هل نتوقع أخباراً انتخابية ساخنة ومفاجآت حادة بعد عطلة عيد الفطر المبارك، أعاده الله تعالى على الجميع باليمن والخير والبركات؟. الإجابة على هذا السؤال تحمل تأكيداً أكثر منه نفياً، فبعض المترشحين اعتبر الأيام الثلاثة التي يعطل فيها للعيد استراحة المحارب، يرتاح هو وفريقه جميعاً فيها، ويلتقطون كثيراً من الأنفاس، استعداداً للجولة الحاسمة، ولذلك وجدنا بعض الأسماء هادئة، الهدوء الذي يسبق العاصفة ربما.
المترشحات أيضاً هادئات، تقدمت 18 امرأة منهن للترشح للانتخابات النيابية، وتقدمت 5 للانتخابات البلدية.
كما كان متوقعاً، سقطت أسماء كثيرة لنساء أعلن ترشحهن، أو احتمال ترشحهن للانتخابات النيابية المقبلة، أو حتى طرحن كمترشحات محتملات، سواء عبر برنامج التمكين السياسي التابع للمجلس الأعلى للمرأة، أو بشكل شخصي. أعلنت بعضهن عدم الترشح، وبعضهن لم تخرجن عن صمتهن، وفضلن الابتعاد عن الساحة بهدوء. وهو السيناريو الذي كان متوقعاً ، بناء على ظروف ومعطيات كثيرة، بدءاً بدعم الجمعيات السياسية لهن، الذي أخفق في كثير من الأحيان في أن يثبت أن دعمه للمرأة « أولوية»، وليس انتهاء برغبتهن الحقيقية، الخالية من أي تردد، في خوض هذه المعركة، التي لا تزال، على رغم تفاؤلنا الدائم بالمجتمع البحريني، غير مضمونة النتائج.
نتوقع انسحاب أسماء نسائية أخرى من الساحة الانتخابية في الفترة القليلة المقبلة، انسحاباً لا ينقص من قدر المرأة أو يضعفه، فمع احتدام صراع الإرادات، يكون الانسحاب تكتيكاً أكثر ذكاء أحياناً، استخدمه الرجل، ومايزال، ولا ضير أن تستخدمه المرأة أيضاً، فالحرب بالنسبة إليها هي حرب بقاء، وإثبات وجود، وهذا النوع من الحروب عادة ما يستمر طويلاً.
لكننا استبشرنا خيراً بوصول مترشحة سادسة الجنوبية لطيفة القعود إلى المقعد النيابي بالتزكية، على رغم أنها لم تخض هذه الحرب، في هذه المرة على الأقل. وهو الأمر الذي نضمن معه أن نشاهد سيدة بحرينية تجلس أخيراً على المقعد الذي طال اللغط حوله... « مقعد البرلمان»، ونتمنى أن يوفقها الله تعالى لتملأه بالعمل الجاد، وتختصر سنوات من تلك الحرب الضروس التي تخوضها المرأة مع مفاهيم مجتمعية لم تشرع بعد للمرأة أن تقوم بهذا العمل.
نشد على يد القعود، لكننا نريد نصراً نسائياً آخر في البرلمان المقبل، نتمنى رؤية اسم مرشحة نسائية يتقدم أسماء منافسيها الرجال في جدول النتائج، ليعلن أنها فازت في الانتخابات، ولم يكن فوزها عبر تمكين، أو دعم سياسي ، أو تكتيك انتخابي، بل رغبة صادقة حقيقية نابعة من إرادة سكان دائرتها وإيمانهم بها.
نتمنى أن نشاهد هذا النوع من الانتصار، لنقول فعلاً إن شعب البحرين سباق دوماً للأفضل، ولنقول فعلاً أيضاً إننا كسرنا الحاجز النفسي لترشيح المرأة، ولنقول ونقول أشياء كثيرة نقولها الآن من باب التفاؤل، على رغم أن الواقع لايزال يتطلب الكثير قبل أن تصبح جميعها حقيقة.
بدأت الحرب إذاً، أمام المترشحات قبل غيرهن على الأقل، ولم يبق الكثير من الوقت، وعليهن المواجهة واستخدام جميع الأوراق، فلن تكون الحرب نزيهة لأنها لعبة سياسية، وحسن الظن والطيبة النسائية المعتادة لن تنفع. لقد بدأت الحرب إذاً، وكان أول سهم يطلق هو تلك المسجات التي بدأت تنطلق من أشخاص مجهولين لتحرم مشاركة المرأة في العمل السياسي، بعد أن اعتقدنا أننا في البحرين تجاوزنا هذا النقاش منذ زمن، وأن أفراد المجتمع اعترفوا جدلاً بقدرة المرأة على المشاركة في المجلس التشريعي.
بدأت الحرب إذا، تصاحبها كثير من التوقعات، والافتراضات، والمفاجآت أيضاً ، نتطلع جميعاً أن تخرج منها المرأة رابحة للتجربة قبل المقعد النيابي
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1514 - السبت 28 أكتوبر 2006م الموافق 05 شوال 1427هـ