العدد 1509 - الإثنين 23 أكتوبر 2006م الموافق 30 رمضان 1427هـ

عيد من دون متطرفين

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في تلخيص أجراه أحد الباحثين لكتاب صدر حديثاً في الولايات المتحدة الأميركية باسم «إشعال العالم: كيف استطاع رسل الأخلاق والدين والحقد العرقي حرق الكون»، ذكر ما تطرق إليه مؤلفا الكتاب؛ كيف تفاعلت الفروقات الاقتصادية، مع ذكريات الحروب الدينية القديمة جداً، وشعور الكثير بالمهانة والانكسار، وتطور تقنيات الاتصال الحديثة ولاسيما الفضائيات والانترنت، وتوافر أسلحة ووسائل خطيرة ومدمرة... تفاعلت هذه العوامل لتنتج لنا عالماً محترقاً بالعنف. وهذا العنف لم يعد حكراً على فئة، وإنما تتصدره إدارة جورج بوش عبر سياستها الأحادية الجانب التي تسببت في ازدياد العداء للأميركان في أماكن كثيرة من العالم. فالرئيس الأميركي يعتبر نفسه رسولاً للحرية والديمقراطية ولمحاربة «الفاشية الإسلامية» وتدمير من يعادي السامية، وهو من أجل ذلك لا يفرق بين هذا وذاك، ولا يهمه ما يدور في العالم، ولا يعترف بضوابط للأمم المتحدة، إلا إذا كانت تصب في سياق سياساته التي يمررها حول العالم من خلال حاملات الطائرات والغواصات وكاسحات الألغام والطائرات الضخمة التي ترتفع عالياً وترمي ما لديها من قنابل على رؤوس الناس.

في مقابل الرئيس الأميركي، هناك من يؤمن بأنه مرسل من أجل إقامة العدل والحق باسم الله، وأن لديه ترخيصاً بقتل من يشاء، وبقتل نفسه، وأن ذلك سيوصله إلى الجنة، ويرسل من يقتلهم إلى النار. وكما يشير بعض المفكرين، فإن هذه الحال الموجودة لدى بعض المسلمين تترجم حركة عكسية ومضادة لما هو موجود لدى المتطرفين في العالم المسيحي (المحافظين الجدد الذين يقودون إدارة بوش مثلاً). فالمسيحيون المتطرفون يريدون إنزال المسيح (الله بالنسبة إليهم) إلى الأرض، وتتطلب عملية إنزال المسيح (ع) كما يرون أن يتبعوا السياسات الهوجاء التي يحرقون الأخضر واليابس من خلالها.

على الجانب الآخر، فإن بعض المسلمين يسعى إلى الاتجاه المعاكس، إلى الصعود إلى الله عبر الاستشهاد (الأعمال الانتحارية)، ولكي يصعد المسلم بصورة مستعجلة إلى الله، وينزل ضيفاً على ملائكة الرحمن، فإن عليه قتل أكبر عدد من «أعداء الله» وإرسالهم إلى الجحيم.

المتطرفون الأميركان لديهم قدرات دولة عظمى تمسك بزمام العالم عسكرياً وسياسياً،وهؤلاء يغلفون أيديولوجيتهم المتطرفة بادعاءات فوق مستواهم، إذ إنهم يعتبرون أنفسهم محرري الشعوب ومعلميها على الديمقراطية وأسلوب الحكم المتحضر. أما المتطرفون المسلمون فلديهم القدرات البشرية التي يجتذبونها من شباب الإسلام الذين تم حرمانهم من الحصول على حقوقهم في بلدانهم أو البلدان التي يهاجرون إليها، وأصبح ملاذهم الوحيد دينهم. وبعد ذلك وقعوا فريسة التفسيرات الحادة والصدامية والتكفيرية، تعبيراً عن الألم الذي يعتصرهم. ولعلنا في وسط كل ما يدور من حولنا نبحث عن عيد يفرح فيه المسلمون وتفرح فيه الإنسانية بعيدًا عن دعوات الكراهية والتطرف والقتل والدمار

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1509 - الإثنين 23 أكتوبر 2006م الموافق 30 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً