الفقراء المنفيون خلف جدران الحرمان المتصدعة من أثر الجوع، البؤساء المنسيون طوال تلك السنوات التي طحنت أضلاعهم ونحلت أجسادهم، فأحالتهم هياكل عظمية لا تقوى على حمل رغيف يابس، هؤلاء المحرومون تزداد أهميتهم كلما اقترب الموعد مع صندوق الاقتراع! فهؤلاء مدعوون هذه الأيام إلى «بوفيهات» لا حصر لها، بعد أن تعبت أبوابهم من الطرق أيام الشهر الكريم، حتى اكتظت مخازنهم بكل ما من شأنه إحالة الهياكل العظمية إلى أجساد تحسبها من دون عظام!
كل أنين الفقراء كان قبل أشهر على زر «الصامت» لم تكن آذان «أصحاب الحمية» في مقدورها أن تستمع ولا إلى أنة واحدة، وفجأة أصبح كل ذلك الأنين مؤرقاً، وأصبحت العين لا تغمض، وبدأ «المتخم» لا يبيت مبطاناً، فلعل بالحجاز أو اليمامة من لا عهد له بالشبع، وتلك الظهور التي أحنتها «التخمة» انحنت فجأة ولكن هذه المرة من حمل الجراب الممتلئ في أنصاف الليالي الكالحة، بحثاً عن معدم أو بائس أو فقير!
الفقراء لن يهجرهم الفقر، والبؤساء لن يخلي سبيلهم البؤس، إذا ألقوا بأصواتهم الثمينة في صناديق الاقتراع لصالح أولئك الانتهازيين الذين وطأوا بنعالهم أحلام الضعفاء عقوداً طويلة وجاءوا اليوم يطلبون من الفقراء إعانتهم على الاستمرار في جلدهم وحرمانهم وسرقة اللقمة من أفواههم‡
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1516 - الإثنين 30 أكتوبر 2006م الموافق 07 شوال 1427هـ