العدد 1515 - الأحد 29 أكتوبر 2006م الموافق 06 شوال 1427هـ

لم تفلح... ولم تلفح...!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

لم تفلح أرقى الجامعات البريطانية والأميركية، ولا «الكوفي شوبات» المنتشرة في وسط المنامة أو أطرافها أو في «العدلية»، في تغيير نمط التفكير لدى الكثير من أبناء الطوائف والقبائل. لم تفلح تلك القيم والمفاهيم الرائجة اليوم، في تغيير سلوكهم تجاه الآخر؛ بل زادت حدة نعرتهم القبلية والطائفية، وجاءت الردة الفكرية بمزيد من حدة التوتر حاملة معها ما يعززها من عوامل التكنولوجيا وما توصل إليه العالم المتقدم من منتوجات ووسائل دعائية متطورة... من إنترنت و«مسجات» قصيرة و«بلوتوث»!

لم يثنهم «التاي» (الكرافت) و«البنطال» والأقمشة المزركشة بألوان الطيف، وغير الطيف، عن ارتكاب المجازر النفسية، ونصب أعواد المشانق الفكرية وصوغ المؤامرات لإقصاء الآخر وتأكيد حقهم الوحيد في العيش على هذه البلاد، أو تلك العبارات التي تعتبر بقية الناس كحشرات من الواجب إبادتهم، وتسقيطهم في خانات التطرف والإرهاب والخطأ والخطيئة والإجرام المتقادم، فالآخر المختلف معهم ليس منه أدنى فائدة ولا له أدنى شعور بالمواطنة أو حب الوطن؛ فهؤلاء ورثوا كل شائنة!

هكذا هم عادوا من الغرب، المتقدم حضارياًَ، لا «التاي» استطاع الانتقال بهم من مجتمع «القرية» و«القبيلة»، والعصبيات الاجتماعية الأخرى... والسمات المحافظة للبيئة الأولى التي ترعرعوا فيها. كما لم تفلح الخطب الانجليزية والأميركانية في ثني هؤلاء عن مسائل هي غاية في التخلف والتشظي والعدوانية تجاه مجتمع «المدينة» أو أكثر تحديداً لغوياً: المدنية.

الأفندية الجدد، مازالوا يحملون «فيروسات» العصبيات المتخلفة، وإن ادعوا الوطنية، مازال هم الطائفة والقبيلة هو المقدم، أما هموم الوطن فلا تعنيهم في شيء إن لم يكن للطائفة أو القبيلة منها نصيب! وهكذا فإن صراخهم وتحليلاتهم لا تخرج عن سياق القبيلة والطائفة وإن تشدقوا بواقعيتهم وعلميتهم واستقلالهم وعدم انحيازهم. تعجبك أشكالهم المدنية التحررية، وخطبهم الموجه للعامة وأمام الناس، ويصدمك الحديث المقزز المتداول في أروقة الطائفة والقبيلة. هكذا وجدتهم، وأسفت جداً لضياع وقتي وشحررة حنجرتي في محاورة عقولهم الصلدة المعبأة الجاهزة، غير القابلة للتزحزح ولا «بكرين» المرور! استخدمت العقل والمنطق والشواهد التاريخية، والوقائع المختلفة التي تدلل على صحة المعادلة التي تقول: الوطن يسمو على القبيلة والطائفة، والمواطنة هي شعور الانتماء الاساسي الذي يجب أن نعمل من أجل ترسيخه؛ لمصلحة الأجيال القادمة.

مازالت رموز الخير والشر، الحق والباطل، قابعة في الأذهان بعد مضي آلاف القرون وتقادم السنين... مازال حلم الدولة الثيوقراطية يداعب خيالاتهم! ولم تفلح التكنولوجيا لرفعهم نصف «أونصة»، ولم تلفح وجوههم نسائم الرقي الإنساني في التعامل مع الآخر‡

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1515 - الأحد 29 أكتوبر 2006م الموافق 06 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً