زرت الكثير من المواقع الإلكترونية العربية والأجنبية الخاصة بلجان الانتخابات الرسمية مع تزايد اهتمامي بموضوع الانتخابات وإصلاح النظم الانتخابية، وتبين لي أنها تتفاوت فيما بينها بدرجة كبيرة من حيث عمق وشمولية المعلومات المقدمة للمترشح والناخب. ومن دون أن نذكر نموذج بريطانيا العظمى أو الولايات المتحدة الأميركية العظمى أيضا، سنتحدث عن تجربة جارتنا الكويت، إذ إنها الديمقراطية الأقدم والأرسخ في دول الخليج، وسنقارن تحديداً بين حجم بيانات الناخبين التي يحصل عليها كل من المترشح في مملكة البحرين والمترشح في دولة الكويت.
وفي البداية يجدر بنا التنويه إلى أن وزارة الداخلية الكويتية هي الوزارة المسئولة عن الإشراف على العملية الانتخابية في الكويت، وجميع بيانات الناخبين والنتائج المتعلقة بانتخابات مجلس الأمة متوافرة على الموقع الالكتروني: www.moi.gov.kw/portal/varabic ،http://www.moi.gov.kw/portal/varabic، ويمكن التعامل معها في يسر وسهولة.
ولعلكم أعزائي ستصابون بالدهشة عندما ترون بيانات الناخبين معروضة بالتفصيل على قوائم (اكسل)، منظمة ومصنفة دائرة دائرة بحسب الدوائر الخمسة والعشرين. وإذا أخذنا الدائرة الانتخابية الأولى، الشرق، على سبيل المثال فسنجد البيانات مصنفة وفق عناوين الأعمدة الآتية: رقم القيد، تاريخ القيد، مرجع الوزارة، الرقم المدني، رقم الدائرة، رقم الجدول، نوع الجدول، وصف الدائرة، وصف الجدول، حرف الاسم (من الألف إلى الياء)، الاسم الأول، الاسم الثاني، الاسم الثالث، الاسم الرابع، اسم العائلة، تاريخ الميلاد، المهنة (موظف، طالب، عاطل، عسكري حرس وطني، متقاعد، مهندس، رجل إطفاء، طبيب، مدرس، مهندس ميكانيكي...)، حال القيد، المنطقة (الشرق، الدسمة، بنيد القار،...)، القطعة، الشارع، الجادة، القسيمة، نوع المبنى (منزل، قسيمة، شقة، عمارة، بناية، بلوك) رقم المبنى (شقة 4، الدور 2 الشقة 6، 44 ب، مجمع الصوابر،...)، لا بل يشجع الموقع الزوار على تنزيل الملف بكتابة «ملاحظة: لحفظ البيانات يمكنك الضغط بزر اليمين الموجود على الفأرة على الشكل الموجود ثم اختيار Save Target As» حتى يتمكن أي شخص، وأعني أي شخص، من حفظ بيانات 3796 ناخباً يسكنون الدائرة الانتخابية الأولى (الشرق).
أما بيانات الناخبين (إناث) فهي متاوفرة للمترشحين فقط من خلال إدارة الانتخابات، ولا تتوافر على الموقع لأسباب وتداعيات قد تراعيها البيئة المحافظة في الكويت، ولعل عذرهم معهم في ذلك.
البيانات تعرض بحسب الدوائر وبالتسلسل السابق ذاته، وبإمكان المترشح وبكل سهولة تحميل بيانات الناخبين في دائرته في منتهى الراحة وهو جالس في منزله. ثم يستطيع تصنيف القوائم بحسب المعلومة المرغوبة بالنسبة إليه، العمر مثلا أو العائلة، ليبدأ رحلة التعرف عليهم والتواصل البريدي معهم بمنتهى السهولة.
المترشحون في البحرين، على العكس من نظرائهم في الكويت، محرومون من جميع أنواع البيانات، اللهم إلا الاسم الثلاثي للناخب ورقم المجمع والرقم السكاني، وكأنهم يزجون في مسابقة إجبارية للبحث عن العناوين الكاملة، وان استطاعوا وكانوا أشطر، أرقام الهواتف النقالة، ومن فلح فلح. إلا أن بعض المترشحين كما تردد حديثا توافرت لديه قاعدة بيانات دائرته متكاملة منذ فترة، ليبدأ التحرك الفعلي على ناخبيه منذ شهرين أو أكثر، فلماذا ذلك؟ وبالعامية (شمعنه، ناس وناس!) ومن الذي يقوم بتسريب تلك البيانات لأناس على حساب أناس في «دولة القانون»!؟
لقد سمعنا وشهدنا عدداً غير قليل من المترشحين في حيرتهم الكبيرة التي فرضتها عليهم اللجنة العليا للانتخابات وتفسيراتها المنتقاة لنصوص القانون. فهل يعقل لعاقل أن يقصر عنوان الناخب على رقم مجمعه، وهل يشتغل بريدنا الرسمي بهذه الطريقة؟ يكفي أن تخطيء في رقم واحد في عنوان المرسل إليه، حتى يرجع الطرد البريدي من حيث أتى، لا أن تكتب رقم المجمع الكبير فقط، فعقول من يستصغرون. لقد ابتدع المترشحون المساكين طرقا متنوعة للحصول على قاعدة الكترونية للبيانات، فمن فريق للمتطوعين إلى موظفين بأجر يقومون بطباعة القوائم الورقية التي تسلموها من اللجنة العليا في وقت متأخر ويصنفون ويجمعون البيانات بطريقة قابلة للمعالجة. هذه قائمة العوائل وهذه قائمة المعارف وهذه قائمة سين وهذه قائمة صاد. أما أرقام التلفونات فهي المصيبة الأعظم، فشركة بتلكو خطوطها مشغولة دائما بالرد على استفسارات غيرك! وإذا ما حالفك الحظ رد عليك المجيب الآلي ليحولك بنصيحة مجانية الى استخدام الدليل البدين، وأنت وحظك. وقد حاول بعض المتطوعين في بعض الفرق الانتخابية استخدام الدليل فعلا، لأنها الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامهم، ولكنهم وفقوا في الحصول على عشرين في المئة فقط من الأسماء، ذلك لأن كثيرا من الأسماء مكررة في الدليل، وبعضها مبتورة، وبعضها غير مسجل و...، ولكن ما عساهم فاعلون فقواعد البيانات للاتصال بأرقام الناخبين غير متوافرة. ولكن انتبهوا معي فسكان المملكة جميعا يتسلمون رسائل نصية من مصادر غير معروفة عبر هواتفهم بين الحين والآخر، تحوي كلاما رخيصا وبغيضا ووضيعا عن رموز المعارضة، فكيف يمتلك هؤلاء أرقام هواتف الشعب النقالة، ومن يحدد وسائل الاتصال بالمواطن وبأي غرض، ألم نقل لكم إن هناك انقلابا في المفاهيم والمسلكيات؟
ونصيحة لمترشحينا الشرفاء أن يزوروا جميعا الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية في دولة الكويت ليتأكدوا بأنفسهم من البيانات المعروضة، وألا يفوتوا الفرصة في المطالبة بحقهم في الحصول على المعلومات ضمن ميثاق شرف أخلاقي يحفظ للناس خصوصيتهم، وأن يرفعوا السقف عاليا فهذه حقوق وليست مننا ولا مكرمات
إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"العدد 1516 - الإثنين 30 أكتوبر 2006م الموافق 07 شوال 1427هـ