من شدة ضيم الناس وقهرها، في أن يروا آلاف الطلبات المتكدسة لدى وزارة الإسكان قبال مئات الهكتارات تتم سرقتها في وضح النهار! فإن لسان حال معظم البحرينيين يقول: إذا «المنهوبة» سئلت بأي يد سرقت؟!

ونحن كذلك نسأل عن معنى الإصلاح إذا لم يكن هناك اعتراف بوجود خلل سابق في توزيع الثروة، وكيل طافح فائض غائض للناس حد الملل والقهر والضجر من الاقتصاد السياسي الجائر. فالحديث عن الإصلاح يعتبر من قبيل الترف، إن لم يكن إصلاحاً للاقتصاد السياسي الجائر بالدرجة الأساس. هل الإصلاح أن نكتب ونقول ما نريد ولا من مجيب؟! الإصلاح يجب أن ينعكس مباشرة على حياة الناس السياسية، وذلك ما لا ننكره، وحياة الناس الاقتصادية، وهذا لم نجده!

الناس تردد: إذا «الموهوبة» سئلت بأي سبب وهبت؟! فهكتارات من الأراضي يتم وهبها لـ «زيد وعبيد» من دون وجه حق! مع وجود أكثر من أربعين ألف طلب إسكاني! هل ينعم الناس بالأمن الاجتماعي، والرخاء الاقتصادي مادامت ثروة البلاد يتم توزيعها بطريقة غير عادلة؟!

نحن في عهد الإصلاح، وعلينا المطالبة بإصلاح أوضاع الشعب البحريني، وأول هذه الأوضاع، هو الوضع الاقتصادي (المعيشي) للإنسان البحريني، الذي يتبعه بالضرورة الوضع الاجتماعي، والاستقرار النفسي للمواطن البحريني. وعلى رأس أولويات الوضع الاقتصادي المعيشي أن يسكن الإنسان في بيت يحتضنه وعياله. وهكذا يكون الإصلاح؛ أما غير ذلك فيعبر عنه بكلمة غير «الإصلاح»!

أعتقد - والله أعلم - بأن القاعدة الصحيحة هي: كلما طالب الناس بحياة معيشية لائقة في بلد ينعم بثروات كبيرة ومتعددة، مقارنة بعدد السكان، كلما خضع من بيده الأمر لمطالبهم العادلة... أما الجماعة التي يحلو لها المكوث في قبو البيات الشتوي، فإنها لا تستحق سوى العيش على هامش الحياة، لتأكل من فتات السلاطين!

«عطني إذنك»...

أكبر مصيبة أن تعيش في بلدك غريباً! فمن لا يملك بيتاً يأويه، فإنه غريب، ومن لا يملك قوت يومه؛ فإنه غريب، ومن لا يشعر بالأمن في المجتمع الذي يعيش فيه؛ فإنه غريب! وهكذا ينقسم أكثر من نصف شعب البحرين بين الانتظار على قائمة الإسكان، أو ذل الديون المتراكمة، أو الخوف من المستقبل! ومع ذلك، لا ينتهي «التزمير والتطبيل» للانجازات الوهمية، وهذا التطبيل والتزمير سنة متقادمة متمادية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ أليس هذا هو النفاق عينه؟‡