في كتابه «صناعة التاريخ بالتأويل» الصادر عن إدارة الثقافة والتراث الوطني، يذهب الكاتب البحريني حسام أبوإصبع في مساحة من سرديات العادات والتقاليد، والإبداع الفراغي. يضيء جانباً من المرجعيات، ويتوغل في مساحة من التأويل، ويعرّج على التاريخ الفوتوغرافي. يتوقف عند الديجيتال والتاريخ.
كتاب يتقصى وجهاً من موضوع الانثروبولوجيا، من دون أن يدّعي تخصّصاً. يذهب بمعرفته المتراكمة من دون أن تعني جاهزيتها، في قراءة واعية ومدركة ولافتة للهوية، وهذه المرة أيضاً: من دون أن يجزم أنها قاطعة.
ثمة لعبة في ترصّد وتقصٍّ للتباين في ثقافة الأرض (البحرين) وهو تباين لا يعني بالضرورة إعلاناً عن حال من الاشتباك والمواجهة بقدر ما يعني قدرته على التواؤم والانسجام.
من البحر في حدوده الفارهة، إلى أمكنة تغص بالمتناقضات والتباينات، إلى استدعاء قراءات معمّقة لمحمد جابر الأنصاري، والبراءة من التعمّق في التاريخ.
يحيلنا أبوإصبع على التهيؤ للذهاب إلى قراءة التنوع في المكان والثقافة والتعدد. يوطّئ للارتحال والتبْيِئة. يقف طويلاً أمام تراكم أو سرد المطبخ البحريني، والتحولات التاريخية. ولدلمون نصيبها من تلك الهيئة واستعراض التفكيك لأختامها بين العريفي وبوشهري، في تقصٍّ لمعمار يندغم في سماحة بالغة مع غيره من إعمار.
يتقصى بحيادية بالغة فن لْفجري، وسؤال الترفيه والسهر. يسرد الهند بعلاقاتها التاريخية، وتآكل دورها في الوقت الراهن. يلج بوابات المنامة من خلال «الكباب» والآيسكريم.
أول بقعة في إزالة كون من العتمة في هذه الجزيرة: «الهداية الخليفية» لها نصيب من سرد الدور، من دون أن ينسى واحدة من رائدات هذه الجزيرة: مي آل خليفة بافتتانها بالتاريخ باعتباره قصة، وافتتانها بالقصة باعتبارها تاريخاً لمّا يأتِ بعد.
كتاب غني بالتجربة، وهادئ في عرضه وتوغله في موضوعات أزعم أن لا أحد تاخمها من قبل، ضمن الضخ الموسمي لمشروع الكتاب. إصدار يستحق الاحتفاء به كما يجب
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1509 - الإثنين 23 أكتوبر 2006م الموافق 30 رمضان 1427هـ