يبدو أنه سيتوفر للباحثين في مجال دراسات المرأة وتمكينها الاقتصادي أخيراً قاعدة بيانات ومعلومات تفصيلية حول النساء المستثمرات في البحرين، أوضاعهن، حجم الاستثمارات التي يشرفن عليها، وأهم التحديات التي واجهنها في عملهن، بعد أن كانت هذه المعلومات مشتتة في بين مصادر مختلفة، يصعب على الباحث المتخصص، محلياً أو خارجيا الوصول اليها . يأتي ذلك بعد أن تظهر نتائج الدراسة الكمية التي يقوم على إعدادها فريق بحريني متخصص من مركز البحرين للدراسات والبحوث، بالتعاون مع جمعية سيدات الأعمال البحرينية، في إطار مشروع متكامل في منطقة الشرق الأوسط، يحمل عنوان: «النساء العربيات المستثمرات» ينظمه مركز المرأة العربية للبحوث والتدريب ( كوثر)، بدعم مالي من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي. ويتوقع أن يتم الانتهاء من التقرير النهائي للمشروع في البحرين في ديسمبر/كانون الأول المقبل، فيما ينتهي المشروع بشكل متكامل في الربع الأول من العام 2007 بعد أن يتم الإعلان عن النتائج التفصيلية له.
فريق الخبراء البحريني
بدأت الفكرة بعد أن تم اختيار فريق عمل بحريني للمساهمة في المشروع الذي يتناول خمس دول عربية هي البحرين، الأردن، لبنان، الإمارات، وتونس بدراسة وتحليل أوضاع أكبر عدد من سيدات الأعمال في تلك الدول، عبر استبيانات علمية، للوصول إلى نتائج يخرج منها بتوصيات تستهدف صانعي القرار وواضعي السياسات بهدف إنماء وتطوير المشروعات الصغيرة في البلدان التي شملتها الدراسة.
يشرف على فريق العمل البحريني بطرفيه كل من مدير الدراسات السياسية والاستراتيجيةومسوحات الرأي في مركز البحرين للدراسات والبحوث إبراهيم الرميحي، وعضو جمعية سيدات الأعمال البحرينية ندى الشهابي. ووفقاً لفريق الخبراء البحريني، تم فعلا توزيع استبيان تفصيلي يحتوي على نحو 40 سؤالاً على أكثر من 250 مستثمرة وسيدة أعمال بحرينية، بهدف جمع المعلومات الكفيلة بتحديد وضع المرأة البحرينية في مجال الاستثمار في البحرين.
الدراسة بانتظار تقريرها النهائي
عن المرحلة التي وصلت إليها الدراسة حالياً تقول الشهابي « قمنا بوضع قاعدة بيانات تضم نحو ألف سيدة أعمال بحرينية، وكانت الأسماء مستمدة من قوائم أسماء وفرتها كل من غرفة تجارة وصناعة البحرين، وقوائم تسجيل بيانات العمل. إضافة إلى قوائم أسماء العضوات في جمعية سيدات الأعمال البحرينية، وبمساعدة فريق مدرب من جامعي البيانات، تم توزيع وجمع أكثر من 250 استبياناً وجهاً لوجه، أو عبر الفاكس، تم حتى الآن تسلم 252 منها».
أما الرميحي فذكر من جانبه أنه سيتم الانتهاء من التقرير النهائي عن نتائج الدراسة في البحرين في ديسمبر المقبل، تجمع بأكملها مع نتائج باقي التقارير في المشروع من مختلف البلدان، ليعلن عن النتائج النهائية للمشروع ككل في الربع الأول من العام 2007.
وبحسب الرميحي أيضاً يقوم الفريق حالياً بإعداد المراحل النهائية من كتابة نتائج الدراسة التي لا يمكن الإعلان عنها حالياً، فيما تم تحليل نتائج البيانات التي تم جمعها، ويمكن أن تضاف عليها بعض البيانات الأخرى المتعلقة بصغار المستثمرات «رائدات الأعمال» قريباً.
فكرة لإنشاء وحدة بحوث ودراسات للمرأة
صممت وحدة النوع الاجتماعي ونشاط الأعمال والأسواق في البنك الدولي إطار العمل الذي تتبعه الدراسة والتي يتم الإشراف عليها من قبل المستشارة الدولية ومديرة شركة « womenable « جولي وويكس، ويتم تطبيقها في الدول الخمس المشتركة في المشروع بالتزامن.
وعن أهمية الدراسة يؤكد الرميحي من جانبه «لا توجد لدينا دراسات عن سيدات الأعمال، كما أن المعلومات والبيانات مشتتة عن هذا الموضوع، هذه الدراسة على أهمية بمكان في ظل غياب مثيلاتها حتى على المستوى المحلي كما أنها تفتح المجال للعمل مع جهات عربية... وأفكر في هذا الصدد في طرح فكرة إنشاء وحدة بحوث ودراسات المرأة ضمن مركز البحرين للدراسات والبحوث».
أما الشهابي فتؤكد من جانبها الاستفادة الكبرى التي تم جنيها جراء التعاون بين كل من جمعية سيدات الأعمال البحرينية، ومركز البحرين للدراسات والبحوث، واصفة إياه بـ « الخيار الاستراتيجي» عبر المساهمة في تعبير عضوات الجمعية عن احتياجاتهن.
اهتمام بحثي محدود واستجابة واسعة
من أهم الملاحظات التي صادفت فريق العمل أثناء جمع المعلومات للدراسة كانت الاستجابة الواسعة للمستثمرات البحرينيات مع الاستبيانات بالمقارنة مع الدول الأخرى التي شملها المشروع، على رغم الاهتمام المحدود جداً الذي يحصلنه من قبل الباحثين والدارسين. ولذلك كان السؤال الرئيسي الذي رفعنه عن الجدوى من هذا النوع من الدراسات التي لم يلمسن أهميتها من قبل، وعن ذلك تقول الشهابي انه سيتم الانتباه قريباً لأهمية هذا النوع من الدراسات بالتأكيد حينما يتم الانتهاء من نتائج الدراسة وتقديمها للجهات المعنية.
الدراسة وسيلة ضغط على صانعي القرار
وتعد الدراسة بحسب منظميها وسيلة ضغط لصانعي القرار للفت انتباههم إلى قدرة نساء الأعمال على أن يكن عناصر تغيير فاعلة في مجتمعاتهن. كما أنها أيضاً وسيلة لبناء القدرات وتعبئة الموارد المالية وسد الفجوة بين مراكز البحث والجمعيات النسائية.
ويتوقع من خلال النتائج التي ستظهرها الدراسة، أن يتم اقتراح أفكار جديدة لمساعدة الحكومة والمؤسسات التعليمية وجمعية سيدات الأعمال على تطوير إشراك المرأة في مجال الأعمال. بعد أخذ لمحة عن قصص هؤلاء المستثمرات في مجال الأعمال، و أهم التحديات التي واجهنها، إضافة إلى طبيعة عملهن الاستثماري، إلى جانب بناء قاعدة لجمعيات ومؤسسات سيدات الأعمال ومراكز البحوث في الشرق الأوسط من أجل خدمة أفضل لأعضائها، عبر فهم أفضل لاحتياجات النساء المستثمرات، والمشاركة في دعم القدرات التنظيمية لمراكز البحوث وجمعيات سيدات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط، عبر تعزيز سعة المؤسسات المحلية لتبادل المعلومات والخبرات في النقاط الرئيسية التي تعتبر فارقاً في دور المرأة المستثمرة في الدول الخمس المرتبطة بالمشروع.
تقرير مناطقي وآخر مفصل لكل دولة يتبع المشروع
في النهاية، تهدف البيانات التي تم جمعها عبر هذه الدراسة كجزء من المشروع إلى إصدار تقرير مناطقي عام للدول التي اشتملت عليها الدراسة، إضافة إلى تقرير محدد ومفصل يتناول كل دولة على حدة، إضافة إلى بعض الملاحق الإضافية. أما عن التقرير النهائي للدراسة المتعلقة بالبحرين، فسيتضمن البيانات والتحليل المفصل للنتائج الرئيسة لها، التي ستكون متوافرة للعامة، إذ يأمل فريق العمل أن تكون النتائج إضافة حقيقية لتقوية المفاهيم المتعلقة بالمرأة المستثمرة وتعزيز البيئة المحيطة بالنساء المستثمرات لتكلل بالنجاح. إضافة إلى المساهمة في توفير هذه النتائج لكل المؤسسات التي يهمها الحصول عليها.
بقراءة سريعة للمعلومات المتوافرة بشأن الجوانب الاقتصادية والإدارية فيما يخص وضع المرأة في الدول العربية في تقرير التنمية البشرية للعام 2005 الصادر من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي وفر إحصاءات عن20 دولة عربية من أصل 22 دولة عربية أعضاء في الجامعة العربية، يمكن استخلاص عدد من المؤشرات:
- ان الأنثى في الكويت تحصل على أعلى دخل بين الدول العربية (8, 448 دولاراً في السنة) تليها الأنثى في البحرين عند (7, 685 دولاراً) وبعد ذلك الأنثى في السعودية (4,440 دولاراً). أما عالمياً فتحصل الأنثى في لكسمبورغ على أعلى دخل في العالم إذ يقف عند (34,890 دولاراً في السنة). بمعنى آخر، ان دخل الأنثى في الكويت (والتي بدورها تحصل على أعلى نسبة دخل في الوطن العربي) يساوي أقل من ربع ما تحصل عليه الأنثى في لكسمبورغ.
- أما بالنسبة إلى دخل الإناث بالنسبة إلى الذكور، فيلاحظ أن أفضل النتائج تأتي من نصيب الإناث في كل من موريتانيا وجزر القمر والمغرب إذ حصلن على 56 و55 و40 في المئة على التوالي من نصيب دخل الذكور. ويكشف تقرير التنمية عن تفاوت في نسب دخل الإناث إلى الذكور في الوطن العربي الأمر الذي يعكس مدى تمثيلهن في سوق العمل. أما عالميا فإن أفضل النتائج من نصيب الإناث في السويد إذ تستحوذن على 90 في المئة من دخل الذكور
العدد 1514 - السبت 28 أكتوبر 2006م الموافق 05 شوال 1427هـ