العدد 3592 - السبت 07 يوليو 2012م الموافق 17 شعبان 1433هـ

رؤية «العلامة فضل الله» لدور المؤسسات التعليمية

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

شهد الأسبوع الماضي (الرابع من يوليو/ تموز 2012م) الذكرى السنوية الثانية لرحيل العلامة السيدمحمد حسين فضل الله.

والحقيقة الجوهرية في رؤية هذا المرجع الديني البارز للعمل المؤسساتي هي إيمانه بـ (دولة الإنسان)؛ فالمستفيدون من المؤسسات وجمعية المبرات الخيرية التابعة له هم كل اللبنانيين من مختلف المذاهب والطوائف من الشمال إلى الجنوب، لتكون الحصيلة النهائية طبقاً لآخر الأرقام والإحصائيات رعاية 4000 يتيم ويتيمة في المبرات الخيرية، وتعليم 22000 تلميذ في المدارس الأكاديمية والمهنية، و3 مدارس للأشخاص ذوي الإعاقة (ذوي الاحتياجات الخاصة) وتعليم 600 تلميذ من ذوي الإعاقات البصرية والسمعية والنطقية، ودمج 500 تلميذ من ذوي الاحتياجات الخاصّة في مدارس المبرات الأكاديمية، و9 مبرّات للأيتام، و15 مدرسة أكاديمية، و5 معاهد مهنية وفنية، و4 مراكز صحية واستشفائية، و40 مركزاً ثقافياً ودينياً، وداراً للمعلمين والمعلمات، ومركزاً للتشخيص التربوي، وداراً لرعاية المسنّين، إلى جانب المؤسسات الأخرى التي تجاوزت حدود الأراضي اللبنانية لتشمل دولاً عدة في إفريقيا وغيرها.

لم يكن البعد الحقوقي الإنساني غائباً أو بعيداً عن فكر العلامة فضل الله وأداء مؤسساته المتعددة، فالدين إنما جاء ـ حسب توصيفه ـ لخدمة الإنسان ولم يأتِ الإنسان لخدمة الدين، وأن ما قرّره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مبادئه الأساسية وعناوينه العامة لا يبتعد عن القاعدة الإسلامية، سيما وأن بعض هذه المبادئ والعناوين انطلقت من الجذور الإسلامية والرسالية لجهة تأكيدها أن الناس يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان حق التمتع بكل الحريات والحقوق الواردة في الإعلان من دون تمييز في العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو ما إلى ذلك.

حتى أنه كان متابعاً بشكل مباشر للمناسبات التي ركزتها الأمم المتحدة كيوم المرأة العالمي واليوم العالمي للشباب ويوم العمل والعمال، إلى جانب إصداره الفتاوى ذات العلاقة بكيفية التعاطي مع العمال والدفاع عن خادمات المنازل ومشروعية دفاع المرأة عن نفسها في مواجهة عنف زوجها، والفتاوى المتصلة بجرائم الشرف وغير ذلك.

وبعيداً عن التنظيرات، فقد أحيت مدارس المبرّات في جمعية المبرات الخيرية مؤخراً وبالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت (أسبوع التعليم للجميع: حقوق منذ البداية، رعاية وتعليم الطفولة المبكرة الآن) مؤكدة بذلك عزمها على مواصلة مسيرة التنمية الإنسانية حتى بعد رحيل المؤسس فضل الله؛ نظراً لوضوح الأهداف والرؤى التي عبر عنها السيد في كلماته الوداعية: «أيها الأحبة، أكمِلوا المسيرة»، هذه المسيرة التي كان من أبرز مصاديقها «التعليم»، حيث الاستثمار الأمثل في الإنسان؛ لإعداد جيل شبابي متعلم واعٍ متسلح بأدوات المعرفة.

أذكر أنني عندما كتبت مقالاً بعنوان «البرلمان المدرسي... حق من حقوق الطلبة»، تساءلت في نفسي: بما أن البرلمان المدرسي يختص بالشئون التشريعية وترسيخ مبادئ الديمقراطية وممارسة الحرية بمسئولية في الفضاء التعليمي، فماذا عن السلطة التنفيذية في الحراك الطلابي؟!

