العدد 1514 - السبت 28 أكتوبر 2006م الموافق 05 شوال 1427هـ

مستثمرتان بحرينيتان: لا شيء يقف أمام طموح المرأة

ضاحية السيف، المنامة - ندى الوادي 

28 أكتوبر 2006

«المرأة والاستثمار»، عنوان يبدو ضخماً و»كبيراً» على المرأة لدى البعض، إذ ارتبط مصطلح «الاستثمار» دوماً بعالم يسوده المال والأعمال، أبطاله رجال، يحركون خيوطه بحرفية عالية، ويستطيعون هم وحدهم للسيطرة عليه.

غير أن نساء خضن هذا العالم، وتفوقن فيه، ولم يعتبرنه عالماً رجالياً خالصاً، ما دام يحكمه الإخلاص في العمل والإنتاج، والقدرة العالية على الإدارة.

بطلاتنا في جهينة لهذا العدد مستثمرتان بحرينتان، اختلفتا في نوع النشاط الاستثماري الذي تقومان به، لكنهما اشتركتا علاوة على الاسم الأول في مواصفات ميزت المرأة دوماً، أهمها الإخلاص والجد والاجتهاد، والطموح الذي لا حد له. إنهما هدى رضي، وهدى جناحي.

«حبي للشوكولاتة قادني لأصبح سيدة أعمال»

كانت القصة التي قادت المستثمرة هدى رضي لأن تصبح سيدة أعمال بسيطة جداً، ربما يتعرض إليها أي منا دون أن يتحول بين ليلة وضحاها، لكنها مع رضي تحولت إلى مشروع، ثم إلى استثمار، ثم إلى محل يتوسع قريباً لكي يصبح سلسلة محلات، قد تغطي منطقة الخليج العربي.

عن البدايات تقول رضي «كنت في سفر إلى الكويت منذ ثلاث سنوات في رحلة عمل، تعرفت فيها على إحدى الزميلات الكويتيات، تحدثت معها في كثير من الأمور الخاصة بي، ومناه حبي للشوكولاتة، فما كان منها إلا أن أعطتني علبة شوكولاتة لأجربها كهدية، قائلة انها أفضل شوكولاتة سأتذوقها في العالم. تذوقت الشوكولاته عندما رجعت للبحرين، ومباشرة وقعت في حبه، وأذقته جميع الأهل الذين أعجبهم بشكل كبير، وهنا أضاءت الفكرة في مخيلتي وفكرت لماذا لا أحضر هذا النوع من الشوكولاتة إلى البحرين، لأصبح الموزع الوحيد له هنا؟».

وهنا بدأت الفكرة التي قادت رضي لكي تفتح محلها للشوكولاتة في يوليو/ تموز من العام 2003، فاتجهت لمخاطبة المصنع الرئيسي في بلجيكا، ورتبت معه لتوريد هذا النوع بعد أن اكتشفت أن موقع التوريد للبحرين لا يزال شاغراً، كان الاتصال مع المصنع سلساً جداً، تمكنت رضي من إنهاء المعاملات معه في وقت قياسي، غير أن العوائق الأكبر التي واجهتها كانت في إنهاء المعاملات في البحرين، وخصوصاً عبر وزارة التجارة والبلدية، لكن في النهاية تكلل المشروع بالنجاح وافتتحت المحل ، لتصبح المورد الوحيد لهذا النوع من الشوكولاتة في البحرين.

حب مبكر للاستثمار وتطلعات للتوسع

تشرف رضي على عملها من الألف إلى الياء، فهي التي تختار نوعية الشوكولاتة، وهي التي تسافر بنفسها لتختار القطع التي يشملها محلها، والتي قررت أن توفرها من قطع الأنتيك، إضافة إلى الكريستال والشموع. وستتوسع رضي في عملها قريباً لتفتتح محلاً جديداً بعد العيد، كما أنها تعمل حالياً على الوصول إلى السوق الخليجية لتصبح وكيلاً للتوريد في بعض البلدان.

ورضي، العضوة في كل من جمعية سيدات الأعمال البحرينية، والنادي البحريني الفرنسي، تقوم حالياً بإعداد قاعدة بيانات خاصة تنشئها بنفسها من أجل عملها، وخصوصاً أنها تراجع حسابات المحل أسبوعياً بشكل تفصيلي، وهو أمر نابع من كونها مصرفية في الأساس.

ولم يكن حب رضي للاستثمار جديداً، إذ فكرت منذ كانت طالبة في الخارج في عدد من المشروعات الاستثمارية، لم يظهر أي منها للنور، بدأتها بفكرة لفتح « كشك» للشموع في مجمع السيف، تبعتها بفكرة لتصبح وكيلاً لسلسة أحد المطاعم الكبرى في البحرين، وهي الفكرة التي عملت عليها بجد لكنها أيضاً لم تكلل بالنجاح بعد أن قامت بمراسلات عدة مع الشركة الأم. بعدها فكرت رضي في إنشاء مشروع «البانوش السياحي» وهي الفكرة التي قدمت حولها بحثاً ودراسة كاملة، اختارتها منظمة «اليونيدو» على إثرها لتبتعث من قبلهم لحضور دورة في هذا المشروع، لكنها واجهت مشكلات كبيرة في تطبيق هذا المشروع لصعوبة الحصول على ترخيص فيه وتعقيده، إذ يحتاج إلى موظفين وتراخيص وتصريحات من جهات متعددة منها وزارة الإعلام، والعمل، والبلدية، والصحة، إضافة إلى مبالغ كبيرة من الأموال.

تخلت رضي عن هذه الفكرة، لتحصل كارثة بانوش «الدانة» السياحي مطلع العام الجاري، والتي راح ضحيتها العشرات. ولذلك تستبعد رضي أن تفكر في هذا المشروع مرة أخرى، إذ أصبح الناس ينفرون منه تلقائياً تذكيراً بالحادث. لكن رضي لاتزال تفكر في مشروعات أخرى تتمنى تحقيقها، على رأسها مشروع إنشاء « كافيه» ملحقا بمحلاتها.

التوفيق هو «المهمة المستحيلة»

تصف رضي التوفيق بين عملها الاستثماري وبين منزلها وطفلتها المولودة حديثاً «بالمهمة المستحيلة»، ولكن لأنها تستمتع بهذا العمل فلا تمانع من التضحية ببعض الأشياء لحساب أشياء أخرى أهم. وتؤمن رضي أيضاً أن المرأة قادرة على إدارة عملها الاستثماري الخاص، وأنها لا تواجه مشكلات كبيرة في تخليص معاملاتها التجارية بنفسها لكونها «امرأة»، باستثناء بعض المواقع التي لايزال من الصعب على المرأة متابعتها لنظرة المجتمع، إذ لا يمكن للمرأة مثلاُ أن تتجه لتتابع شحنتها، ويجب عليها أن ترسل أحد أقربائها «الرجال» لمتابعة هذه الشحنة، وعن ذلك تقول «لولا كون زوجي معي لما تمكنت من القيام بهذا الأمر بنفسي».

جناحي تدخل قائمة فوربز لأقوى 50 سيدة أعمال عربية

من جانبها، تشرف الرئيس التنفيذي لشركة غلوبل لخدمات الشحن هدى جناحي على جميع أعمال شركتها التي تقدم خدمات لوجستية منها «النقل والتخزين والتوصيل المباشر من الباب إلى الباب وإدارة المستودعات والبريد السريع». وهو مجال غريب بالنسبة إلى سيدة في المجتمع البحريني، إلا أن جناحي خاضته بنجاح ، حتى اختارتها مجلة «فوربس العربية في قائمتها لأقوى 50 سيدة أعمال عربية.

تشرف جناحي على شركتها التي أنشأتها في العام 2001، و يعادل حجمها مليوني دولار، ويبلغ عدد موظفيها خمس وثلاثون موظفا وتبلغ نسبة النساء فيها نحو خمسين في المئة، ستة منهن يعملن في مواقع تنفيذية رئيسية. وتمتلك الشركة فروعاً في دبي و السعودية فيما تأمل جناحي في الانتشار إلى دول مجلس التعاون والشرق الأوسط وأوربا والصين.

بداية التأسيس فكرة بسيطة أيضاً

عن بدايات تأسيس شركتها تقول جناحي «كانت البداية بسيطة جدا إذ كنت أنجز أعمال الشركة عبر الإنترنت وكمبيوتر الأسرة، ولكن تم تطوير الشركة فيما بعد من خلال تأجير مكتب صغير أزاول فيه عملي ولم أكن املك الآليات والمعدات وكل ما كنت املكه هو سيارة واحدة مستعملة ساعدتني في أداء أعمالي وما زلت احتفظ بها».

وتضيف جناحي «كان دافعي لدخول هذا المجال هو خبرة زوجي في مجال الشحن ، والذي ساعدني في تقديم خدمات في هذا المجال، بالإضافة إلى خبرة والدي الذي يملك تجربة ربع قرن في مجال السفريات والطيران، إضافة إلى خبرتي مجال السفر والشحن وعملي في إحدى المصارف العالمية لمدة ست سنوات».

لكن صعوبات عدة رافقت التأسيس، إذ لم تكن جناحي تمتلك رأس المال الكافي الذي يؤهلها لافتتاح شركتها الخاصة، ولكن بنك البحرين للتنمية ساعدها في الحصول على التسهيلات اللازمة لتطوير أعمال الشركة. علاوة على صعوبة حصولها على رخصة التخليص الجمركي بصفتها امرأة، وهو الأمر الذي أصرت جناحي عليه وسعت إليه طويلاً، وبعد مراجعات مستمرة استطاعت الحصول على تلك الرخصة بدعم من مؤسسة اليونيدو ومساعدة المسئولين في وزارة التجارة.

جوائز استثمارية... وطموح لا حدود له

حصلت الشركة التي أسستها جناحي على عدد من الجوائز التي أثبتت نجاح أعمالها، منها جائزة أفضل مشروع عربي تجاري، وجائزة سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الجائزة وهي جائزة أفضل مشروع تجاري لشابة عربية في العام2005، إلى جانب جائزة افضل مستثمر في العام 2006 من مؤسسة تشجيع الاستثمار التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الذي استضافته المملكة الأردنية الهاشمية ولكن لم يوقف نيلها لكل تلك الجوائز وتوسع أعمالها من التفكير في تطور أكبر للشركة التي أسستها، إذ انها تعكف حالياً على إعداد المراحل الأخيرة من تنفيذ مشروع كبير يتمثل في بناء وإدارة المستودعات، حصلت فيه على الموافقة المبدئية من وزارة التجارة والصناعة على المشروع الذي سيوفر ثمانية عشر وظيفة للبحرينيين، لكنها لا تزال بحاجة إلى شركاء لتمويل 50 في المئة من المشروع

العدد 1514 - السبت 28 أكتوبر 2006م الموافق 05 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً