يتأمل المقال الذي بين يديك مسألة رغبات المستثمرين الأجانب وعليه يندرج في إطار تغطيتنا تقرير الاستثمار العالمي المنبثق من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) للعام 2006. ونستند في تحليلنا إلى بعض الأوراق التي قدمت في مؤتمر “الاستثمار الأجنبي المباشر في البحرين ودول مجلس التعاون: الفرص والتحديات” والذي نظمه مركز البحرين لدراسات والبحوث العام الماضي.
الإعفاء الضريبي غير مغرٍ
بحسب مهمت أوكستو من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ومقرها باريس لم يعد كافياً أن يتم إزالة القيود عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة حتى يتم جلبها لبلد. وتكمن العلة في أن غالبية دول العالم تقوم بخطوات متشابهة. ويرى أن منح الإعفاء الضريبي لا يمثل بالضرورة عامل جذب للاستثمارات. بل استنادا للدراسات الميدانية يؤكد المستثمرون أن هناك عوامل رئيسية تجذبهم للاستثمار في منطقة ما وتحدياً وجود البيئة التجارية وحجم السوق ونوعية البنية التحتية المتوفرة و إنتاجية العمالة. ولاحظت الدراسات أن الأهمية النسبية لوجود حوافز مالية مثل الإعفاء الضريبي تأتي في أدنى سلّم الأولويات بالنسبة للمستثمر الأجنبي. كما أن الإعفاء الضريبي قد يكون له انعكاسات سلبية وخسارة لخزانة الدولة لمصدر مالي حيوي (أشار أوكستو أن الإعفاء الضريبي يكلف دولة مثل ماليزيا نحو 2 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي).
لا شك أن ما يقوله أوكستو يحمل الكثير من الدلالات إذ من الخطأ فقط التركيز على منح متغير الحوافز المالية بل المطلوب توفير أمور مثل البيئة التجارية على غرار القوانين التي لا تعرقل الاستثمار الأجنبية. بل أن عدم فرض نوع من الضرائب يعد دليلاً على وجود أوجه قصور في الاقتصاد يراد تغطيتها بطريقة أو أخرى. بالمقابل نرى أن بلداً مثل سنغافورة تفرض ضرائب على الشركات الأجنبية العاملة (نعتقد بأن سنغافورة هي الدولة المثالية بالنسبة للبحرين نظراً لتشابه الظروف كونها جزيرة وصغيرة المساحة).
السوق الإقليمية
وتتقاطع دراسة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع دراسة لمؤسسة (ماكينزي) الأميركية والتي رأت بأن السبب الرئيسي لاختيار المستثمرين للاستثمار في البحرين هو إمكانية الدخول إلى الأسواق الإقليمية. وهنا تكمن أهمية ربط الأسواق الخليجية ببعضها ؛لأن السوق البحرينية تعتبر لوحدها صغيرة نسبياً (يزيد أرباح بعض المؤسسات الدولية عن حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين). بلغت قيمة الناتج الإجمالي للبحرين أقل من 10 مليارات دولار وذلك استنادا للأسعار الثابتة أي أقل من أرباح بعض الشركات مثل “جنرال اليكتريك” و”سيتي بنك” (وول مارت) وغيرها.
يشار إلى أن حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى البحرين ارتفع من 865 مليون دولار في العام 2004 إلى 1049 مليون دولار في العام 2005. وعليه نجحت البحرين في استقطاب 184 مليون دولار إضافية في العام الماضي. بيد أنه يعتبر هذا الرقم تراجعاً إذ تمكنت البحرين من استقطاب 348 مليون دولار في العام 2004.
ختاماً نأمل أن تنجح البحرين في الدفع بعجلة التكامل الاقتصادي الخليجي نحو الأمام حتى يتسنى للمستثمر الأجنبي أن ينظر إلى المنطقة كسوق واحدة. يذكر ترتبط دول مجلس التعاون بمشروع الاتحاد الجمركي والذي بدوره يتطلب توحيد السياسات التجارية الدولية مع الدول غير الأعضاء. ومن المنتظر أن يتم تدشين مشروع السوق المشتركة في نهاية العام 2007 ما يعني السماح لعوامل الإنتاج ومنها الثروات البشرية بالتحرك بين الدول الأعضاء من دون عوائق. نتمنى أن تنجح الدول الخليجية في تطبيق مشروع السوق المشتركة دونما تأخير ؛لأن في ذلك مصلحة جميع الأطراف ذات العلاقة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1508 - الأحد 22 أكتوبر 2006م الموافق 29 رمضان 1427هـ