للإجابة عن السؤال، بادرت ثانوية الإمام الحسن (ع) ـ وهي إحدى مدارس جمعية المبرات الخيرية التابعة للسيدفضل الله ـ بتنفيذ مبادرة «الحكومة الطلابية»، وهي مبادرة تقوم على مبدأ تحضير طلبة المدارس لتحمل المسئولية العامة تجاه قضاياهم التي هي جزء لا يتجزأ من قضايا مجتمعهم، وذلك على مختلف المستويات التربوية والاجتماعية والثقافية.

فقبل خمس سنوات انطلقت الفكرة على شكل لجنة طلابية، وتطورت شيئاً فشيئاً لتصبح «حكومة طلابية»، ما استدعى قيام برلمان طلابي يقوم بسَنِّ التشريعات والقوانين، بحيث يعمل جنباً إلى جنب الحكومة والتعاون معها وفق الآليات الديمقراطية.

تناولت الثانوية منذ إطلاقها مبادرة «الحكومة الطلابية «بشكل رئيسي الموضوعات والأنشطة والمشاريع التي توجّه المجتمع الطلابي والموظفين العاملين بالمؤسسات التربوية والتعليمية.

حتى الآن، وعلى مدى السنوات الثلاث الأخيرة فقد قامت «الحكومة الطلابية» بإصدار ثلاثة بيانات وزارية، أي بمعدل بيان في كل عام دراسي، وبموجبها نالت الثقة في جلسة عامة للبرلمان الطلابي وفقاً للأصول الديمقراطية المعتمدة في النظام السياسي اللبناني، وبما يتلاءم مع البيئة المدرسية عموماً، والبيئة الطلابية خصوصاً.

لقد أدرك فضل الله أهمية الاستثمار في التعليم كحق من حقوق الإنسان، انطلاقاً من الرؤية النبوية التي تقدس «التعليم والتعلم»، فطالما كان السيد يوصي الشباب ـ وهذا ما قرأناه في ردوده على استفتاءات الطلبة المسلمين في المهجر ـ بأن يبنوا المدارس هناك بدلاً من المساجد؛ لأن بإمكانهم إقامة الصلاة بالمدارس والحفاظ على هويتهم الإسلامية بشكل أو بآخر.

يُنقل عن النبي محمد (ص) أنه دخل ذات يوم مسجد المدينة وإذا به يشاهد جماعتين من الناس، الأولى منشغلة بممارسة العبادة والذكر والدعاء، بينما الجماعة الأخرى منشغلة بالتعليم والتعلّم، وكعادته (ص) ألقى عليهما نظرة فرح واستبشار، وقال للذين برفقته مشيراً إلى الجماعة الثانية: ما أحسن ما يقوم به هؤلاء، ثمّ أضاف قائلاً: «إنما بُعثت للتعليم»، ثم ذهب وجلس مع الجماعة الثانية!

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3592 - السبت 07 يوليو 2012م الموافق 17 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 12:51 م

      رائع يا فاضل

      رائع أنت يا فاضل .. كما عودتنا

      وما تقدمه يلامس الحاجة الماسة المجهولة والمتجاهلة

      وتجربة السيد فضل الله جديرة بالعناية والرعاية والاستفادة منها ..

      دمت برعاية الله وحفظه

      اخوك : حسن

    • زائر 2 | 1:32 ص

      من حقي أن اتعلم

      من حقي أن أدرس دراسات عليا و على الحكومة توفير هذه الفرصة لمحدودي الدخل ما دامت الرغبة للتحصيل العلمي موجودة ولكن بدون شروط.

      طالبة تدرس ماجستير على حسابها الخاص و بقروووووض :(

    • زائر 1 | 1:30 ص

      التعليم حق و ليس واجب

      على أطفالنا أن يعوا جيدا أن التعليم حق يجب السعي للحصول عليه , فلا يتذمرون من الذهاب للمدرسة و الدروس الدينية و كأنه فرض عليهم!

اقرأ ايضاً