العدد 1511 - الأربعاء 25 أكتوبر 2006م الموافق 02 شوال 1427هـ

شارل بريزار... رجل يعرف كل شيء عن «القاعدة»

لا يخفي وجهه ولا عنوانه على رغم أنه يتعقب أخطر تنظيم في العالم من وجهة نظر الرئيس الأميركي جورج بوش. الظهور الأخير لهذا الرجل كان في مدينة مراكش المغربية وفي جعبته الحاسوب النقال الذي يحمله على الدوام. حين يجري نقر اسم أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» في هذا الحاسوب يخرج على الفور 4099 مستند عن كل ما يتعلق بهذا الرجل وبتنظيمه وصولاً إلى وثائق بنكية لحسابات في مصارف سويسرية وتحويلات قام بها بن لادن موقعة منه شخصياً ورسائل ومعلومات يعود زمنها حين تم تأسيس «القاعدة».

الحاسوب الأسود اللون يخص رجل اسمه شارل بريزار ليس لهأي عمل منذ أربع سنوات سوى البحث عن كل معلومة في العالم عن «القاعدة» وطبعاً أسامة بن لادن. يقول البعض عنه إنه يعمل في حل فزورة الفوازير. في نهاية العمل المضني والمكلف يريد بريزار إيضاح الصورة الغامضة عن تنظيم «القاعدة» ويريد الأميركيون الحصول منه على إجابة على السؤال التالي: من ساعد أسامة بن لادن وكم هي التبرعات التي قدموها لدعم هذا التنظيم؟ وجود بريزار في بحر الأسبوع الماضي في مراكش ليس للسياحة ولا سبيل صدفة. شارل بريزار، الفرنسي الجنسية، البالغ 38 سنة من العمر، يعمل بتفويض من أكبر مكتب للمحاماة في الولايات المتحدة. إذ يستعد محامون من الولايات المتحدة التي تعرضت قبل أكثر من خمسة أعوام لهجمات «القاعدة» على نيويورك وواشنطن، لرفع دعوى جماعية ضد مجموعة من الأشخاص الذين مولوا بن لادن. سيطالب المحامون بتعويضات خيالية قيمتها ألف مليار دولار حيث هذا الحجم ضعف الموازنة الأميركية لعام 2006 وبتوكيل من أقارب ضحايا هجمات 11سبتمبر.

الدور الذي يقوم به بريزار مهم جداً للقضية المخطط لها. بالكاد هناك شخص في العالم يملك ويعرف «القاعدة» مثل بريزار ولا أحد انهمك منذ سنوات في جمع معلومات ووثائق عن هذا التنظيم وأسماء الذين ساعدوا في تمويله في البداية مثل هذا الرجل. أصبح له هدف مع الوقت وهو إنشاء بنك للمعلومات عن»القاعدة يسجل على أسطوانة وسيكون هذا رأسماله الكبير. في الأيام القليل الماضية حضر بريزار في مراكش للقاء بعض المصادر التي تعمل له. فقبل وقت قصير أعلن عن اعتقال أفراد خلية إسلامية في المغرب واستطاعت الشرطة المحلية مصادرة أجهزة كمبيوتر تابعة لهذه الخلية ما يعني توافر معلومات جديدة لبنك المعلومات الذي يغذيه بريزار بالمعلومات. ويقول محققون في الغرب إن الحاسوب الأسود الصغير الذي يملكه بريزار أهم مصدر للمعلومات عن «القاعدة». فيه 1.5 مليون مستند حصل عليها بريزار من 68 بلداً قام بتخزينها رقمياً وابتكر للحفظ نظام بحث خاص به. أنه بمثابة (غوغل) بما يخص كل شأن يتعلق بهذا التنظيم، وقال بريزار: هذا بالتحديد ما أردته. ثم يغلق الحاسوب الصغير.

