العدد 3597 - الخميس 12 يوليو 2012م الموافق 22 شعبان 1433هـ

فيدرر... البطل الذي لم تهتز ثقته بنفسه

بلقبه السابع في بطولة ويمبلدون الذي حققه يوم الأحد الماضي، أنهى روجيه فيدرر السخرية التي تعامل بها كثيرون مع إصراره على أنه لم ينته بعد كلاعب تنس.

صاحب الرقم القياسي لعدد مرات الفوز في ويمبلدون، صاحب الرقم القياسي لعدد مرات الفوز بالبطولات الأربع الكبرى «غراند سلام»، صاحب الرقم القياسي لعدد أسابيع تصدر تصنيف رابطة لاعبي التنس المحترفين: إنجازات فيدرر هذا الأسبوع كانت مبهرة، مثلما كان مشواره. وربما كان هذا هو السبب في أن كل ذلك لا يزال لا يكفيه. فيدرر يريد المزيد، فيدرر يريد أن يترك سيرة لا يضاهيه فيها أي لاعب آخر. وقال: «أريد أن أرحل عن التنس وأنا أقدم أداء أفضل مما فعلت عندما وصلت إلى هذه الرياضة»، وهو يقول ذلك بجدية تامة. أحيانا ما يبدو فيدرر كما لو كان قادما من كوكب آخر. ويوم الأحد الماضي بينما كان البريطاني آندي موراي، الخاسر أمامه في المباراة النهائية، ينهار ويبكي بملعب التنس الأشهر في العالم، كان السويسري متأنقا كعادته يتحدث بهدوء وثقة. وقال أمام 15 ألف متفرج يصفقون له: «لم أتوقف قط عن الثقة، وواصلت اللعب بالقوة نفسها على رغم أن لدي أسرة. إنها لحظة رائعة بالنسبة لي».

وكانت زوجته ميركا وابنتيهما ميلا وتشارلين تراقبنه من مقصورة الملعب، إذ لم تعي الطفلتان كثيرا مما كان يجري، فيما بدا التأثر على الأم. كان لديها ما يكفي من الأسباب لذلك. فزوجها لم يكن قد فاز بأي من بطولات الغراند سلام منذ يناير/ كانون ثان 2010. بل إن العام 2011 كان أول موسم له منذ 2002 من دون أي من البطولات الأربع. تسبب ذلك في شكوك لدى الكثيرين، لكن ليس لمن يعرفونه جيدا، مثل موراي نفسه، الذي بدت عليه الدهشة في كل مرة يتحدثون فيها إليه عن تراجع في مستوى فيدرر. وبعد خسارة الأحد عاد ليتكلم عن الأمر. وقال الاسكتلندي: «لابد من إخراج الأمر عن سياقه قليلا: لقد خسرت أمام لاعب يملك الآن 7 ألقاب في ويمبلدون وعاد لتصدر التصنيف العالمي».

لكن السؤال طاف الملاعب في 2010 و2011، وسأله كثيرون: هل انتهى فيدرر؟ بل إن أحدهم سأله صراحة مطلع هذا العام بعد الخسارة في الدور قبل النهائي لبطولة أستراليا المفتوحة أمام الأسباني رافاييل نادال: «هل كنت ستلعب بالحماسة نفسها إذا ما كنت رقم 5 أو 6 عالميا؟». أجاب قائلا: «بالطبع»، تاركا النتائج تثبت أنه لم تكن هناك حاجة للتشكيك بالأمر. فبعد الخسارة في سبتمبر/ أيلول 2011 بالدور قبل النهائي لبطولة أميركا المفتوحة أمام الصربي نوفاك ديوكوفيتش في مباراة أضاع فيها نقطتين للفوز بالمباراة، زادت الشكوك كثيرا حول فيدرر. لكن رد فعل السويسري جاء على طريقة الأبطال: فاستقل طائرة إلى الجانب الآخر من العالم كي يمنح سويسرا نقطتين حيويتين أمام أستراليا في بطولة كأس ديفيز، وبعد ذلك حصد ألقاب بازل وباريس ونهائي الدوري العالمي بلندن، منهيا الموسم في أفضل صورة.

وفكر فيدرر الأحد الماضي لثوان قبل أن يصل إلى نتيجة مفادها أن تطور مستواه كلاعب جاء من هزيمته أمام نادال في نهائي بطولة رولان غاروس العام 2011 «لعبت جيدا تلك المرة». وكذلك من خروجه من ويمبلدون العام الماضي على يد الفرنسي جو ويلفريد تسونغا، فضلا عن الخسارة أمام ديوكوفيتش في نيويورك. وقال: «لقد حصلت على فترة توقف طويل بعد بطولة كأس ديفيز. لأنني لم أكن أرغب فقط في اللعب جيدا والخسارة في دور الثمانية أو قبل النهائي. كنت أريد الفوز ببطولات». فعل هذا أواخر 2011 وواصله في 2012. بالطبع سقط في قبل نهائي أستراليا أمام نادال، لكنه فاز بأربعة ألقاب أخرى من بينها أنديان ويلز للأساتذة وظل يقترب حثيثا من ديوكوفيتش، المصنف الأول الرهيب خلال 2011. والآن يحصد لقبه السابع في ويمبلدون ليعادل رقم الأميركي بيت سامبراس والبريطاني ويليام رينشو، الوحيدين اللذين سبق لهما الفوز 7 مرات بالبطولة الأهم في عالم التنس. وأكد السويسري «سامبراس كان بطلي، يراودني شعور لا يصدق»، ففضلا عن زيادة عدد ألقابه الكبرى إلى 17 بفارق 3 ألقاب عن الأميركي، الذي سينزع عنه أيضا في 16 من الشهر الجاري الرقم القياسي لعدد أسابيع تصدر التصنيف العالمي عندما يصل إلى 287 أسبوعا. هذا الرقم القياسي لسامبراس كان أحد هواجس السويسري التي راودته في الأشهر الماضية، عندما لمس قدرته على العودة ليكون الأفضل. ومع تنوع المتوجين في البطولات الثلاث الكبرى التي أقيمت هذا العام، بين ديوكوفيتش في أستراليا ونادال في رولان غاروس وفيدرر في ويمبلدون، لم يعد هناك شيء واضح في عالم التنس، عدا أن فيدرر الذي سيتم 31 عاما في غضون أقل من شهر، عائد إلى المنافسة على قمة اللعبة. تلك هي الحقيقة التي لم تغب قط.

العدد 3597 - الخميس 12 يوليو 2012م الموافق 22 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً