العدد 1515 - الأحد 29 أكتوبر 2006م الموافق 06 شوال 1427هـ

خَفَافِيشُ الظُلمَّة...

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

لمُُعتَرَكِ السِيَاسَةِ مُستَودَعُهَا الخَاصُ مِنَ التَخَالُفِ والتَنَازُعِ حَولَ النَصرِ، وكُلفَةِ النَصرِ السِيَاسِي لا تَكُونُ إلا بِمَا يُؤذي/يَظلِمُ/ يَقهَرُ ذَلِكَ الآخَر، المُخُتَلِف بِطَبعِه.

في السِيَاسَة لا يَكُونُ النَصرُ – وكُلُ ذَلِكَ حِينَ تَغيبُ عَن الإِنسَانِ المَهووسِ بِالتَفَرُدِ إنسَانّيَتُه – إِلا بِالظُلمِ، وأَشَدُ «الظُلمِ» هُو أَزهَى أَنوَاعِ «النّصر». لِمَنْ؟، لمَِن أَضَاعَ بَوصَلةَ الإِنسَانِ، وفَقَدَهَا ذاتَ مساءٍ لَمْ يَكُن قَبلَهُ سِوَى ذَلِكَ السَاحِبِ خُطَاهُ نَحوَ الظُلمِ وَالظُلمَة.

وَمَا بَينَ مُعتَرَكِ السيّاسَةِ الفَاضِحِ بالظُلم، وَتَصّارُعِ «النَصر» و»الهَزيمة» يُصبِحُ الضَوءُ/الوَطن/ الحُب/ الأخوَة/ الخَيرُ أكثَر الكَلِمَاتِ رَوَاجاً وَمَوتاً، وَلا فَرق. لا ضيّرَ حِينَهَا حِينَ يَكونُ الوَطنُ في مِيزانِ الكَلامِ لَيْسَ أَكثَر مِنْ «سِلعَة» تُعرَضُ لِلبَيعِ في سُوقِ النَخَاسّين!!.

الذينَ يُغرِيهِمُ النَصرُ عَلى آخرِهِم «شَيَاطينُ»، وَلَهُمْ مُرتَكَزَهُم في الشّر، هَذَا المُرتَكَزُ في عَمَليَةِ «القَتَلِ» يجلس متكأ عَقلَنَةِ القَتل، حيثُ يُعطِي الجَلادَ أدواتِ الضَحيةِ، هِندَامَهَا، وَنَمَطَ أَنفَاسِهَا قَبلَ هِجرَتِهَا الأَخيرةِ، لِيَعبَثَ بِهَا عَلَى مَسرَحِ المَوتِ قَاتِلُهَا المُتَرَبِصُ بِالشَر، عِندَهَا يَكُونُ الجَلادُ لَيسَ أَكثَرَ مِنْ ضَحَيّة، وتَكَونُ الضحِيّةُ – نَفسُهَا – سَبَبَ الظُلمِ. وَلاَ تَخلو أَزمَانُ مَضَتْ، منْ هَذَا المِثاَل، بِقدرِ مَا تظهَرُ في زَمكَانِنَا بِهذَا الوُضُوحِ الفَّج.

خفافيشُ الظُلمَةِ هُم مَنْ يُمسِكُونَ بِمَسرَحِ الظُلمَةِ، لا يَكفِيهِم النّصرُ، أوِ الإِلغَاءُ، أَو التَحَكُم، هُمُ اليّومُ عَلَى مَشَارِفِ صوّرَةٍ جَدِيدَةٍ مِنَ التوّحشِ البشَري، خَفَافيشُ بِعقُول مَهووسَة بمابعد الظُلم، وَمَابَعَدَ مَابَعَدَ الظُلم.

خَفَافَيشُ الظُلمَةِ لا يَعِيِبُهَا شِرَاء صَوتِ «نَاخِبٍ»، وَلا إستِجلابُ «سِيِء» الإنسَانِ المَطارَدِ بِتُهَمِ الإِرهَابِ لَتكَوَنَ آوالُ دَارَ أمنِهِ وَأمَانِهِ، وَلا يَعيّبُهَا التَزَلَفُ بِالرّبِ تلِوَ الرّب، وَلا يَعِيّبُهَا تَارِيخُهَا الذي يَشهَدُ عَلى انتَكَاصَتُهَا المُستَدَامَةِ عَلى كُلِ مَا هُو وَطَنيٌ حُر، وَلا يَثقِلُ كَاهِلَهَا كَثيرُ الكَلامِ عَليهَا، فَهَل كَانَ يَجدِي مَعَ السّمِ سُّمٌ.

العَارِفونَ بِخَفَافيشِ الظُلمةِ يُدرِكُونَ ما يتَختَبِئُ خَلفَ أَعَينَهَمِ التي تَنْضَحُ بِالشّر وَالخَديعَة. فكَمَا أن للخيرِ إخوَة، فَكَذَا أَنبَتَ الشيطَانُ إخوَة ورفقة بإسمِ «الدين»، وكَم ظُلِمَ «إنسَانٌ» هُنَا وَهُنَاكَ بِإسمِه. إخوة «الظلمة» أمَامَ الوَطَنِ مَصِرفٌ لِلخِدَمَاتِ، ولكُلِ شَيءٍ ثَمَنٌ، وَوَزنٌ يُقَدَرُ بِه. في «أوكازيون» الإخوة، كُلُ الأشيّاءِ مَرصُودَةٌ للمُزَايدَة، ولكل ذِمَةٍ كَيلَتُهَا، مَا مِنْ عَجَب!!.

لا تُعطي أيها الوَطَنُ لِلخُفَاشِ ظهَرَك، إنه خَدَعَكَ، أمَاتَك، فَأقبّرَك. ولن تكتفي هذه الكَائِنَاتُ بـِ «قَبّرتِكَ»، هي بَارِعَةٌ في الهتَكِ، وَالتَمثِيلِ، وسَرِقَةِ الأَدوَارِ مِليَارَ مَرَةٍ، وَمَرَة. فََحذَارِ مِنْ أَنْ تُلقِي بِنَفسِكَ في أَوكَارِ الظُلمَةِ، حَيثُ لا ضَوءَ، وَلا وَطَنَ، وَلا حُريّة لي، أَو لَك

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1515 - الأحد 29 أكتوبر 2006م الموافق 06 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً