ينضح
للاسف إينما وجد الخير وجد الشر
وطالما هناك حاضنة مشجعة للشر فإنه يستشري.
الغريبة انه هناك
من يروج للشر لدرجة انه يومن به
يكذب ويكذب ويكذب ثم يصدق كذبته
إنه مرض أخلاقي ونفسي واجتماعي
صاحب رأي
ضاع قيمة القلم في زمن تداخلت فيه المصالح على المبادئ وأصبح القلم مجرد وسيلة للتنفع وتفريغ الأحقاد. ولكن هذه الأنواع من الأقلام سرعان ما تجف قترمى في القمامة سريعاً.