العدد 1514 - السبت 28 أكتوبر 2006م الموافق 05 شوال 1427هـ

هل تحققت توصيات اللجنة الأهلية لرقابة انتخابات 2002؟

قراءة في تقرير جمعيتي «الشفافية» و«حقوق الإنسان»

(... نقترح تشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن الجمعيات السياسية والقضاة، بالإضافة إلى خبراء في علوم الإحصاء والجغرافيا والديموغرافيا تكون مهمتها تحديد الدوائر الانتخابية)، (...استخدام آلية أخرى بدلا من جواز السفر لإثبات إدلاء المواطن بصوته في الانتخابات، حتى لا يشعر المواطن وكأن الجواز يشكل ضغطا عليه ويدفعه إلى اتخاذ قرار نقيض لقناعته) هاتان الفقرتان جاءتا ضمن 37 توصية في التقرير الذي أصدرته كل من الجمعية البحرينية للشفافية والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان والصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2002، عن اللجنة الأهلية للرقابة على انتخابات المجلس النيابي التي أجريت في 24 و31 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2002.

وكان التقرير يهدف إلى إبداء ملاحظات سجلتها اللجنة الأهلية للرقابة على الانتخابات النيابية التي بدأت منذ إصدار المرسوم بقانون رقم 14 بشأن ممارسة الحقوق السياسية والمرسوم بقانون رقم 15 بشأن مجلسي الشورى والنواب لتقديم بعض المقترحات للمساهمة في زيادة مستوى ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ورفع مستوى نزاهتها في المستقبل.

ومن بين التوصيات التي جاءت في ختام التقرير، الذي هدف الى المساهمة الايجابية في تطوير وتعزيز البيئة الضرورية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة في المستقبل: أن يحدد القانون بصورة تفصيلية حقوق وواجبات المترشح في يوم الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أن يحد من التباين في تفسير مواد القانون بين اللجان المشرفة على الانتخابات في مختلف الدوائر، وتشكيل لجنة مؤلفة من ممثلين عن الجمعيات السياسية والقضاة وخبراء العلوم والإحصاء والجغرافيا والديموغرافيا لتحديد الدوائر الانتخابية، وأن يسمح لمن يرغب من المواطنين في الترشح في الانتخابات النيابية في الدائرة التي يرغبون في تمثيلها من دون اشتراط السكن فيها، واعتماد معيار المساواة بين المواطنين في تحديد الدوائر الانتخابية ومراعاة الشفافية في تحديد الحدود الجغرافية والمعايير التي تستند عليها في رسم الدوائر، خصوصا وأن مساحة البحرين صغيرة وتنعدم فيها العوائق الطبيعية، وأن يحدد المشروع بصورة واضحة السماح أو عدم السماح للعاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية بممارسة حقهم في الانتخاب والترشح، وزيادة أعضاء اللجان بما يسمح لثلاثة أعضاء لكل ناخب يحتاج إلى مساعدة إلى جانب الأعضاء الأساسيين في اللجنة، وضرورة أن يمنح القانون المترشحين أو من ينوب عنهم الاطلاع على التقرير النهائي للجنة المشرفة على الانتخابات، والسماح لهم بكتابة الملاحظات وأخذ نسخة موقعة ومختومة من نتائج فرز الأصوات، وإعطاء الحق للمترشح في تعيين وكلاء من دون اشتراط أن يكونوا من ساكني الدائرة التي ستنافس المترشح فيها، واقتراح استخدام آلية أخرى بدلا من جواز السفر لإثبات قيام المواطن بالإدلاء بصوته، الذي يهدف منه عدم تكرار التصويت، كاستخدام بطاقة انتخابية أو ختم يختفي أثره بعد أيام، أو غيرها من الوسائل التي لا يشعر المواطن وكأنها تشكل ضغطا عليه وتدفعه إلى اتخاذ قرار نقيض لقناعته، وأن تمتنع الجمعيات أو الصناديق الخيرية من أن تؤجر ممتلكاتها أو مقارها لأي مترشح، وأن تستمر وسائل الإعلام في ممارسة دورها الإيجابي في تثقيف الناخبين والحيادية.

وكشف التقرير عن أن انتخابات 2002 كانت ثاني انتخابات تجرى في البحرين بعد الأولى التي أجريت في ديسمبر/ كانون الأول من عام 1973 بعد إقرار ميثاق العمل الوطني في 15 من فبراير/ شباط من عام 2001، التي جاء بعدها انتخابات المجالس البلدية في 9 و16 من مايو/ أيار من العام نفسه، مركزا على محاور عدة كدور الإعلام في فترة الانتخابات والمقاطعون للانتخابات والأبعاد الإدارية والجزائية المتبعة.

المقاطعون والمشاركون

وذكر التقرير أن الجمعيات السياسية المشاركة في الانتخابات كانت «المنبر الوطني الإسلامي» و«الشورى» و«الأصالة» و«ميثاق العمل الوطني» و«الوسط العربي الإسلامي» و«المنبر الديمقراطي التقدمي» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، في حين قاطعت المشاركة أربع جمعيات هي «الوفاق الوطني الإسلامي» و«العمل الوطني الديمقراطي» و«التجمع القومي الديمقراطي» و«العمل الإسلامي»، بعد تحفظها على التغييرات التي أجريت على دستور 1973 وطريقة إقرار دستور 2002.

وفيما يخص سلوك الجمعيات السياسية المقاطعة للانتخابات سجل التقرير ملاحظات عدة منها دعوة الجمعيات لأعضائها ومناصريها لإتباع الأشكال السلمية في التعبير عن آرائهم وعدم اللجوء إلى العنف أو وصف من يقرر المشاركة بالخيانة، وإيقافها لدعاية الانتخابات بصورة رسمية في نهاية الندوة التي نظمتها الجمعيات الأربع في نادي العروبة في 22 أكتوبر.

وذكر التقرير أن القانون بشأن ممارسة الحقوق السياسية صدر في 3 يوليو/ تموز 2002، وكانت فترة كافية نسبيا للجمعيات السياسية أو الناخبين للاستعداد للانتخابات، إلا أن عدم استكمال منظومة القوانين المطلوبة لإجراء عملية انتخابية قبل وقت كافي من موعد الجولة الأولى سبب بعض الإرباك سواء للجمعيات السياسية المشاركة أو للمترشحين، إذ صدر المرسوم رقم 29 بشأن تحديد المناطق والدوائر الانتخابية وحدودها واللجان الفرعية للانتخابات العامة لمجلس النواب في 21 من أغسطس/ آب من العام نفسه.

الحدود الجغرافية للدوائر تلاقي انتقاداً

وبالنسبة للمراسيم أو القوانين والقرارات المنظمة لعملية الانتخابات ذكر التقرير أن موضوع الكثافة السكانية للدوائر الانتخابية وطريقة رسم الحدود الجغرافية للدوائر الانتخابية أهم الموضوعات التي لاقت انتقادا من قبل العديد من الجمعيات السياسية والكثير من المترشحين والناخبين، إذ تباينت الكثافة السكانية للدوائر الانتخابية بشكل أدى إلى عدم تطبيق أحد أهم المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية، وهو المساواة بين المواطنين، الذي يعني صوتا واحدا للشخص الواحد.

وأشار التقرير إلى أن القانون لم يحدد بصورة واضحة حقوق المترشح ووكيله في يوم الاقتراع وأثناء عملية فرز الأصوات ما أدى إلى تباين في تفسير القانون بين اللجان الانتخابية وبالتالي اختلاف التعامل معها من مركز إلى آخر.

وأضاف التقرير أن من بين القوانين التي لاقت ملاحظات عدة هو عدم وجود تعريف واضح لحدود مركز الاقتراع، الأمر الذي أدى أيضا إلى تباين في تفسير المشرفين على مراكز الاقتراع ما أثر في تحديد الأمكنة التي يسمح للمترشحين القيام بحملاتهم الانتخابية، وعلى إغلاق المراكز.

استخدام «الجواز» في التصويت بين مؤيد ومعارض

وذكر التقرير أن افتتاح 15 مركزاً انتخابياً عامّاً أدى إلى الحاجة إلى وجود آلية تمنع من يحق لهم الاقتراع من تكرار التصويت، ونتيجة لعدم وجود ربط آلي بين أجهزة الحواسيب الآلية في اللجان الفرعية والمراكز العامة استخدم الجواز كوثيقة لإثبات المشاركة في الانتخابات لمنع تكرار التصويت.

