من يعتقد بأن البحرين يمكنها أن تتعافى ويعود الود بين أهلها على أساس الأخوة والصداقة والقرابة والشراكة في الوطن والمصير الواحد، فليتأكد أن ذلك لا يمكن أن يتحقق على المدى القريب، في الوقت الذي تمارس فيه ماكينات إعلامية الشحن والتعبئة بشكل محموم، وتتحدث بأسلوب طائفي صرف لا يراعي أية مبادئ أو أعراف أو أخلاقيات مهنة، ولا تحكمها إلا مقاييسها الخاصة بلا قيد أو شرط.
خطابها الموجه لا يسعى إلا لإيقاع أشد الضرر بالوحدة الوطنية والسلم الأهلي في هذا الوطن، يقوم على رسالة واحدة مشتركة، يكاد يلاحظها أي قارئ في أعمدة كتابها المتطابقة في الأفكار، المتشابهة في المضمون، ذات المدلولات المبطنة، والرسالة المغلفة، والتي يراد منها ترسيخ قناعات محددة غير منطقية، ولو بفرض الوصاية على عقول الناس، ومصادرة حريتهم في التبصر والتفكير في كل ما يجري حولهم من أحداث سياسية يومية.
الاندفاع في الكتابة من أجل الانتصار لفكرة، لا يصنعه عدد المتتبعين في موقع «تويتر»، ولا عدد التعليقات في الموقع الالكتروني للصحيفة، ولا الإطراءات الشفوية أو المكتوبة، بل يحكمه ضمير الكاتب وحده، وللأسف أننا ابتلينا بكثير ممن يكتبون بلا ضمير ولا وازع أخلاقي أو ديني، بل يبحثون عما ينسجم مع مصالحهم، ويعزّز من قبولهم في وسطهم الاجتماعي، بصرف النظر عن المآسي والآلام التي يتسببون بها حين ينقادون وراء أهوائهم.
يحترفون التركيز على مواقف الأشخاص ورصد تحركاتهم، ونصب جلسات محاكمة لهم على وريقات الصحف، والتشهير بهم وبعوائلهم، والتشكيك في وطنيتهم، حتى وإن تطلب الأمر نسف كل ما قدموه للوطن من دعم على صعيد البرامج الاجتماعية والتطوعية والتعليمية، والمساهمة في توظيف العاطلين من خلال خلق فرص عمل جديدة، فكل ذلك بالنسبة لهم مرده سلة المهملات.
اختزال مجريات أحداث حصلت وانتهت في عقلية الناس، لا يساعدهم أبداً على تجاوز المرحلة الصعبة التي نمر بها جميعاً في هذا الوقت، بل يدفعهم إلى عدم تقبل أي حلول واقعية تفضي إلى حالة من الهدوء والاستقرار السياسي والاجتماعي، بعيداً عن المسكنات وابر التخدير الوقتية.
وهذا تحديداً ما يبتغيه الساعون إلى إطالة أمد الأزمة وتأخر قطار الحل، حتى تتوافر لهم الظروف المناسبة لترويج بضاعتهم الفاسدة، والاحتفاظ بمكاسبهم وبقائهم في صدارة المشهد، إلا أن الواقع وعلى مدى كل العصور، يؤكد أن هذا الصنف من الكتاب مآلهم إلى الزوال والنسيان من خريطة الحياة العامة، فما ان تتلاشى الأزمة حتى تجدهم يتساقطون الواحد بعد الآخر، وتتعرى صورهم، ولا يبقى لديهم أي من الأوراق التي خطتها أقلامهم لمداراة سوأة أخطائهم الفادحة التي اقترفوها. وفي نهاية المطاف مصيرهم النبذ والتهميش والنكران.
وسائل الإعلام في الدول التي تتمتع بحريات واسعة، تلقى على عاتقها صناعة الوعي والفهم وقيادة الرأي العام لتبني القضايا المصيرية والتفاعل معها، وهناك رؤوس أموال توظف من قبل شركات علاقات عامة للتأثير على الجماهير وتغيير قناعاتهم بحسب ما يتوافق مع رؤيتها ومنهجيتها، بينما لدينا عقول تفتعل الصراعات، وتختلق الأزمات، وتسكب الزيت على النار، ومن ثم تقف لتتفرج ضاحكةً على ما يجري من اقتتال وتناحر.
الإحساس بالمسئولية في ضمير أي كاتب لا يمكن فرضه بمواثيق الشرف ولا بالتعهدات الخطية المكتوبة، بل هو شعور داخلي تحكمه الكثير من العوامل، بما في ذلك المستوى التعليمي والثقافة والتوجه الفكري والسياسي، فمن لديه قناعة بأن فئة من المجتمع لا تستحق الثقة ولا تؤتمن على مال ولا منصب، فلن تجره نفسه للدفاع عنها، بل على العكس سيستغل كل أفعالها لمحاولة تبرير إقصائها وتهميشها وعزلها، لأنه ببساطةٍ لا يؤمن بمبدأ التعايش ولا تكافؤ الفرص ولا المساواة والعدالة ومحاربة التمييز، حتى وإن تظاهر بأنه وطني وعقلاني وغير طائفي.
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 3595 - الثلثاء 10 يوليو 2012م الموافق 20 شعبان 1433هـ
التقارب ممكن واسرع من المتوقع
التقارب بين الطائفتين ممكن فى حال صدق عزم رجال الدين من الطائفتين والمعروف ان كلمة رجل الدين الطيبة والصحيحة دواء والكلمه الخاطئه والمقرفه داء فمتي ما اختيرت الكلمات الحسنه من قبل رجال الدين انتهت المشاكل وكلمة رجل الدين مسموعة وتتبع
سنة الحياة
الدنيا صراع بين جنود الرحمن وجنودالشيطان. شكراً لك ياولد الصفارعلى هذا المقال المدافع عن الحق
يخربون بيوتهم بأيديهم- البناء ليس سهلا كالهدم
كلامك سليم 100% وإشاعة الفتن أخطر ما حذر الله منه ولكن مع من تحكي ومع من تتكلم العصبية الطائفية والمصالح المادية والمناصب اعمت القلوب فلا رادع ولا خوف ولا تقوى من الله فكل ما حذر الله منه نراه يمارس يوميا في كل مكان.
هل نحن مسلمون حقا؟
هل نؤمن بالله وباليوم الآخر وحساب وعقاب؟
هل لدينا انسانية لأن بعض الامور تخرج عن نطاق الانسانية؟
لم يعد هذا بحرين اجدادنا البلد الوادع الآمن صاحب التاريخ الناصع الذي يعشق الايمان.
اصبحنا كما اصبح آل الرسول ينادون بالخوارج وهم
اصل الاسلام وها نحن كذلك
وطن على محك قلم!
وطن على محك قلم!
عنوان جميل ... ومقال اجمل ....
ننتظر مقالك الاحد القادم ...