مع احترام الجميع لوثيقة مكة المكرمة نصا وروحا،والتي وقعها رجال دين من الشيعة والسنة من أجل تحريم سفك الدماء في العراق إلا أننا لم نشهد حتى الآن أي تهدئة في الوضع الأمني في هذا البلد الشقيق.بل بالعكس حدث عنف من نوع غريب اندلع بين أبناء الطائفة الواحدة. فعلى سبيل المثال لا الحصر وقعت مواجهات ضارية بين عناصر جيش المهدي التابع للزعيم الشاب مقتدى الصدر والشرطة التابعة لحكومة المالكي في مدينة العمارة راح ضحيتها أكثر من 20 قتيلا.وفي المقابل خطفت مجموعة سنية مسلحة 14 مصليا عندما اقتحمت مسجد الصديق شرق الضلوعية واقتادت المصلين السنة إلى جهة مجهولة.
إذا العنف في العراق جذوره سياسية ناشئة عن الاحتلال الانجلو - أميركي الذي جاء بحكومات مفصلة على مقاسه. ففي الوقت الذي تتوافق فيه المراجع الدينية نجد مجموعات مسلحة من الطائفتين ترفض هذه المقاربة وتستنكر المشاركة في العملية السياسية.وبالتالي لا يعول الشعب العراقي كثيرا على وثيقة مكة رغم احترامه لها فهي قد اعتمد في بنودها على الكتاب والسنة لكن الموقعين عليها ليس لهم نفوذ مباشر على الوضع الميداني بمعنى أن هناك مقاومين ليست لهم مرجعيات دينية ويتصرفون بشكل شبه فردي.
لقد أبدى بعض من المليشيات رغبته في التفاوض المشروط سواء مع الأميركيين أو الحكومة العراقية ولكن لحاجة في نفس يعقوب رفض الأميركيون هذا العرض وعمدوا إلى الضغط على جيران العراق من أجل القيام بمبادرات تهدئة.و تسعى الولايات المتحدة أيضا إلى إقناع إيران وسورية بضرورة مشاركتهما في مثل هذه الجهود نظير تخفيف الضغوط عنهما في شئون أخرى،لكن مثل هذه المبادرات لن تؤتي أكلها.
فالاستقرار في العراق مرهون بتوافر عدة خطوات عملية من جانب كل الأطراف العراقية وليس توقيع الزعامات الدينية على وثيقة فحسب.فالأزمة العراقية سياسية بالدرجة الأولى مردها إلى غياب التسوية الشاملة في إطار مائدة حوار لا تستثني أحدا خصوصا أن هناك رغبة في التفاوض. وبذلك يستطيع الحادبون على مصلحة العراق تفويت الفرصة على المحتل الذي يرغب في رؤية هذا البلد أشلاء ممزقة وأبنائه شيعا متفرقة وبالتالي يسهل عليه نهب ثرواته وخبراته ثم الانتقال إلى بلد آخر ليمارس فيه الدور نفسه
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1510 - الثلثاء 24 أكتوبر 2006م الموافق 01 شوال 1427هـ