وفي الوقت الذي عبر ناخبون ومترشحون وجهات عدة من عدم ارتياحهم من استخدام الجواز كوثيقة، اعتبر بعضهم ختم الجواز عاملا مهما في مشاركتهم في الانتخابات.

وانتقد التقرير الآلية التي تم التعامل بها في بعض الأوقات مع بعض الفئات كذوي الاحتياجات الخاصة أو الأميين للإدلاء بأصواتهم في ورقة الاستفتاء، إذ ان المادة رقم 23 من المرسوم رقم 14 نصت على أن «يثبت هؤلاء رأيهم عن طريق التعبير الشفوي، ويثبت رئيس اللجنة بحضور أحد عضويها رأي الناخب في البطاقة المعدة لذلك ويتم وضعها في الصندوق»، في حين أن بعض اللجان اكتفت بسماع رأي الناخب من قبل عضو واحد، وفي حالات أخرى لم يتم تثبيت رأي الناخب على ورقة الاقتراع أمام الناخب نفسه، وفي أوقات أخرى سمح لمترشحين أو وكلائهم سماع رأي الناخب، كما أنه لم يحدد التعرف على شخصية المنقبات ما خلق بعض التباين بين اللجان الانتخابية في الجولة الأولى.

ورأى التقرير أن منح المواطن المقيم خارج البحرين حق التصويت خطوة ايجابية، إلا أن ذلك أدى إلى وقوع إشكاليتين هما: عدم إتاحة الفرصة للمترشحين أو وكلائهم بالتواجد في السفارات التي اقترع فيها المواطنون مما حرمهم من ممارسة أو وكلائهم بالتواجد في السفارات التي اقترع فيها المواطنون ما حرمهم من ممارسة حقهم، وتشكيل لجان الاقتراع والفرز في السفارات لم تأت موافقة للمادة رقم 17 من المرسوم بقانون رقم 14.

مخالفات إعلامية... وتجاهل «المقاطعة»

وتطرق التقرير إلى دور وسائل الإعلام خلال فترة الانتخابات، المتمثلة في الصحافة وهيئة وإذاعة تلفزيون البحرين، إذ لفت إلى أن التغطية التحريرية في الصحافة تميزت بالحيادية عموما، إلا أن بعض الصحف نشرت إعلانات انتخابية في يومي الاقتراع، الأمر الذي يعد مخالفا للمادة رقم 27 من المرسوم بقانون رقم 15 لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب، التي تنص على «توقف جميع أعمال الدعاية الانتخابية في أنحاء المملكة قبل الموعد المحدد لعملية الاقتراع بـ 24 ساعة»، كما أنها لم تعط الجمعيات والمواطنين المقاطعين للانتخابات الفرصة لإبداء وجهات نظرهم بشأن ما وجه إليهم، بالإضافة إلى أن بعض المسئولين في الصحف أشاروا إلى حقهم في رفض نشر أي رأي لا يتفق مع رؤى التحرير.

وعن دور الإذاعة والتلفزيون التي تمثل الإعلام الرسمي في البحرين، ذكر التقرير أنه كان ايجابيا في منعه بث إعلانات المترشحين، خصوصا وأنهم غير متساويين في الجانب المادي، ما حقق تكافؤاً بينهم، كما كان حياديا في عدم تغطيته للمهرجانات الانتخابية للمترشحين، في حين لفت التقرير إلى وجود انتقادات لبعض البرامج الحوارية في التلفزيون التي عرضت خلال الأسابيع التي فصلت بين الإعلان عن مقاطعة الانتخابات وموعد الجولة الأولى وبين الجولتين الانتخابيتين، إذ انها استضافت شخصيات انتقدت أدوار الجمعيات المقاطعة من البحرين وخارجها في حين لم تمنح تلك الجهات فرصة للتعبير عن رأيها.

وبالنسبة إلى الأبعاد الإدارية والجغرافية للانتخابات أشار التقرير إلى وجود 15 بعدا، منها: تأدية موظفي مراكز الاقتراع عملهم بنزاهة وحيادية ومهارة، واستخدام تقنيات متطورة وحديثة للتأكد من هوية الناخبين، والتزام رجال الشرطة في البقاء خارج مراكز الاقتراع قبل وأثناء عملية الفرز، واختيار مراكز اقتراع موفقة، إذ كان من السهل التعرف والوصول إليها من قبل الناخبين ووسائل الإعلام والمراقبين.

تجاوزات في الإعلانات والحملات الانتخابية

وعن الإعلانات والدعايات الانتخابية ذكر التقرير أن نص المادة رقم 25 من المرسوم بقانون مجلس الشورى والنواب نص على ما يأتي: «... كما يحضر على المترشح تلقي أية أموال للدعاية الانتخابية من أية جهة كانت»، إلا أنه تم تجاوز ذلك من خلال حصول بعض المترشحين على الدعم من قبل بعض الجمعيات.

أما عن الحملات الانتخابية أشار التقرير إلى تعدي بعض المترشحين على ممتلكات الدولة من خلال تعليق صورهم الانتخابية على أعمدة الكهرباء وإشارات المرور، مخالفين بذلك ما جاء في الفقرتين الخامسة والسادسة من المادة رقم 4 من القرار الوزاري رقم 10 بشأن الداعية الانتخابية، وظهور تباين واضح بين كلفة الحملات الانتخابية بين المترشحين، إذ يبدو ذلك واضحا من خلال كُلَف اللوحات الإعلانية للمترشحين أو الموائد المقدمة أو المقار التي استخدموها خصوصا وأن ذلك لا يتناسب ومخولاتهم المادية، واستخدم بعضهم دور العبادة لدعايتهم الانتخابية، وممارسة بعض خطباء المساجد الذين ترشحوا أدوارهم على رغم مخالفة ذلك للقانون، ومعاناة الكثير من المترشحين من تمزيق وتكسير إعلاناتهم الانتخابية، ولم يلتزم بعضهم بإيقاف الحملة الانتخابية يوم لانتخابات بل كثفوها، في حين لم يتخذ أي إجراءات ضدهم لعدم وجود آلية فاعلة لمتابعة المخالفات بينما تمتع المترشحون بحرية كاملة لعرض برامجهم الانتخابية من دون أي تدخل رسمي، واستخدموا أساليب دعائية متطورة كالانترنت والرسائل الهاتفية القصيرة.

كتل انتخابية غير معروفة

وانتقد التقرير عدم الإعلان بشكل تفصيلي عن الكتل الانتخابية في كل دائرة، إذ إنها تعتبر مهمة لتحقيق مبدأ الشفافية، مشيرا إلى أن بعض رؤساء اللجان لم يكونوا يعرفون تلك المعلومة.

وبالنسبة إلى عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج ذكر التقرير أن المرسوم بقانون رقم 14 بشأن ممارسة الحقوق السياسية حدد المركز الرئيسي في المحافظة المكان الذي يتم فيه الإعلان عن نتائج الانتخابات بعد فرز الأصوات وإعداد التقارير تمهيدا للإعلان عن نتيجة الاقتراع، إلا أنه لم يحدد طريقة الإعلان عن النتائج والمعلومات التي يجب على رؤساء اللجان الإعلان عنها للجمهور، إذ حدث تباين بين اللجان في المراكز من حيث تحديد مكان جلوس المترشحين أو وكلائهم، وكذلك في تصنيف الأوراق الانتخابية، إذ أن بعض الناخبين وضعوا علامة («) أمام مترشحهم وعلامة ( ) أمام من لا يريدونه واعتبرت بعض اللجان الورقة ملغية في حين اعتبرت لجان أخرى ذلك صحيحا.

أما عن الطعون ذكر التقرير أن مجموع عدد الطعون التي تقدم بها مترشحون لمحكمة التمييز بلغت، خمسة في الجولة الأولى، ومثلها في الجولة الثانية، وقبلت المحكمة اثنين من الجولة الأولى، لأنها جاءت نتيجة أخطاء غير مقصودة

العدد 1514 - السبت 28 أكتوبر 2006م الموافق 05 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً