العدد 3601 - الإثنين 16 يوليو 2012م الموافق 26 شعبان 1433هـ

شخصية الزعيم جمال عبدالناصر كانت الشخصية الأكثر تأثيراً في الخمسينات والستينات (2-2)

من الرعيل الأول من المشرفين الاجتماعيين... عبدالعزيز السماك:

عبدالعزيز السماك يتحدث للوسط-تصوير:محمد المخرق
عبدالعزيز السماك يتحدث للوسط-تصوير:محمد المخرق

ولد ضيفنا في فريق الحطب بالمنامة (والذي يسمى حالياً فريق كانو) في منتصف الأربعينات. رباه خاله المرحوم الحاج إبراهيم بن الحاج محسن الخور، وقد ارتبط بخاله وبالعمل في دكانه، حيث كان لديه دكان في الفريج، والدكان وقتذاك هو الملتقى لأهل الحي، وكذلك للشراء والتزود بالحاجيات. ومن ذكرياته، أو من أجمل الذكريات، هو أن ذلك الفريق الذي تربى فيه في تلك الفترة، يعتبره اليوم من أفضل الأماكن التي يمكن أن تذكر بالخير، لأن هذا الفريق كان فيه كل ما تفكر فيه من الطوائف التي عاشت في البحرين العرب، السنة، والشيعة، والعجم، والهنود بجميع طوائفهم، وكذلك فيه المسيحيون، واليهود، فكان الفريق مجمعاً، وملتقى لجميع هذه الطوائف وهذه الأجناس، وكلهم يعيشون مع بعض، ويلعب أطفالهم مع بعض، بكل ما تصوره بساطة الحياة في تلك الحقبة، حياة بسيطة، جميلة، وأجمل ما فيها، أن البيوت مفتوحة على بعضها بعضاً. في حديثنا مع ضيفنا عبدالعزيز السمَّاك (بوفواز)... ما يحلو في هذه السطور:

من فريق الحطب في المنامة.. في فترتي الأربعينات والخمسينات، مروراً ببعض الشخصيات وكتاب «كليلة ودمنة» ومدرسة «الفريق»، تجولنا في الحلقة الماضية مع ضيفنا عبدالعزيز السماك (بوفواز)، وفي حلقة اليوم نكمل استرجاع شريط الذكريات، وهي زاخرة بالأحداث والمواقف والشخصيات أيضاً.. ولكن، لنترك القارئ الكريم يتجول بنفسه ونستكمل الجولة في زمن جميل:

شخصية الزعيم جمال عبدالناصر

هل صحيح كنتم في تلك الفترة كمعلمين متأثرين بثورة 1952؟

- حين كنت في مرحلة الطفولة.. وذلك في الخمسينات، بدأت تتبلور فكرة الوعي القومي لدى الشارع، ونعرف كيف أن ثورة 1952 المصرية كان لها تأثير كبير، وكنا نستورد الأفكار كما نستورد الكتب وهي الثقافة الأولى التي تؤثر في المعلمين، فالكتب والمطبوعات والسينما وقاعدتنا التعليمية في الأساس مصرية في تلك الفترة، وهذا منذ الخمسينات إلى السبعينات، ولي في المرحلة الثانوية ثم بعد أن عملت في المرحلة الثانوية وكذلك حين كنت أدرس في جامعة بيروت العربية، أصدقاء اعتز بهم من الأساتذة ومن الزملاء والأصدقاء فقد كانت تابعة لجامعة الإسكندرية وكان لها تأثيرها، والشخصية التي جذبتنا في ذلك الوقت، سواء اتفقنا معه أو ضده، هي شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.

