طبقاً للقانون، فإن تعويض إصابات العمل يخضع إلى معايير جاءت في النصوص، لكن المشكلة التي يعترف بها المسئولون في اللجان الطبية قبل المصابين أنفسهم، هي أن الجميع يواجه معضلة والسبب عدم الرضا عما تحويه تقارير التقييم لتحديد مستوى العجز.
بالنسبة إلى التعويضات، فإن أحكام القانون تجري على أصحاب الأعمال والعاملين لديهم حتى حين تطبيق أحكام تأمين إصابات العمل الوارد في قانون التأمين الاجتماعي فيهم، فهناك مادة تقول إنه إذا أصيب العامل في حادث أثناء العمل أو بسببه، فعلى صاحب العمل الإبلاغ عن الحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقوعه في مركز الشرطة الواقع في دائرة اختصاصه ثم وزارة العمل ثم وزارة الصحة. ويجوز أن يقوم العامل بهذا البلاغ إذا سمحت حاله بذلك.
لكن، لنستمع إلى قصص المصابين، ولنترك لهم الحرية، علنا نوصل أصواتهم إلى المعنيين بوزارة الصحة ووزارة العمل والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
السقوط من سيارة العمل
يروي عادل رشدان قصة معاناته مع إصابة العمل بقوله: «في العام 2000 وبينما كنت أؤدي واجبي في العمل، الذي هو عبارة عن العمل في السيارات الكبيرة لـ (المجاري)، سقطت من السيارة، ما أدى إلى إصابتي بإصابة عمل في 29 مايو/ أيار من العام 2000 نتج عنها عجز مستديم في الرجل اليسرى، إذ لا أستطيع المشي عليها إلا بـ (العكاز) وقدرت اللجان الطبية أن نسبة العجز المستديم 20 في المئة من العجز الكلي وسببه إصابة في الركبة اليسرى بتمزق بالهلالة الغضروفية الإنسية وتمزق كلي للرباط المتصالب الأمامي وتم استئصال الهلالة جزئياً بالمنظار، إذ نتج عنه ضمور ورخاوة مصحوبة بألم شديد في الركبة اليسرى، وكتب في التقرير أنه لا يعود إلى مناظرته طبياً إذ استقرت حاله على الوضع الحالي أي (عاهة مستديمة)».
تقرير العجز الكلي نسبته 20 في المئة
ويواصل رشدان حديثه فيقول... بعد المناظرة مع اللجان الطبية أعطيت تقريراً «شلّ تفكيري، إذ من يوافق على أن يوظف رب أسرة به (عجز كلي مستديم)، ويتلقى مضاعفات وآلاما في الرجل نفسها وتمزق وتيبس في الرجل، ولا أستطيع أن ألوي رجلي، ولا أستطيع المشي عليها إلا بعكاز، ولما رفعت الموضوع إلى اللجان الطبية في مستشفى النعيم لعمل اللازم للتأمين حصلت على التقرير الذي أضاف لعجزي عجزاً أكثر من 20 في المئة، إذ تضمن الرد أنه لم يطرأ على حالي الصحية أي تغيير وتبقى النسبة كما هي عليه (20 في المئة من العجز الكلي) والرد في 14 أغسطس/ آب الماضي، واعترضت على قرار اللجان الطبية وطلبت من الهيئة استئناف القرار للنسبة أمام اللجان الطبية الاستئنافية، إلا أنني لم أنل ما طلبت ورفض الاستئناف»، مضيفاً «لذا أناشد المسئولين النظر في أمري، إذ إنني رب لأسرة من 6 أفراد، فيما لا أحصل على راتب من التأمين ولا أحد يقبل توظيفي».
مصاب آخر يروي لنا قصة معاناته في إصابته بالعمل، إذ يقول خليفة علي الذي يعمل في وزارة الكهرباء والماء، «ماذا تقول فيمن لديه هذه الإفادة من جهة عمله منذ 6 مايو/ أيار 2001، والتي فيها: يسعدني أن أقدم إليك الشكر والتقدير لانضباطك في العمل وأدائك الجيد الذي تقوم به في مركز مدينة عيسى للصيانة، وأرجو أن تواصل عملك الجيد للنهوض بمستوى الأداء النوعي وزيادة الإنتاجية، متمنين لك التوفيق».
الاعتداء عليّ أثناء تأدية العمل
بدأ يسرد معاناته مع اللجان الطبية وجهة عمله التي طلبت منه أن يحصل على تقرير طبي من اللجان الطبية لعمل اللازم، وفعلاً يوضح خليفة علي أنه أول ما بدأ بتسجيل الأوراق الإجرائية في جهة عمله، «طلب مني الموظف في الشئون القانونية أن أرفع على من اعتدى علي أثناء تأديتي عملي قضية كشخص، إذ إن جهة العمل لا تقوم برفع القضايا، فقمت فعلاً برفع قضية على الجاني وحصلت منهم على إفادة في 17 يوليو/ تموز جاء فيها: تشهد القيادة العامة / مديرية القضاء العسكري بأن الدعوى الجنائية رقم 367/2004 والمتهم فيها الوكيل رقم (...) «ح. م» من مرتب قوة الدفاع، قد صدر حكماً من المحكمة العسكرية الصغرى /4 في 23 مارس/ آذار 2005 عن تهمتي الاعتداء على سلامة جسم الغير والسب وقد قضت المحكمة بتغريم المتهم مبلغ 100 دينار إلا أنه استأنف بتاريخ 27 مارس/ آذار 2005 وتم رفض الاستئناف من قبل المحكمة الاستئنافية العسكرية بتاريخ 16 يونيو/ حزيران الماضي واعتباره كأن لم يكن لعدم حضور المستأنف جلسات المحكمة عملاً بأحكام المادة (302) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 2002م وبذلك أصبح الحكم باتاً ونافذاً بعد أن أستنفد طرق الطعن».
قصة المطالبات بتقارير الفحص الطبي
«وقد طلب مني إجراء فحص طبي لأحصل على تقرير أبعثه لقسم الأمن العام للمنطقة الجنوبية»، وفعلاً يقول خليفة علي: «قمت بطلب إجراء الفحص في مركز مدينة عيسى في 17 يونيو/ حزيران 2004، وحصلت عليه في 17 يونيو/ حزيران 2004، وفيه: إنه بعد الكشف وجد أن السيد خليفة علي يعاني من أكثر من ضربة على عظمة العنق».
ويروي خليفة علي قصة التقارير الطبية التي يأمل من خلالها في شيء من التعويض لحقه، إذ إنه أصيب أثناء تأدية واجبة في العمل، «وقد تقدمت إلى الهيئة العامة لصندوق التقاعد وذلك لبيان ما لحقني من إصابات وتحديد نسبة العجز المتخلف عن تلك الإصابات إن وجدت، بعد تعرضي للإصابة أثناء العمل في 17 يونيو/ حزيران 2004، وقد أرسلتني الهيئة العامة لصندوق التقاعد إلى استشاري الأنف والأذن والحنجرة أحمد جمال لعمل تقرير من واقع ملفي بالعيادة الخاصة به منذ تاريخ الإصابة وتحديد مشكلة السمع وتاريخ معاينته لأول مرة وتواريخ المتابعة إن وجدت، وجاء فيه: عرض هذا المريض للعيادة في 30 مارس 2005 وبه تضخم 34 وآثار واضحة بالحنجرة. إن المريض وبهذا التقرير يتضح أنه وبعد أن اعتدى عليه البعض، وهو في أثناء مباشرته العمل تضرر في منطقة الحنجرة. وحال المريض الصحية أنه غير قادر على تحمل حلقه، وبعد المعاينة والفحص أظهرت الفحوصات أنه يتنفس بصعوبة من حلقه (...)، لذلك كتبنا له بعض الأدوية التي تساعده على تقليل حال القلق».
تقارير طارت مع الريح!
ويواصل خليفة علي: «وبعد كل هذه المتابعات للحصول على التقارير من مكان إلى آخر، تأتي النتيجة بعد عامين (2004 إلى 2006) أن التضرر الذي أصبت به جاء جراء العمل وليس من جراء إصابة العمل، وطلبت الاستئناف للجان الطبية وفعلاً استأنفت وجلست مع اللجان الطبية لفحص الأذن والحنجرة فاتضح أن الأذن متضررة من أثر العمل وليس من إصابة العمل، وطلبوا مني أن آتي بملفي الخاص من العيادة التي أتلقى العلاج فيها، وفعلاً أتيت بالملف بعد المعاناة ومتابعة أكثر من شهر، وحصلت على تقرير فيه: أنك غير متضرر من إصابة العمل، وكل ما في الأمر أن هناك آثارا من جراء العملية التي أجريتها للحنجرة في 1995 - بينما الإصابة في 2004 - وبعد كل هذه المتابعات لم أحصل على أي تعويض وذهب كل ما صرفته على التقارير أدراج الرياح».
رعاية الأمن والسلامة أثناء العمل
في قانون العمل البحريني مواد تضمن للمصاب أثناء العمل حقه، وهذا نصها «المادة 91: على العامل ألا يرتكب أي فعل أو تقصير يقصد به منع تنفيذ التعليمات أو إساءة استعمال أو إلحاق ضرر بالوسائل الموضوعة لحماية صحة وسلامة العمال المشتغلين معه. وعليه أن يستعمل وسائل الوقاية ويتعهد ما بحوزته منها بعناية وأن ينفذ التعليمات الموضوعة للمحافظة على صحته ووقايته من الإصابات».
وفي المادة 99: «يجب على صاحب العمل أن يحتفظ بسجل دائم لعماله يتضمن - كحد أدنى - اسم العامل ومهنته وجنسيته وتاريخ ميلاده ومحل إقامته وحالته الاجتماعية وتاريخ بدء خدمته وأجره الحالي وأجره عند نهاية الخدمة والجزاءات التي وقعت عليه والإجازات السنوية والمرضية التي حصل عليها وتاريخ انتهاء خدمته وأسبابها. وإلى حين تطبيق قانون التأمين الاجتماعي على صاحب العمل أن يثبت بهذا السجل العاهات المصاب بها العامل عند دخوله وإصابات العمل التي حدثت له ودرجة العجز المتخلفة عن كل إصابة إن وجدت. وعلى صاحب العمل أن يحتفظ بملف لكل عامل تحفظ فيه جميع الأوراق والمستندات الخاصة بالعامل، ويحتفظ بهذا الملف لمدة سنة من تاريخ انتهاء خدمة العامل، كما يحتفظ بالسجل لمدة خمس سنين على الأقل من تاريخ انتهاء خدمة العامل ومن آخر قيد في السجل. وإذا أقيمت دعوى أمام القضاء تتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون تعين الاحتفاظ بالملف والسجل لمدة سنة من تاريخ الفصل فيها نهائيا».
التعويض عن إصابات العمل وأمراض المهنة
أولا: إصابات العمل: تسري أحكام هذا الباب على أصحاب الأعمال والعاملين لديهم إلى حين أن تطبق في شأنهم أحكام تأمين إصابات العمل الواردة في قانون التأمين الاجتماعي.
المادة 121: إذا أصيب العامل في حادث أثناء العمل أو بسببه، فعلى صاحب العمل الإبلاغ عن الحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقوعه إلى: أ- مركز الشرطة الواقع في دائرة اختصاصه مكان الإصابة. ب- وزارة العمل والشئون الاجتماعية. ج- وزارة الصحة. ويجوز أن يقوم العامل بهذا البلاغ إذا سمحت حالته بذلك.
المادة 124: للعامل المصاب الحق في العلاج في إحدى المؤسسات الصحية الحكومية أو دور العلاج الأهلية حسبما يراه صاحب العمل، ويلتزم صاحب العمل بمصاريف العلاج كاملة بما في ذلك الأدوية وتكاليف الانتقال.
المادة 125: يكون ثبوت العجز وتقدير نسبته بقرار من اللجنة المختصة التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير العمل والشئون الاجتماعية.
المادة 126: للعامل المصاب أن يتقدم خلال يومين من تاريخ إخطاره بانتهاء العلاج أو بتاريخ العودة للعمل أو بعدم إصابته بمرض مهني، وفي خلال أسبوعين من تاريخ إخطاره بعدم ثبوت العجز أو بتقدير نسبته - بطلب إعادة النظر في ذلك، ويحال الطلب إلى لجنة تحكيم طبي استئنافية ويكون قرارها نهائيا. ويصدر وزير الصحة بالاتفاق مع وزير العمل والشئون الاجتماعية قرارا بتنظيم إجراءات وبيانات طلب إعادة النظر والمستندات الواجب إرفاقها بالطلب وبتشكيل لجنة التحكيم الطبي وإجراءات ونظام العمل فيها.
المادة 127: يتقاضى العامل المصاب أجره بالكامل طوال فترة العلاج التي يحددها الطبيب وإذا زادت فترة العلاج عن ستة أشهر يدفع له نصف الأجر فقط حتى يتم شفاؤه أو تثبت عاهته أو يتوفى.
المادة 128: للعامل إذا أصيب في حادث أثناء العمل أو بسببه أو للمستحقين عنه من بعده الحق في التعويض عن الإصابة بحسب الجدول الصادر بقرار من وزير العمل والشئون الاجتماعية تطبيقا لهذه المادة، على ألا يستحق التعويض إذا ثبت من التحقيق: أ- أن العامل تعمد إصابة نفسه. ب- إذا حدثت الإصابة بسبب سوء سلوك فاحش ومقصود من جانب العامل ويدخل في ذلك كل فعل يأتيه المصاب تحت تأثير الخمر أو المخدرات. هذا إذا لم تنشأ عن الإصابة وفاة العامل أو تخلف عجز مستديم تزيد نسبته عن 25 في المئة من العجز الكلي
العدد 1513 - الجمعة 27 أكتوبر 2006م الموافق 04 شوال 1427هـ