لا الاستخبارات الأميركية (CIA) ولا الشرطة الفيدرالية الأميركية (FBI) ولا الاستخبارات البريطانية ولا الاستخبارات الألمانية ولا الاستخبارات الإسرائيلية، تملك مثل هذه الموسوعة عن «القاعدة». وقد استطاع محقق مثل بريزار وبتمويل كبير جمع هذه المعلومات القيمة. كل ما يعرفه بريزار عن هذا التنظيم موجود في الحاسوب وسرعان ما يستعين ببنك المعلومات عند وقوع أية تفجيرات في أي مكان في العالم. تماماً مثلما فعل في 11مارس/آذار العام 2004 حين سمع نبأ تفجيرات مدريد. حين حاول رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا أثنار تحميل المسئولية لمنظمة(إيتا) الإسبانية التي تحارب من أجل استقلال إقليم الباسك عن المملكة الإسبانية قام بريزار بتزويد نظام المعلومات الخاص به بأسماء الأشخاص الذين أوقفوا بعد التفجيرات على ذمة التحقيق. وعلى الفور لم تعد منظمة(إيتا) بالنسبة إليه الجهة المتهمة بتنفيذ تفجيرات مدريد. فاسم المشتبه الرئيسي المغربي جمال زوقم ورد في ثلاثة مستندات أولها ما يتعلق بما يعرف باسم خلية هامبورغ التي أسسها محمد عطا أحد الطيارين الثلاثة الذين نفذوا الهجوم على نيويورك، ثم في محاكمة في فرنسا وأخرى في إسبانيا.

رون موتلي المحامي اللامع في الولايات المتحدة هو من كلف بريزار بجمع كل معلومة عن»القاعدة» والذين شاركوا بتمويلها. وحقق هذا المحامي الثراء نتيجة تأييد محكمة محلية قضية دعوى فيها تعويضات كبيرة. لكن القضية التي يستعد لها ستحقق له مليارات الدولارات إذا كتب لها النجاح. لذلك فإن موازنة بريزار ضخمة وبوسعه توظيف من يشاء في أي بلد وفي أي جهاز استخبارات كما بوسعه إنفاق أي مبلغ يحتاجه وقال: لم أتحدث مع موتلي عن مبالغ محددة لكنني أحصل على كل ما أريده.

يقع المقر الرئيسي للمحقق بريزار ومؤلف كتب عن أسامة بن لادن ومنظمته في مبنى غير لافت للنظر وسط مدينة لوزان السويسرية والدليل إلى مكتبه معقد باستثناء رقم يرشد لمكان المكتب الذي لا تشير إليه إشارة. شقة مؤلفة من ثلاث غرف لكن من هذا المكان تجري عملية ضخمة بتعقب «القاعدة» وهنا يوقع بريزار على صكات تنفق ملايين الدولارات لقاء فواتير طيارات خاصة وحرس شخصي ومعلومات وأسلحة. من عادته تكليف باحثين من الشباب لديهم حماس كبير للعمل في مهمات في أنحاء العالم. أنهم يتحدثون مع أشخاص عملوا مع أسامه بن لادن حين كان في السودان ويبحثون عن ممولي عملية تفجير سفارتي الولايات المتحدة في شرق إفريقيا ونجحوا في نسخ مستندات كمبيوتر مؤسسة خيرية سعودية تعمل في البوسنة. بالنسبة إلى أفغانستان التي كانت مربط خيل أسامه بن لادن أوكل بريزار أثنين من معاونيه أحدهما عضو سابق في وحدة عسكرية أميركية خاصة والآخر ابن وزير أفغاني سابق له اتصالات جيدة خصوصاً مع «طالبان». كلاهما يحصل على مسكن وراتب كبير وسائق وحرس وأسلحة وعدة لتصوير وتسجيل المقابلات ما يكشف أن بريزار أقام شبكة تجسس كبيرة في أنحاء العالم والممول الأميركي يدفع من دون نقاش.

أمضى الرجلان ثمانية عشر شهراً في قندهار وعادا وبحوزتهما كشوف حسابات مصرفية خاصة بالملا عمر زعيم «طالبان» مزودة بتحويلات مفصلة من مصارف سعودية لـ»القاعدة» وبخطة محددة لحركة الطيران في مطار قندهار ومعلومات محددة عن عمليات نقل أسلحة من دولة الإمارات العربية وشهادات قدمها شهود عن لقاء تم بين بن لادن وأعضاء في الأسرة الحاكمة السعودية.