إطلاق الرصاص على مظاهرة

دعنا نشحذ ذاكرتك بوفواز ونعيدك إلى مرحلة الطفولة.. يقال إنك شاهدت إطلاق رصاص في إحدى المظاهرات في الخمسينات؟

- وعيت على قضية الإضرابات والمظاهرات في صغر سني.. أي منذ حقبة الخمسينات.. وكانت البحرين آنذاك تحت الاحتلال الإنجليزي وأذكر كيف كان الناس يقاومون الاحتلال الإنجليزي ولم يكونوا يريدونه في البلاد، ولك أن تعود إلى حادثة مواكب العزاء في العام 1954 وهي الشرارة الأولى لتشكيل هيئة الإتحاد الوطني التي قادتها شخصيات بحرينية مخلصة ووفية للوطن وللشعب دون فوارق طائفية، ورأيت بعيني كيف كانت الشرطة تطلق الرصاص على المعزين، واختبأت خلف إحدى السيارات أثناء إحدى المصادمات التي وقعت في فريقي الحمام والحطب -هما متلاصقان- ولأننا في المدرسة الغربية، فكانت الكثير من المظاهرات تمر من أمامنا وكنا نرى الجنود الإنجليز والقمدانات (قادة الشرطة).. كنا نراهم حين يأتون إلى القلعة.. لقد كانت تظاهرات العمال والطلاب في الستينيات ذات قيادة شبابية من طلبة المرحلة الثانوية، وكلها ضد الاحتلال الإنجليزي، بالإضافة إلى تأييد الزعيم عبدالناصر في تأميم السويس وحرب 1967 وكان كل الشباب يشاركون فيها، وكان الشباب بمختلف فئاتهم وطوائفهم يمتلكون نضجاً مبكراً، ولم يكونوا جميعهم أصحاب توجهات قومية.. فكان هناك الوطني والقومي والإسلامي، لكن كانوا كلهم يشاركون في هذه التظاهرات ويعبرون عن رأيهم، إلا أنه وفي تلك الفترة، كان المد أكثره مداً قومياً.

هاجس إكمال الدراسة الجامعية

معك مجموعة من التربويين والحقوقيين ممن التحقوا بجامعة بيروت، كيف كانت البداية؟

- بدأت حياتي المهنية مدرساً في المرحلة الابتدائية، فقد كانت النتيجة بالنسبة إلي بعد تخرجي في معهد المعلمين وضعتني في فئة المتميزين، وكافأتني وزارة التربية والتعليم آنذاك مع مجموعة من زملائي، وعُينت في المدرسة الغربية، وبعد ذلك عينت في المدرسة الشمالية الغربية (هي اليوم مدرسة حسان بن ثابت)، وأنا طبعاً في تلك الفترة كان لدي شغف كبير بإكمال دراستي الجامعية، فلم يكن لدي رضا إلا بمواصلة الدراسة الجامعية، وخلال عملي، كانت جامعة بيروت تفتح أبوابها في الستينيات وقد اتاحت لنا الفرصة للتعلم، فانضممت إلى الجامعة وواصلت دراستي إلى أن حصلت على شهادة بكالوريوس الفلسفة وعلم النفس.

كنت آنذاك قضيت عشر سنوات في التعليم الابتدائي، وتكونت لدي قناعة بأنني عملت كفاية في المرحلة الابتدائية، ولم يكن هناك معلمون لمادة الفلسفة وعلم النفس، ولعل من الأسباب التي كانت تشجع الطلبة للتخصص في الفلسفة وعلم النفس أن القراءة المكثفة ركن مهم من أركان توجه الطلبة لدراسة التخصص، فحين تقرأ كثيراً وتطلع تتوجه إلى دراسة الفلسفة فهي تحتاج إلى فكر وقراءة واطلاع أكثر، وكان أكثر الطلبة يذهبون إلى الآداب والحقوق، فالكثير من الحقوقيين كانوا معنا في الجامعة ومنهم خليل أديب وكذلك سلمان سهوان، أما من كان يدرس معنا في تخصص الفلسفة وعلم النفس فمنهم القاص خلف أحمد خلف، ويوسف محمد شبر وكذلك محمود اسماعيل درويش، بالإضافة إلى بعض الأصدقاء مثل محمد العيد وحسن شويطر ومنصور سرحان وعبدعلي محمد حسن، فحين اتيحت لنا الفرصة، توجهنا للدراسة بأعداد كبيرة نوعاً ما قياساً بذلك الوقت.

أول مجموعة إشراف اجتماعي

كنت من أوائل المشرفين الاجتماعيين في البحرين.. هل لك أن تعطينا فكرة عن هذه التجربة؟

- حين انتقلت للعمل في المرحلة الثانوية، بدأت عملية الصقل المهني في الوظيفة لأنني لم أعين مدرساً بل عينت من أوائل المشرفين الاجتماعيين، فأنا أول مشرف اجتماعي في مدرسة المنامة الثانوية وعين معي محمد حسين الجودر في مدرسة الهداية الخليفية في ذات الوقت، كما تم تعيين علي أحمد رضي كأول مشرف اجتماعي في مدرسة النعيم، وكنا نحن الثلاثة نمثل أول مجموعة إشراف اجتماعي لكن سبقتنا مدارس البنات الثانوية، وحين دخلت الثانوية بدأت استفيد من الخبرات الموجودة في المدارس فكانوا يستضيفون في ذلك الوقت أفضل المدرسين المصريين عن طريق البعثة المصرية للبحرين، ويختارون لها أفضل المدرسين، والمدرسة الثانوية فيها مجلس إدارة.. في الستينات والسبعينات.. كان فيها مجلس إدارة وبحكم وظيفتي عينت في مجلس الإدارة واكتسبت الكثير من الخبرات وكذلك الفائدة الكبيرة التي صقلتني في طريق مهني قوي، وحين بدأت عملي كمشرف اجتماعي، لم يكن الإشراف الاجتماعي واضح في المدارس، لهذا توليت التدريس في ذات التخصص، وجعلني ذلك على تواصل مع الإدارة والمعلمين والطلبة، وخلال عامين فقط اتيحت لي فرصة أن أكون مساعد مدير مدرسة، ومن هناك بدأت الكثير من الأمور التدريبية والتعليم، ثم رفعت من مدير مساعد إلى مدير مدرسة ثانوية إلى رئيس تعليم ثانوي إلى مدير إدارة وهي إدارة التدريب بوزارة التربية والتعليم.

نادي العروبة كمنارة فكرية

ماذا يمثل لك نادي العروبة؟

- بالنسبة للعمل التطوعي، توجهت مباشرة أول ما بدأت العمل في المرحلة الثانوية للانضمام إلى نادي العروبة في العام 1960، وأنا عضو في النادي حتى اليوم، وسبقنا العديد من الشخصيات البحرينية في هذا النادي العريق كالمرحومين الأديبين إبراهيم العريض ورضي الموسوي وغيرهم، وكان نادي العروبة ولايزال يمثل جزءاً مهماً في الحراك الثقافي والفكري والسياسي، وكان لهذا النادي دور كبير في مرحلة الاستفتاء على عروبة البحرين في العام 1971، وكان للنادي وزنه حيث كانت الدولة تستقطب الكثير من الشخصيات المنتمية إليه، وأول وزارة تشكلت في العام 1971 كان فيها العدد الكبير من الوزراء المنتمين إلى النادي.

دعوة للتركيز على «المعلمين»

في محطتنا الأخيرة نسأل.. ما الذي يفتقده سلك التعليم اليوم؟

- اعتقد أن التعليم في البحرين يحتاج إلى جهود كبيرة، فلله الحمد، الفترة التي عملت فيها كانت تواجه الكثير من المشاكل التي كنا ندرسها ونطالب بحلها، والآن في الوقت الحالي، فأنا كإنسان عملت في التعليم، وجدت أن الكثير من الأشياء التي كنا نطالب بها الآن موجودة كتقييم أداء المدارس، جودة التعليم وإدخال التعليم التكنولوجي وهي لم تكن موجودة في وقتنا، لكن كانت التجارب البدائية التي عملناها شكلت الأساس، واعتقد أن الوضع في التعليم يتطلب بدرجة أكبر لأن نقوي موقف المعلم.. يحتاج المعلم لأن يكون قوياً لكي يكون انتاجه قوياً وكذلك الإدارة التعليمية، وأعرف من خبرتي دور المعلم ودور مدير المدرسة، فالمعلم حين يكون مسنوداً سيكون انتاجه أفضل، والنقطة الثانية التي أعتقد بأنها مهمة في التعليم هي أن نهتم بعدد الأيام والفترات الدراسية، وأدرك أن الكثير من الناس ثاروا لتمديد اليوم المدرسي وهذا غير صحيح! أقصد أن رفضهم غير صحيح.. فالمدارس الخاصة يومهم المدرسي ممتد وهو أمر ضروري لإعطاء العملية التعليمية ثماراً أفضل، وقد عملنا في وقت كان وعي الناس محدوداً، واليوم الوقت وقت أولياء الأمور للمشاركة في عملية الوعي والعملية التعليمية ولهم دور كبير لأنهم يسهمون في أن تكون العملية التعليمية جيدة ومتميزة.


تنويه

ورد في حلقة الأمس فقرة تتعلق بدور المربي (المرحوم) عبدالله الشروقي في تسجيل ابنه سعد الدين الشروقي مع ضيفنا عبدالعزيز السماك في المدرسة، وتجدر الإشارة الى أن المربي عبدالله الشروقي على قيد الحياة، لذا لزم التنويه.

العدد 3601 - الإثنين 16 يوليو 2012م الموافق 26 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 4:20 م

      علي محمد رضي ؟

      للتأكد هل المشرف الأجتماعي على أحمد رضي و إلا علي محمد رضي . فعلي محمد رضي ( نسيبنا ) من أوائل المشرفين الأجتماعيين . لذى وجب التنوية .
      و هل كيف يصير نسيبنا و انا سني . كان ذلك في الزمن الجميل . لأنه لا توجد طائفية .

    • زائر 6 | 3:52 م

      فرق الحطب

      من الأول الى الحين وفريق الحطب اسمه فريق الحطب ... قد يطلق عليه البعض اسم فريق كانو ولكن هذا لا يغير من الإسم الأصلي للفريق ولا من وعراقته

    • زائر 5 | 9:18 ص

      مواطن

      صح السانك، فريق لم كل الطبقات البحرينية ولم ولن يفرق بين الطوائف، والرجاء كل الرجاء عدم تسميته بفريق كانو، و

    • زائر 4 | 4:28 ص

      شكرا

      كل الشكر والتقدير للإستاذ عبدالعزيز السماك

    • زائر 3 | 2:46 ص

      استدراك

      1- السطر 1+2: فريق الحطب إلى اليوم يسمى بفريق الحطب والبعض يسميه فريق كانو بسبب انتقال عائلة كانو للسكن فيه، وقد هجروه لاحقا.
      2- السطر 12: ذكر حول مكونات الفريق العرب والسنة..إلخ، ولفظة العرب كانت تطلق على السنة ذوي الأصول العربية، فيما كان السنة الإيرانيون يسمون هولة وبستكية، فما دلالة سوق المصطلحين.
      3- في السؤال الخاص بنادي العروبة: ذكر أن الاستفتاء على عروبة البحرين كان في العام 1971 والصحيح أنه كان في العام 1970

    • زائر 2 | 2:33 ص

      منذ ولادتي 1982 ولم أعرف أسم غير الحطب

      حتى أنا مستغرب أحنا في فريق الحطب ولم يتغير أسمه لحد الان ولازال الاسم متداول عند الكبار والصغار وأهالي المنامة يعلمون ذلك جيدا
      لذا وجب التنويه من جريدة الوسط ،بخصوص التسمية

    • زائر 1 | 2:20 ص

      فرق الحطب

      يا عزيزي سعيد محمد ما زال الحي يسمى بفريق الحطب إلى هذه الدقيقة، الساعة الآن 9:20 صباحا

اقرأ ايضاً