العدد 3591 - الجمعة 06 يوليو 2012م الموافق 16 شعبان 1433هـ

كشكول مشاركات ورسائل القراء

الدولة المدنية مرادف لدولة المواطنية

ما هو السبب السوسيولوجي لهذا اللهيب الحراكي المتزايد في العالمين العربي والإسلامي، الجواب هو رد فعل طبيعي على تراكم الفقر والقمع والمحسوبية والطائفية والعنصرية والتهميش على مدى عقود. نتيجة لهذه الممارسات غير الإنسانية وفي ظل غياب العدالة استفحل الاستبداد وصار دم الإنسان رخيصا لذا قامت الأديان الإلهية على تكريم الإنسان، وشدد القرآن الكريم في آية 58 النساء الحكم بالعدل لا التعسف إذ قال «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» ويقول الرسول (ص) العدل أساس الملك. أما الغاية من الرسل فهم مبشرون ومنذرون وليسوا محكمي الأديان على رقاب البشرية لو أبت ذلك. لا إكراه في الدين. العدالة روح الإسلام وجوهره ومضمون قيمه ومبادئه الأخلاقية وأن مفاهيم الإسلام المتعددة ونظمه التشريعية والقانونية قد ركزت أهدافها وغاياتها على ضوئها (العدالة) ومن اجلها، وذلك في مختلف الحقول والمجالات، نستطيع ان نقول بان وضعه (ص) لبنة دولة القانون أو الدولة المدنية يعني تحقيق دولة المواطنية التي ينشدها العالم العربي والإسلامي. هذه المواطنة تعني المشاركة في الوطن، على أساس الحرية والمساواة في الحقوق والتكافؤ، أي أن المشاركة في الوطن نابعة من اختيار حر أو إرادة حرة. الإرادة الحرة هي عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، إذا فقد الحرية لا وطن كما يقول الكاتب الفرنسي لابرويير jean d La Bruyere «لا وطن مع الظلم» فالمواطن الذي يشعر بالظلم ومصادرة حقوقه لا وطن له. بكل تأكيد الحديث عن الوطن والمواطنة حديث جدير بالبحث فيه لأنه حساس وجوهري في آن.

حاجة الإنسان إلى الوطن هي حاجته إلى البذل والعطاء. قال الإمام علي (ع): «غمرت البلدان بحب الوطن» من هذه المنطلقات تكشف لنا أن الإنسان بحاجة ماسة إلى وجود وطن حاجة جوهرية ووجدانية متأصلة في شخصيته، فإذا فقد الوطن فقد كل شىء، الإنسان الذي يفقد وطنه يعيش قلقا لا يمكن أن يعطي أو أن ينتج فهو بحاجة إلى الأمن والاستقرار لا إلى التشرد. قال الرسول (ص): حب الوطن من الإيمان، أي نابع من إيمان ووجدان الإنسان لا من مال يكتسبه وجنسية تمنح له مؤقتا للاستفادة منها لا لأنه يشم عبير ثراء الوطن الذي حوى أجداث أجداد أجداده وتكون نستالجيته المحفورة في ذاكرته وشعوره القلبي.

وإن أي نظام سياسي لا يأخذ بعين الاعتبار العدالة كمنطلق وقاعدة لحكمه ويختار سياسة القهر والعنف والقتل والتعذيب ومنع الناس من ممارسة حقوقهم السياسية والثقافية كخيار لم يحقق استقراره السياسي والاقتصادي والأمني ولم يجن إلا مزيداً من الاضطرابات وطول أمد المشكلة ويعجل بسقوط تلك الأنظمة السياسية في العالم. صحيح أن زمن العنف قد ولى وجاء زمن التشاور والقبول بالرأي الآخر. قال رسول الله (ص) ما تشاور قوم إلا هدوا لأرشد أمرهم.

فإذا كان السبيل للخروج من هذه الأزمات السياسية قبل استفحالها يجب الامتثال بقوله تعالى «وشاورهم في الأمر» وقال الإمام علي (ع) من شاور الناس شاركهم في عقولهم، وهو ما ينشده ويتطلع له الواقع الحاضر بحكم ديمقراطي تتشاور في طرحه ومناقشته جميع أطياف الشعب وتقع المسئولية على الجميع لا على فرد. فإذا كان الوعي بالحاجة إلى الديمقراطية والمشاركة الشعبية في الشأن العام عميقا، فان فعالية القوى الأهلية – المدنية ستكون قوية وصلبة ومستديمة لا هشة كما نشاهد الحال وستكون موضع احترام العالم.

ليس من السهل تعريف الديمقراطية لأنها تشمل أوجهاً مختلفة في الحياة ولتأثيرها بالمعطيات التاريخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والنفسية ولأنها مصطلح جديد على مجتمع غالبيته يدين بالدين الحنيف الاسلام. يبدو من الشعوب الثائرة في العالم العربي أنها تصبو إلى الديمقراطية شكلا لنظام الحكم، متعارضا مع الحكم الملكي الاستبدادي والحكم الأوليغارشي ولا لأي شكل من أشكال النظم التوليتارية. لان الجماهير تعتقد أن في ظل مثل هذه الأنظمة يستحيل عليها محاسبة ومراقبة المسئولين في الجهاز الحكومي عن أخطائهم وتصرفاتهم غير الأخلاقية ويدرك كل متابع لهذه الانتفاضات أن الدافع القوي وراء تلك التصرفات والممارسات من لعب وتبديد ثرواتها وتضيع فرص التقدم وإيقاف وتيرة النمو الاقتصادي فرض قرارات تصاغ في الغرف المغلقة على أهواء السلطة. يقول محمد أركون «اعلم أن الملة لابد لها من قائم عند غيبة النبي يحملهم على أحاكمها وشرائعها ويكون كالخليفة فيهم للنبي في ما جاء به من التكاليف والنوع الإنساني أيضا بما تقدم من ضرورة السياسة فيهم للاجتماع البشري لابد لهم من شخص يحملهم على مصالحهم ويزعهم عن مفاسدهم بالقهر وهو المسمى الملك انتهى».

لاشك أن كلام أركون هو عين الصواب انه لابد لقيادة الأمة قائم يخلف الرسول، عدل ونزيه لكي يقطر سفينة الأمة إلى شاطئ الأمان لا إلى ما تفرزه صناديق الانتخابات تحت مصطلح الديمقراطية. لسنا ضد الديمقراطية لكنها ليست الدواء الناجع لأدوائنا. يقول هاشم صالح: «لن انتهز الفرصة لكي أعطي درسا في الديمقراطية للحكام والمحكومين كما يفعل الكثير من المثقفين بشكل سهل وأحيانا رخيص، بل إني أخشى أن يحصل لكلمة «الديمقراطية» ما حصل لكلمة «الوحدة والحرية والاشتراكية» من قبل، فسوء الاستخدام أو كثرة الاستخدام لمناسبة وغير مناسبة تؤدي بالكلمة إلى الابتذال وفقدان المعنى بل التآمر على المعنى الاولي». فهذا حقيقة ما يقول، فكم سمعنا الكثير عن هذه المصطلحات إلا أنها لم تثمر ولا تحل مشاكل العالم العربي والإسلامي التي الآن نغرق في اتونها، و لن نستطيع النجاة إلا بتفعيل قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم» وفي آية مباركة أخرى «وألو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا، لنفتنهم فيه ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا» (16 و17 الجن) تعني هاتان الآيتان الكريمتان لو أن الناس استقاموا على شريعة الله لبسط لهم الرزق ووسع عليهم في الدنيا والآخرة وتفسير «يسلكه عذابا صعدا» يدخله ربه عذابا شديدا شاقا لا راحة فيه طبعا حياة لا راحة فيها بسبب الإعراض عن تعاليمه، ويمكن بعبارة أوضح انحراف عن جادة الحق بممارسة الكذب والرشا والتزوير وإخفاء الحقيقة على الناس حيث تصبح الحياة ملتبسة على الانسان.

في خضم الصراع السياسي والمذهبي على خلفية ثورات الربيع العربي يعتقد بعض الباحثين أن النزعات العلمانية في التراث العربي والإسلامي هي النواة الصلبة القوية في بناء الدولة المدنية. فالعلمانية لا تتأسس إلا بالفصل النظري الصارم بين الحكمية الإلهية والحاكمية البشرية والإقرار بجدارة العقل وقوته في ميدان التشريع وتوجيه الفعالية الفكرية والاجتماعية والسياسية بما يخدم الإنسانية. يقول العلماء إن العقل إنما يصلح مؤمنا من العقاب مع عدم البيان وحاثا على طاعة الملك الديات ومحذرا من مخالفته وارتكاب العصيان لا انه منشأ لتشريع الأحكام ومأخذاً للحلال والحرام. لكن تلافيا للصراعات والحزازات ذهب بعض قادة الجمعيات والأحزاب السياسية إلى تجاوز مرحلة القوانين اللاهوتية والميتافيزيقية والمذهبية واعتماد صناديق الانتخاب كحل وسط، ولكي يستقر الوضع الاجتماعي بمختلف أطيافه وتوجهاته آثر الصناديق والتراضي على ما تفرزه من نتائج انتخابية ويبقى كل فرد يمارس عقيدته بحريته المطلقة دون التدخل في تلك الممارسات بأي شكل من الأشكال.

علوي محسن الخباز


الرئيس المصري الذي طال انتظاره

هو الرئيس محمد مرسي الذي انتظرته مصر طويلاً ما يقارب 60 عاماً، منذ أن قام الضباط الأحرار بثورة 23 يوليو/تموز 1952، فجاء الحكم العسكري لمصر، وانشغل الضباط بالحروب الخارجية التي كانت تشن على مصر، أما في الداخل فقد منعوا الحريات، وكمموا الأفواه، وأودعوا الأحرار السجون، وسيق من سيق إلى حبل المشانق، فكانت النتيجة هزيمة 5 يونيو/حزيران، والتي سميت بالنكسة، وتأخرت مصر كثيرا عن ركب الدول النامية والمتطورة، ثم تواصل حكم العسكر ممثلاً في أنور السادات، الذي انشغل في البداية بالقضاء على خصومه، والذي أسماهم بمراكز القوى، ثم قاد نصراً معنوياً في معركة 10 رمضان عام 1973م، ثم أوقفها، ثم بدأ مرحلة ما يسمى بعملية السلام مع اليهود، حتى انتهى به المطاف إلى حادثة المنصة المعروفة، أما خلفه حسني مبارك، فلم يكن حسناً، ولم يكن مباركاً على أهل مصر، بل كان مباركاً على نفسه، وأهله، ومن حوله، ولم يهتم بالتنمية، ولا برفع شأن البلد، ولا بإصلاح الاقتصاد، بل كان جل همه تنمية نفسه ومن حوله، فجمع المليارات من الأموال على حساب الشعب الفقير المحتاج، فازداد الفقير فقراً، وازداد الأثرياء ثراءً وفحشاً، وتم إقصاء الرأي الآخر ومحاربته، وشهد هذا العهد تسلط الحزب الواحد على كل المجالس التشريعية والإدارية وغيرها.

ثم أتى أمر الله سبحانه بالتغيير، ولا مرد لقضائه، وهبَّ الشعب عندما عزم على التغيير، فوفقه المولى في ذلك، وانزاح المخلوع في 18 يوماً، وأودع السجن، وجاء من كان في السجن، ووصل إلى رئاسة الجمهورية، وهذا قدر الله ومشيئته في اختيار الصالحين والمستضعفين...

محمد مرسي هو حلم مصر الذي تحول إلى حقيقة، وهو قدر الله النافذ، وهو الذي على يديه ستنتعش مصر، وستعود إلى مكانتها الحقيقية بين العرب وبين دول المنطقة، مصر ستستعيد مركزها التاريخي والإقليمي، وهي قلب العرب والإسلام النابض، وهي كنانة الله على أرضه،هذا حكم الله لا تغيير لحكمه، وكما جاء بالنبي يوسف عليه السلام من السجن إلى حكم مصر، أتى بمرسي من السجن إلى حكم مصر.

دعوا مرسي يبني مصر من جديد، وأعطوه الفرصة، ولا تحكموا عليه من الآن، احكموا عليه بعد 4 أعوام من حكمه، إنه من الظلم أن يساء الظن به وهو لم يبدأ بعد الحكم فعلياً، الالتفاف حوله، ومعاونته، وتسديده، والدعاء له هو كل ما يحتاجه الرئيس طوال حكمه، فلنصبر، ونتعاون، فالمصريون صبروا على حكم العسكر 60 عاماً، لا يضرهم لو صبروا 4 أعوام فقط.

ثم أيها العرب ثقوا في إخوانكم المصريين، فهم سندٌ ودرعٌ حصينٌ لكم، وهم رأس الحربة في الدفاع عنكم، هذا قدرهم الذي أراده الله لهم، وهو تكليفٌ يتشرفون بحمله، لا منة، ولا تفاخراً، ولكن تقرباً إلى الله، واحتساباً للأجر الذي ارتضاه الله لهم، فلنحسن الظن بهم، وندعمهم بكل ما يحتاجون إليه من دعم.

عبدالجليل الجاسم


لا تراكِ العيون

صادقٌ إنني وصمتيَ يَـشْهَـدْ

في هواكِ لهيبُ قلبي تَوَقَّدْ

صادقٌ كالهوى وأصدقُ شيءٍ

هو أني في العشقِ لا أتردَّدْ

لا تراكِ العيونُ إذْ أنتِ عـينايَ

ورمشي في رمـشكِ قَدْ توحَّدْ

لا يقولُ اللسانُ شيئاً إذا ما

كنتِ حقاًّ لسانَ حُسْنٍ تجسَّدْ

في يديكِ الجميلتينِ كبحرٍ

تشرقُ الشمسُ والرُؤى تتجدَّدْ

كنتُ، من قبل أن أراكِ، ظلاماً

وأنا الآنَ ضوءُ حُـبٍّ تَـمدَّدْ

كنتُ لاشيءَ في الزمانِ، ولكـنْ

صرتُ كلَّ الأشياءِ، أرقى وأصعَدْ

كنتُ مثلَ الصحراءِ جَدْباً ولمًّا

أنْ عرفتُ الهوى دمي قَدْ تورَّدْ

وأسيراً قَدْ كنتُ في سجنِ عقلي

فاستوى الأفقُ في خيالكِ أَبْعَدْ

كنتُ مثلَ السرابِ أقتطفُ الوهمَ

وعُمري في حبلهِ يتبدَّدْ

غيرَ أني شربتُ أقْداحَ عِشْقٍ

من يديكِ فاخضرَّ عُمريَ وامْتّـدْ

لا حدودٌ إليكِ أرحلُ فـيها

فهواكِ العظيمُ لا يتحدَّدْ

ألفُ أنشودةٍ ومليونُ شعرٍ

ليسَ يرقى جمالَكِ المتفرّدْ

قَدْ تجلَيتِ كالأميرةِ حيناً

ثمَّ حيناً مثلَ الملاكِ المُخلَّدْ

ليسَ ما أبتغي فتاةً ولكنْ

فيكِ أنتِ كلُّ النسا تَتَجَسَّدْ

عبدالله زهير

العدد 3591 - الجمعة 06 يوليو 2012م الموافق 16 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً