الحديث عن مصر اليوم هو حديثٌ عن مسار الربيع العربي، وما تشهده مصر هذه الأيام من معارك صغيرة، ستسهم في تحديد مستقبل الأمة العربية.
من هذه المعارك الصغيرة ذهاب الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي إلى ميدان التحرير مساء الجمعة ليلقي خطاباً في «مليونية استعادة صلاحية الرئيس». وكان ذلك مخرجاً ذكياً من مأزق أداء القسم، الذي كان يطالبه المجلس العسكري بالمثول أمامه، بينما كان يصرّ على أدائه أمام مجلس الشعب المنتخب الذي جرى حله. وكان الحل الآخر اللجوء إلى المحكمة الدستورية، وهو ما كان يتحفظ عليه. وكان الحل أن يجري على مرحلتين، القسم أمام الشعب مباشرةً في الميدان يوم الجمعة، وفي اليوم التالي أمام المحكمة.
مرسي كان واضحاً وحاسماً في هذه النقطة، فكرّر كلامه عن سلطة الشعب واستمداد الشرعية منه مباشرة. واستخدم لغةً ذات نبرة عاطفية تكرّرت فيها كلمات «أحبكم»، «معكم»، «أنتم». وتحدّى بالمقابل - والكلام كان موجهاً للعسكر - أية جهة تسلب الرئيس والبرلمان صلاحياتهما. فهو في هذه الخطوة يلجأ إلى الشعب في معركة طويلة تواجه مصر لإعادة الجيش إلى ثكناته بعد ستين عاماً من النفوذ والحكم المباشر.
في رسالته للخارج، أعاد مقولاته السابقة عن الأمن القومي المصري وعدم تبعية مصر لأية قوة خارجية، وهي مسألةٌ تمسّ وتراً حساساً لدى المصريين بعد أن جرّبوا مأساة الارتهان للسياسة الأميركية، فأفقدت بلدهم قراره المستقل ودوره الإقليمي، حتى بلغ الهوان أن تعلن وزيرة الخارجية الإسرائيلية الحرب على غزة من وسط القاهرة، وبجوارها نظيرها المصري أبوالغيط يبتسم لها في بلاهة، وكأنها تعلن عن مباراة كرة قدم!
في الاتجاه نفسه، حذّر مرسي من المسّ بكرامة مصر ورئيسها، وهي إشارةٌ وضعها المراقبون في سياق الغضب المصري على ما أعلنه رئيس شرطة دبي من موقف عدائي تجاه الإخوان، وسخريته من الرئيس الجديد الذي جاء عبر أول انتخابات حرة. والذي أصبح يمثل كل المصريين وليس جماعته الدينية السابقة. وهي مسألة دقيقة لم يستوعبها رئيس الشرطة فوقع في مثل هذا الخطأ الفظيع. ويأمل المصريون أن يتم تدارك ذلك وإسكات هذا الصوت النشاز لإثبات أنه رأي شخصي ولا يمثل دولته.
خطاب الجمعة بدأ وطنياً بمسحة عاطفية، لشد مواقف الجماهير وتقوية الجبهة الداخلية، حيث ركز على الوحدة لوطنية وأعاد إرسال تطمينات للفرقاء الدينيين والسياسيين، مع التركيز على التمسك بأهداف الثورة، حيث عمد عدة مراتٍ إلى استخدام شعار «ثوار. أحرار. نواصل المشوار»، وهو من الشعارات الكبرى التي ترددت في الميادين العربية أثناء حركات الربيع العربي. وربما خرج قليلاً عن النص في منتصف الخطاب حين غادر المنصة إلى جهة يشرف مباشرة على الجمهور، حيث قام بما يمكن اعتباره حركة استعراضية سياسياً، حيث كشف عن صدره وصاح: «أنا لا أخاف»، فارتفعت صيحات الجمهور بالتفاعل والاستحسان.
كان الميدان يموج بالأعلام والأناشيد الوطنية والشعارات السياسية، وربما تذكر مرسي في آخر خطابه السجناء المنسيين منذ أيام الثورة وما قبلها، ووعد ببذل أي جهد ممكن ليتحرر «سجناء الثورة» بدءًا من الغد كما قال. فبقاء هؤلاء في السجن من أغرب مفارقات الربيع العربي!
لقد بدأ مرسي يومه بصلاة الجمعة في الجامع الأزهر إلى جوار شيخه أحمد الطيب، وأنهاه بخطاب حماسي لتأكيد شرعيته المكتسبة من الميدان، وسبق ذلك بلقاء مع أقطاب الكنيسة حيث بعث برسائل طمأنة للمختلف في الدين والشريك في الوطن.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 3585 - السبت 30 يونيو 2012م الموافق 10 شعبان 1433هـ
يذل من يشاء ويعز من يشاء.
بألأمس القريب كان مطاردا ومطلوبا ومراقبا وهاهو أعتلا المنبر وأصبح زعيما ورئيسا والذى كان يبغضه أصبح مسجونا نتمنى له التوفيق .
نسيت شي يا قاسم !!!
لماذا لم تورد العبارة التي هزت الميدان (( قول الحق يا مشير مرسي رئيسك والله لا )) ... هذه العبارة التي ستقصم صلاحيات العسكر في مصر.
من اجل مصر
ما فهمته انك تكتب من اجل مصر وشعب مصر وليس من اجل مرسي وشخصه. احسنت على هذا الطرح.
تعلم
اذا اراد مرسي ان يوفق فى حكم الرعية وبشكل صحيح عليه ان يتخذا الامام علي قدوة له ،هو لن يستطيع ذلك ،ولكن عليه ان يسعى ويجتهد
وإن غدا لناظره لقريب
انعيش وانجوف هل يساوي بين جميع الطوائف والاديان وكل له عقيدته ومذهبه ام سيكون هناك قوانين وانظمه لطائفة معينة تحد من طقوسها التي تعتقدبها وسوف نرى وإن غدا لناظره لقريب
تكملة المسألة الدقيقة!
وما لا يستوعبه البعض في ذروة غفلتهم (التي ربما تكون مصطنعة) أن رجلاً في منصب قائد شرطة أهم مدن المنطقة في بلدٍ كالإمارات لا يتحدث دون ضوءٍ أخضر وقولٍ مدروس.