العدد 3592 - السبت 07 يوليو 2012م الموافق 17 شعبان 1433هـ

الأسباب الخفية للتعددية النقابية

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

الكل يدرك - إلا من يصر على نكران الحقيقة - أن التحركات التي تجري لتأسيس الاتحاد العام الحر لنقابات عمال البحرين، من ورائها أهداف سياسية بحتة، بعيدة كل البعد عن مصلحة الطبقة العاملة، ووحدة الجسم النقابي في البحرين، فالغرض الأساس هو تفكيك الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وإضعافه، من خلال حث النقابات المنضوية تحت مظلته على الانسحاب منه، حتى وإن جاء خيار الانفصال بتحركات شخصية من قبل مجالس إدارة هذه النقابات، بلا سند أو تفويض من الجمعية العمومية.

المهم بالنسبة لمن لعب دوراً قيادياً في فترة الأحداث، وله تسجيلات موثقة بالصوت والصورة وهو يبارك تحركات الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين في تلك الأثناء، أن يظهر لعامة الناس اليوم على أنه ليس مع كل ما جرى، وأن كل أفعاله التي صدرت منه لم يكن لعقله سلطان عليها، بل كان خاضعاً لحالة قاهرة فرضها التنويم المغناطيسي على حواسه، فأصبح يسير بلا وعي، والآن أدرك أنه كان تحت تأثير قوى خارقة أفرغت منه إرادته السوية.

غير أن تصحيح الأخطاء الشخصية، وإعلان التوبة، والتبرأ من مواقف مسبقة، يجب أن لا يكون على حساب زعزعة الإرادة العمالية، ومحاولة مصادرتها بالتلاعب بالمفردات ودغدغة المشاعر، وإلقاء الاتهامات الجزافية على العمال المسرحين الذين تم إرجاعهم إلى أعمالهم، والسعي إلى عزلهم، ومحاربة إرجاعهم إلى مواقعهم، بحجة توظيف أشخاص آخرين بدلاً عنهم، في محاولة لتبرير تهرب شركات كبرى من مسئولياتها، بدلاً من الدفاع عن العمال، بصرف النظر عن انتمائهم العقائدي، ومواقفهم السياسية في فترة الأحداث.

من يدعي أنه يعتزم تأسيس اتحاد عمال جديد غير خاضع لهيمنة الجمعيات السياسية، عليه أولاً أن يبرر تنصله من اتخاذ موقف جريء من عملية التسريحات العشوائية التي حصلت، والتي طالت الكثيرين بسبب الوشاية، وسوء الظن، وتصفية الحسابات، وإخلاء مناصب على أمل إحلال آخرين، ومن ثم فليأتِ ليقنع عمال البحرين بأنه يمثلهم جميعاً بضمير حي، غير خاضع لهوى أو ميل لمصلحة دنيوية، ولا حرج بعدها إن تحدث باسمهم، والتفوا حوله، ودعموه لتأسيس اتحاد جديد، فحينها سيكون جديراً بأن يصرخ بأعلى صوته ليقول إنه يقود خطاً مغايراً للاتحاد الحالي لنقابات عمال البحرين.

أما وإن كان لا يزال مصرَّاً على أنه على الصواب، ويؤكد أنه لم يتخلَ عن شريحة المفصولين في فترة الأزمة، فعليه أن يراجع نفسه جيداً، ويعيد حساباته في كل ما يفعل، فلا بد وأن يأتي يوم يدفع فيه ثمن جميع أخطائه، ويتخلى عنه جميع من حوله، بعد أن يدركوا أنه قادهم إلى نهاية مؤسفة، ضاعت معها كل حقوقهم النقابية التي ينص عليها قانون العمل الأهلي.

وما اتهاماته لوزارة العمل بأنها تقف ضد التعددية النقابية، إلا محاولة يائسة لإسقاط أبعاد طائفية، واتهام بعض المسئولين فيها بأنهم يحابون الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، على رغم أن الوزارة لم تبدِ أي اعتراض على القانون رقم (35) لسنة 2011، بتعديل بعض أحكام قانون النقابات العمالية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002، بعد إحالته إلى مجلسي الشورى والنواب، ولم تقدم أي اقتراح يفرغ مضمون التعددية النقابية من محتواه، بل على العكس، دافعت عن القانون الذي صدر في الإجازة التشريعية، وأكدت على أنه يتوافق مع الأعراف النقابية الدولية، والتعددية فيه أمر معمول به في مختلف الدول المتقدمة، والديمقراطيات العريقة. والإشكال الوحيد الذي وقفت عنده الوزارة أن القانون المعدل أكد على أنه «يجوز لكل نقابتين أو أكثر من النقابات العمالية المتشابهة، أن تنشئ فيما بينها اتحاداً نقابياً، ويكون إنشاء الاتحاد النقابي والانضمام إليه، بعد موافقة أغلبية أعضاء الجمعية العمومية للنقابات العمالية»، وبالتالي إن سقط شرط التشابه انتفى حق تشكيل اتحاد، وهي مسألة دافعت عنها وزارة العمل من منطلق كونها جهة تنفيذية رسمية من واجبها في تطبيق القانون.

تأسيس اتحاد جديد للعمال هو خيار بيد الطبقة العمالية في البحرين، ولا يمكن مصادرته أو حرمانها منه، غير أن هذا الحق يجب أن لا يكون مدخلاً لإضعافهم، وتفريقهم، وتشتيت كلمتهم، حتى تتهيأ الأرضية لمن يأتي فيصعد على ظهورهم، بغية تصحيح صورته، وتثبيت موقعه، والتمسك بالمكتسبات التي تحصل عليها، بصرف النظر عن الخسائر والأضرار، التي ستلحق بهم على المدى القريب والبعيد.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3592 - السبت 07 يوليو 2012م الموافق 17 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:55 ص

      التعددية النقابية مطلوبة ولكن ...2

      المشاكل القائمة هي صراع على الكراسي ولا نية للتحاور.... فوق ذلك، أطراف من الاتحاد الذي يزمع اقامته تحاول جر المتنازعين للدخول في هذا الاتحاد.....

      بعد ذلك، اتخذت قراري بأن أستمر مع نقابتي القائمة منذ العام 2002م .... هذه النقابة التي أعطت الكثير للعاملين وللشركة معاً دون طمعاً في منصب بل العكس من ذلك، ضحى القائمون على هذه النقابة بوظائفهم وبأرزاقهم وبجهدهم ومن غير منة على أحد....

      آخيراً.. اخترت أن أكون قريباً أكثر من هذه النقابة ومن هذا الاتحاد القائم حتى نحقق ما نؤمن به .. العزة

    • زائر 1 | 8:40 ص

      التعددية النقابية مطلوبة ولكن ...1

      أنا أحد المؤسسين لاحدى النقابات العمالية الرائدة في العمل النقابي ورئيسها في الدورة الأولى. أؤيد التعددية النقابية من باب التنافس لتقديم الأفضل للعمال وللشركة التي يعمل بها هؤلاء العمال معاً وأرفع شعار لا سنية ولا شيعية وحدة وحدة عمالية...
      التقيت هذا الصباح برئيس النقابة الحديثة في الشركة التي أعمل بها وقال لي بأن النقابة قد اشهرت رسمياً وقد أبديت استعدادي أن أنضم لهذه النقابة الفتية....

      بعدها علمت بمشاكل جعلتني أراجع قراري في الانظمام لهذه النقابة....

اقرأ ايضاً