مشكلة البحرينيين، كل البحرينيين، هي الإكثار من «أكل العيش» والذي ينعكس بالضرورة على الإكثار من الشخير والنوم، ومن ثم تنتهي السلسلة بكثرة الأحلام المليئة بالأوهام!
هذه المرة كان الإكثار من النوم في شهر رمضان المبارك، ولم تقتصر الأحلام على فراش الليل بل امتد إلى نوم النهار والمشكلة أن الأحلام زادت عن المعدل الطبيعي وارتفع مستوى الوهم... أحدهم حلم بأن شهر يناير / كانون الاول المقبل سيحمل مفاجأة وهي إسقاط القروض الشخصية عن البحرينيين! وآخر أكمل الحلم نفسه ولكنه أضاف أن الحكومة ستسقط قروض الإسكان، ويبدو أن المسكين من الملتزمين بقروض الإسكان ولذلك كان حلمه محدودا. ولم يقف الموضوع عند هذا الحد، بل جاءنا آخر بحلم آخر، فبعد أن أكثر من «الثريد» حلم أن الخطة الموضوعة لإسقاط القروض ستشمل من مر على قرضه عام واحد وأكثر وكم سيسهل هذا الحلم المبالغ على الحكومة ولم يستثن الحالم نفسه بالطبع لأنه قضى في الديون أكثر من عام!
مفاجآت بالجملة تنتظر البحرينيين في شهر يناير، فزيادة الرواتب في انتظار الجميع، وكم ذكرني هذا الحلم بمسلسل السندباد الكارتوني المدبلج باللغة البحرينية، حين مسح سندباد على الفانوس وخرج المارد وهو يقول «شبيك لبيك» وسأل سندباد عن طلبه فأمره بزيادة رواتب البحرينيين أو إيصال منتخب البحرين إلى كأس العالم، فأخذ المارد يحك رأسه وهو يقول: «والله لو تحلمون ما بتزيد الرواتب، لكن أقول لك جيب منتخبكم بنوصله كاس العالم»!
ولربما كان حلم أحد الأطفال «الكسالى» في المدارس الأقرب إلى الواقع حين حلم بزيادة العطل الأسبوعية إلى ثلاث، إضافة إلى السماح للتلاميذ بالرجوع إلى المنزل وأخذ قيلولة والرجوع إلى المدرسة ولكن الحلم لم يلاق رواجا كبيرا كبقية الأحلام التي يعاني من تبعاتها كل البحرينيين، صغارا وكبارا، رجالا ونساء... مساكين هم البحرينيون، لا يعرفون حتى كيف يحلمون، فالله سبحانه وتعالى جعل النوم راحة للبال والجسد، إلا أننا اخترنا أن نجعل من النوم هما فوق هم، وغما في غم، ولذلك نلاحظ أننا مهما نمنا وهجعنا فإن المنام لا يريح لا الجسد ولا العقل ونتمنى لو أننا ننام وننام!
ويبدو أن البحرينيين بحاجة إلى دروس مكثفة لتعليمهم النوم الصحيح بعيدا عن التفكير في الديون وبيوت الإسكان والعمل والبطالة والزواج والمنح الدراسية والانخراط في كلية الحلم بدل زجه في كلية العلوم التطبيقية(...) وكما تحدث الناس عن موضوعات إسقاط الديون ورفع الأجور ،طرحوا أمثلة من دول الخليج كالكويت وقطر وغيرها، ولكنهم لا يعرفون بأن الأوضاع في تلكم الدول مغايرة للأوضاع في البحرين، والأسباب غير معلنة كالعادة! أسئلة محيرة تطرح حتى وإن كان سندها الأحلام؛ أين تذهب الثروات الوطنية؟ لدينا النفط ولدينا صادرات الألمونيوم ولدينا مدخول السياحة ولدينا ولدينا؟ هل من الصعب أن يتحقق ولو جزء بسيط من الأحلام التي تراود البحرينيين في كل يوم؟ هل من المستحيل إراحة ضمائرهم من كوابيس الديون؟
المشكلة أن بعض الناس صدقوا الرواية، فمنهم من تقدم لقرض جديد، ومنهم من جديد قرضه ليحظى بمال وفير بالمجان، ولكن خابت الظنون... على أية حال، يبدو أن الحلم الكبير تأجل إلى أجل غير محدد، إلى شهر يناير المقبل مبدئيا، وربما يستمر حتى شهر آخر في حال مر الشهر الموعود من دون أن يتحقق الحلم ومن يدري متى يتحقق؟ ربما يتحقق في الأحلام أيضا‡
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1512 - الخميس 26 أكتوبر 2006م الموافق 03 شوال 1427هـ