يجرى في لوزان تقييم كل معلومة وكل وثيقة وتخزينها في حاسوب بريزار. رأسمال بريزار الكبير هو ما يعرفه عن «القاعدة». وبدأ في العام 1997 حين كلفته الاستخبارات الفرنسية الداخلية (DST) بجمع معلومات عن الوضع الاقتصادي لأحد الأشخاص لم يكن اسمه معروفاً في ذلك الوقت: أسامه بن لادن. قبل ذلك عمل بريزار معاوناً لقاض باريسي ينظر بقضايا الإرهاب وفي مكتب وزير الداخلية الفرنسي شارل باسكا ثم انضم للعمل في شركة(فيفندي). كان عمره وقتذاك 29 عاماً حين حصل على معلومات قيمة عن مجموعة شركات تملكها أسرة بن لادن وقام بالتحري عن اتصالات هذه الشركات مع مؤسسات خيرية إسلامية. بعد ثلاث سنوات أعد تقريره الشامل بشأن هذا الموضوع. بلغ الأمر مدير قسم مكافحة الإرهاب في الشرطة الفيدرالية الأميركية جون أونيل . وفي يونيو/حزيران العام 2001 اتفق أونيل وبريزار على عشاء عمل في باريس. كان بريزار مأخوذا بالرجل الضخم القادم من واشنطن الذي قال إنه كل وتعب لأن واشنطن لا تؤيد ضرب تنظيم بن لادن مراعاة لصلاتها الوثيقة مع السعودية. التقى الرجلان مرة ثانية بعد شهر في مانهاتن وفي هذا اللقاء كان أونيل شديد الغضب فقد رفضت الشرطة الأميركية أن يسافر إلى اليمن لأنه كان يعتقد أن تنظيم(بن لادن) مسئولاً عن ضرب المدمرة البحرية الأميركية (Cole) في ميناء عدن بأكتوبر/تشرين الاول العام 2000. لم يتحقق اجتماع ثالث، فقد توفي أونيل بتاريخ 11 سبتمبر/ايلول 2001 في مركز التجارة العالمية. وكان قبل وقت قصير قد استقال من الشرطة الفيدرالية نتيجة الغضب وخيبة الأمل ورضي بوظيفة عمل كرئيس للأمن في البرجين.

قام بريزار بخطوة نادرة في عالم الاستخبارات وقرر إطلاع الرأي العام على ما جمعه من معلومات وقام بنشرها في كتاب وقال إنه أراد أن يطلع العالم على الأشخاص الذين يعملون وراء الكواليس في تمويل «القاعدة». وكان يشعر أنه مدين بكشف المعلومات لصديقه أونيل. بعد وقت قصير على هجمات 11 سبتمبر تحدث بريزار في مكان تحت الأرض بواشنطن مع ممثلي أجهزة الأمن الأميركية وتحدث لاحقاً أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ وأمام لجنة تحقيق نظرت بهجمات11سبتمبر. تلبية لدعوة من 50 محامياً أميركياً تحدث في واشنطن ثلاث ساعات عما يعرفه عن ممولي «القاعدة». في هذا اليوم تعرف عليه موتلي وسأله إذا هوعلى استعداد للعمل لديه. وافق بريزار على الفور وحتى اليوم استثمر موتلي 18 مليون دولار في التحقيقات.

أحد رجال الأعمال السعوديين المستهدفين صالح كميل. ويظهر في صورة التقطت في جدة في يناير/كانون ثاني العام 2004 لا تخلو من الحرج. على يمين كميل يجلس رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الذي راح ضحية اغتيال ورئيس الوزراء التركي سيدرجب أردوغان. أما ليساره فيجلس الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون

العدد 1511 - الأربعاء 25 أكتوبر 2006م الموافق 02 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً