يتساءل الكثيرون عن دور الأمانة العامة لمجلسي الشورى والنواب وعما تم تحقيقه خلال السنوات الأربع الماضية من عمر التجربة الديمقراطية في البحرين. ففي الوقت الذي يركز فيه الإعلام على نشاطات الأعضاء في المجلسين، لا يبرز إلا الدور القليل من الجهد الذي تقوم به الأمانة العامة والذي يعتبر عنصرا مهما في نجاح الأعضاء في أداء المهمات الموكلة إليهم بحسب الدستور.
وقبل الخوض في دور الأمانة العامة يجب التنويه إلى أنهما يشتركان في الاسم والتنظيم والمهمات نفسها، إلا أن الجهد يختلف بين المجلسين. فالمرسوم رقم (55) و(54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلسي الشورى والنواب أشار في مادته 183 لمجلس الشورى والمادة 212 إلى تعيين أمين عام بدرجة وكيل وزارة تكون له الاختصاصات والصلاحيات المالية والإدارية المقررة في القوانين والأنظمة لوكلاء الوزارات، والصلاحيات الأخرى المرتبطة بعمل المجلس. والتنظيم الحالي للمجلسين يشير إلى وجود أمناء عامين مساعدين بدرجة وكيل وزارة مساعد يختص الأول بالشئون الإدارية والمالية والمعلومات والآخر بشئون المجلس بالإضافة إلى مجموعة من المديرين ورؤساء الأقسام والموظفين على مختلف المستويات والمهمات. وبالنظر إلى هذا التنظيم هل استطاعت الأمانة العامة القيام بدورها المطلوب في تسيير العمل البرلماني؟ هل هناك إنجاز أو تقصير في الأداء؟ وما هي الإجراءات الداخلية التي قامت بها الأمانة العامة للقيام بما هو مطلوب منها؟
من المعلوم أن مرسوما ملكيا صدر في 2002 بتعيين أمينين عامين للمجلسين وهما يتمتعان بخبرة برلمانية وإدارية، وقد بذلا جهدا مضاعفا لتسيير أعمال المجلس بحسب ما نص الدستور واللائحة الداخلية لكلا المجلسين. وإن حصل هناك تقصير في بعض المهمات فإنه يعود بالدرجة الأولى إلى الضغط المستمر من الأعضاء في تقديم بعض الخدمات، وضغط العمل سواء على مستوى اللجان الدائمة والمؤقتة واجتماعات المجلس بالإضافة إلى إدارة العاملين في المجلسين. وقد عملت الأمانة العامة على التطوير المستمر في طاقمها الوظيفي لكلا المجلسين لمواكبة التطور السريع في الأداء، إذ زادت نسبة الموظفين من الجنسين وفتحت بذلك مجالات الترقي والتدريب الداخلي والخارجي وأعطيت بعض الامتيازات للموظفين كالتأمين الصحي والأجر المحفوظ في مجلس النواب وتوزيع «البونس» السنوي على موظفي المجلسين وغيرها من الامتيازات التي لا تتوافر في الغالب لموظفي الحكومة إلا بشق الأنفس. كما تطور العمل في مجال البرلمان الالكتروني والبحوث واستخدام أحدث وسائل الاتصال الداخلي والخارجي واستخدام الإعلام في توضيح عمل الأمانة العامة للمجلسين. والمتتبع للعمل البرلماني في البحرين يستطيع ملاحظة ما تميزت به التجربة الديمقراطية من تطور من حيث أداء الأعضاء وعمل الأمانة العامة البحرينية التي تعتبر شريكا ناجحا ومؤثرا في المشروع الإصلاحي لجلالة الملك. وأما ذكر السلبيات والنواقص فإنه لابد من التعرض لها بغرض التصحيح والنقد البناء وليس بهدف التجريح أو الانتقاص من أشخاص بعينهم والتقليل من أدائهم. وأول هذه النواقص ما تمت الإشارة إليه في أكثر من مرة في بعض الصحف من المحسوبية في التوظيف من حيث الكفاءة والطائفية، ونظرة على الواقع تثبت صحة بعض هذه الإدعاءات، ولتدارك هذا الإشكال فإن تشكيل لجنة للتوظيف في كلا المجلسين يمثل فيها أعضاء يختارهم مكتب المجلس مباشرة بالإضافة إلى من يعينهم الرئيس من الأمانة العامة تأخذ على عاتقها مهمة وضع نظام يتسم بالشفافية في للتوظيف والترقي والتدريب، وأن تتمتع بالحياد والنزاهة في اتخاذ القرارات، وأن تنظر بعين واحدة لكل البحرينيين بعيدا عن الانتماءات السياسية والمذهبية والعائلية.
وفي هذا المقام ينبغي منع الأعضاء من التدخل في التعيينات والترقيات والتوصيات لعدم أحقيتهم في التدخل في الشئون الإدارية والمالية، لأن ذلك من اختصاصات رئيسي المجلسين مباشرة بحسب نصوص اللائحة الداخلية، وتطوير نظام الاتصال باستخدام الإعلام المرئي والمسموع لتعريف الجمهور بما يدور داخل المجلس وما يبذله الأعضاء والأمانة العامة من جهد لا ينقطع خلال الفصل التشريعي بأدواره الأربعة من عمل متواصل، وتوزيع النشرات الإرشادية والتوعية واستقبال المواطنين والزوار، وإصدار صحيفة أسبوعية تحمل أخبار المجلسين سواء على المستوى التشريعي أو الإخباري المتعلق بالأمانة العامة وتعزيز التواصل من خلال استطلاع آراء الجمهور فيما يطرح في المجلسين.
ينبغي كذلك تقوية الشعبة البرلمانية للمجلسين عبر إيجاد نظام يحكم عملها وينشر ويوزع على الأعضاء حتى يكونوا على إلمام تام بكيفية عمل هذه الشعبة التي تمثل المجلسين في المشاركات الخارجية وإشراك الأعضاء في إبداء آرائهم صراحة في نظام الشعبة. والأمانة العامة مسئولة عن اتخاذ خطوات ملموسة في تواصل الأعضاء مع الأمانة العامة والجمهور وخصوصا بشأن المشروعات التي يبحثها المجلسان.
والبحرين إذ تشهد خلال الفترة المقبلة مرحلة جديدة متواصلة من المشاركة الشعبية في انتخاب أعضاء جدد للمجلس النيابي وتعيين أعضاء في مجلس الشورى... نناشد القيادة العليا في البحرين إذا كان هناك تعيين جديد في المناصب العليا في الأمانة العامة للمجلسين، اختيار أنسب الأشخاص القادرين على تحقيق الانجازات والتطوير، تتوافر فيهم الشروط البعيدة عن المذهبية والانتماءات السياسية، ويفضل إشراك رئيسي المجلسين في اختيار الأمناء العامين كما هو حاصل في مجلس الأمة الكويتي
إقرأ أيضا لـ "حسين خميس"العدد 1516 - الإثنين 30 أكتوبر 2006م الموافق 07 شوال 1427هـ