يمثل إقرار مجلس الوزراء لقانون التأمين ضد التعطل منعطفاً مهماً في مسيرة احتواء تداعيات ظاهرة البطالة في البحرين. فقد أقر مجلس الوزراء المقترح المقدم من وزارة العمل في جلسته بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول. وتتمثل الخطوة الآتية في تقديم المشروع إلى البرلمان المقبل على الأرجح في شهر ديسمبر/ كانون الأول وذلك بعد انتهاء الانتخابات النيابية من أجل إقراره ومن ثم يصدر مرسوم من جلالة الملك بشأن تطبيقه. ومن المأمول أن يدخل المشروع حيز التنفيذ في شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2007 كأقرب تاريخ.
مساعدات شهرية
من دون الخوض في التفاصيل، يتضمن المشروع تقديم مساعدات مالية بقيمة 150 ديناراً شهريا للمتعطلين حملة المؤهلات الجامعية و120 شهرياً للمتعطلين الآخرين. أما بالنسبة إلى الأفراد المؤمن عليهم الذين خسروا وظائفهم وبالتالي أصبحوا عاطلين فسيحصلون على تعويض شهري لا يقل عن 150 ديناراً ولا يزيد على 500 دينار شهريا. يشار إلى أن الحد الأقصى لصرف الإعانة هو ستة أشهر. كما أن هناك شروطاً لا بد من توافرها مثل ألا يقل عمر الفرد عن 18 سنة وألا يكون قد بلع سن التقاعد وألا يزاول أي عمل تجاري. وهناك شروط وتفاصيل أخرى يضيق بنا المقام لذكرها بل من الأفضل تركها للقائمين على المشروع حتى يقوموا بشرحها لعامة الناس.
ما يهمنا في هذا الصدد هو وجود مشروع حيوي ولأول مرة ليس فقط في البحرين بل على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. بدورنا نرى أهمية وجود مشروع التأمين ضد التعطل وذلك نظرا إلى تفشي ظاهرة البطالة (أو بالأحرى العطالة) في مجتمعنا. ففي إطار تحقيق لها بشأن المشروع أوردت وكالة “الأسوشيتد برس” خبراً يفيد بوجود 18 ألف عاطل عن العمل في البحرين غالبيتهم من النساء. وربما يكون هناك اختلاف في الرقم الحقيقي للعاطلين لكن لا يوجد اختلاف بين اثنين بوجود أزمة بطالة في البلاد. فقد سجل أكثر من 14 ألف شخص أنفسهم كعاطلين أثناء التسجيل للمشروع الوطني للتوظيف في بداية العام الجاري. ويعتقد بأن بعض العاطلين فضلوا عدم تسجيل أسمائهم لعدو قناعتهم بوجود برنامج متكامل للقضاء على ظاهرة البطالة.
خط الفقر
ويكتسب مشروع التأمين ضد التعطل أهمية متضاعفة نظراً إلى استفحال ظاهرة الفقر في مجتمعنا. تشير بعض الإحصاءات إلى أن 11 في المئة من الأسر في البحرين تعيش دون خط الفقر. فحسب مستشار سياسات مكافحة الفقر في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أديب نعمة، فإن خط الفقر هو 5,2 دولار (أي نحو أي دينار و965 فلساً) يومياً للفرد الواحد في أسرة مكونة من ستة أفراد. وبناء على ذلك، تصبح أي أسرة فقيرة إذا كان دخلها الشهري يقل عن 936 دولار (أي 354 ديناراً). هناك نحو 75 ألف أسرة في البحرين ما يعني أن أكثر من 8 آلاف أسرة تعيش تحت خط الفقر. يعتقد أن 70 ألف فرد يحصلون على مساعدات مالية وعينية من الصناديق الخيرية فضلاً عن وزارة التنمية الاجتماعية. على أقل تقدير سيساعد مشروع التأمين ضد التعطل في احتواء ظاهرة الفقر إذ بمقدور العاطلين الحصول على مساعدات مادية شهرية لفترة معينة تساعدهم على العيش بكرامة. وعلى هذا الأساس يتعامل برنامج التأمين ضد التعطل مع تداعيات ظاهرة البطالة.
كما يكتسب هذا المشروع أهمية أخرى وذلك على خلفية تباطؤ التوظيف في القطاع العام. فقد حدث تراجع في عدد العاملين في الدوائر الرسمية في الربع الأول من العام 2006 تماماً كما حدث على مدار العام 2005. وتحديداً تم تسجيل تراجع قدره 17 وظيفة في الربع الأول من العام 2006، كما تم تسجيل تراجع 148 وظيفة في العام 2005. وخلافاً للقطاع الخاص يشتهر القطاع العام بتوظيفه للمواطنين. فقد شكل المواطنون 90 في المئة من العاملين في الدوائر الرسمية مقارنة بـ 23 في المئة في مؤسسات القطاع الخاص في الربع الأول من العام الجاري.
شكراً وزير العمل
حقيقة إذا كان هناك شخص يستحق الثناء في هذا الشأن فهو وزير العمل مجيد العلوي والذي عمل بلا كلل أو ملل في سبيل إقناع الأطراف ذات العلاقة بأهمية هذا المشروع الحيوي. إنه لشيء جميل أن نرى تنفيذ المشروع الوطني للتوظيف في بداية العام 2006 وربما تطبيق مشروع التأمين ضد التعطل في بدية العام 2007.
ختاماً تطبيق المشروع سيفيد المواطنات أكثر من غيرهن نظراً إلى أن الإناث يشكلن غالبية العاطلين في البلاد. بدورنا نرى أن مشروع التأمين ضد التعطل سينقل البحرين إلى صفوف الدول المتقدمة التي تعمل على توفير سبل العيش الكريم لمواطنيها العاملين منهم والعاطلين. وعليه فإن ما يميز مشروع التأمين ضد التعطل هو التعامل مع تداعيات البطالة بشكل علمي. فظاهرة البطالة منتشرة في مختلف بقاع العالم لكن ليس من المعقول ترك تداعيات هذه الأزمة تستفحل وتنخر في المجتمع من دون التعامل معها بواقعية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1511 - الأربعاء 25 أكتوبر 2006م الموافق 02 شوال 1427هـ