نظراً إلى معرفتها التأثير المحتمل للبرامج الترويجية تنفذ دول كثيرة برامج مصممة لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتعتمد على استراتيجيات وبرامج تسويقية أعدت بعناية، بحيث تشمل الخدمات المقدمة لـ «العملاء» (المستثمرون) قبل وبعد «البيع» (تنفيذ الاستثمار).
وفي مجال ترويج الاستثمارات تعد الجهود المبذولة للتعريف بالمزايا والحوافز الاستثمارية المتوافرة، بمثابة عملية «بناء سمعة» على اعتبار أن معظم الدول النامية كانت تعد حتى سنوات قليلة مضت أقل دول العالم جاذبية للاستثمارات، بل إن الكثير منها كان صنفها على أنها «خطرة جدا».
كما أن قطاعاً واسعاً من المستثمرين في مناطق مختلفة من العالم مازال يجهل مدى وعمق التغييرات الاقتصادية والسياسية والاستثمارية التي حدثت في الكثير من الدول النامية، والآفاق الاستثمارية المتاحة الجديدة التي أصبحت متاحة بها في ظل عمليات الإصلاح الاقتصادي الجارية فيها، الأمر الذي يعزز حاجة الدول المعنية إلى تنفيذ برامج ترويج تعرف المستثمرين في العالم بالمناخ الاستثماري فيها والمزايا التي توفرها للمستثمرين الأجانب.
ويتعين ألا تنتهي برامج ترويج الاستثمارات بصدور موافقة المستثمر الأجنبي على الاستثمار، إذ يتعين أن تكون عملية متصلة حتى لا تضرر «السمعة الاستثمارية» للدولة المعنية، إذ حدث كثيراً وفي دول مختلفة أن أحجم مستثمرون عن تنفيذ مشروعات على رغم حصولهم على موافقات رسمية بشأنها، وذلك بسبب شعورهم بأن هناك «انحساراً في درجة اهتمام» الجهات المعنية، او حدوث «تغير في موقفها» أو «تعرض هذه الجهات لعراقيل».
إن أهمية تخصيص أموال لتمويل برامج ترويج متطورة، تبرز من خلال الدور الذي تلعبه في توجيه عملية اتخاذ قرار بشأن الاستثمار، فقد أكدت دراسات عن «قرارات الاستثمارات الأجنبية» أن المؤسسات - بما فيها المؤسسات الكبرى - لا تجري بشكل منتظم بحوثاً عن أجواء الاستثمار في مناطق مختلفة من العالم، وأن جهودها في هذا المجال تكون في العادة رداً على مشكلة تواجهها او نتيجة عوامل خارجية أخرى. كما أن الاستراتيجيات التي تتبعها هذه المؤسسات في مجال الاستثمارات الأجنبية تصاغ عادة ضمن إطار ضيق من الخيارات.
لقد أكدت دراسات عدة أن المؤسسات تتجاوب للمبادرات التسويقية المنظمة، فكما أن الشركات المصنعة لا تجلس بانتظار المشترين، وإنما تأخذ زمام المبادرة بإيجاد المشترين المحتملين وتعريفهم بالمعلومات الأكثر أهمية بمنتجاتها وعلى مستوى دوائر اتخاذ القرار، فإنه يتعين على الدول النامية المهتمة باستقطاب الاستثمارات ألا تنتظر مجيء المستثمرين إليها، وخصوصاً في ضوء تصاعد حدة المنافسة على استقطاب الاستثمارات على المستويين الإقليمي والعالمي، وإنما أن تبادر بتصميم برامج ترويج تساهم في التعريف بالمزايا والحوافز التي تقدمها إلى المستثمرين الأجانب، وعلى مستوى اتخاذ القرار أيضاً.
إن التطبيق الناجح لبرامج الترويج يعتمد أيضاً وبشكل حيوي على توحيد جهات التعامل مع المستثمرين الأجانب سواء على مستوى ترويج الدولة المعنية كموقع مناسب للاستثمار أم على مستوى تنفيذ الإجراءات الخاصة بالاستثمارات الأجنبية، فقد كانت أكثر الحالات نجاحاً هي تلك التي حصرت فيها الحكومات مسئولية إدارة العلاقات مع المستثمرين الأجانب بهيئة أو وكالة واحدة
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1511 - الأربعاء 25 أكتوبر 2006م الموافق 02 شوال 1427هـ