الاربعاء الماضي 18 اكتوبر / تشرين الاول أضرب نحو 1300 عامل في واحدة من أهم وأنجح شركات البحرين الكبرى، المنيوم البحرين (ألبا)، وجاء الاضراب بعد نحو يومين من تعديل قانون العمل في القطاع الخاص وبموجب التعديل يمنع صاحب العمل من فصل اي شخص بسبب نشاطه النقابي. عمال ألبا تعاملوا مع الاضراب بروح وطنية، وكذلك ادارة ألبا، اذ نزل الرئيس التنفيذي أحمد النعيمي بنفسه وتحدث الى العمال، فيما أكدت الشركة لاحقا ان الاحتجاج لم يتسبب في أي أضرار مادية أو خسائر مالية، وتقدمت بالشكر للنقابة على تعاونها، ووصل الطرفان الى حل يرضيهما عبر زيادة الرواتب الاساسية مابين 20 و 22 في المئة بحسب التقييم لكل عامل.
هذا هو الاضراب الاول منذ 1975... حينها كانت قوات الأمن بالمرصاد للنقابيين وتم فصلهم وسجنهم، وتم ابعاد أحدهم الى عمان بحجة ان أصله عماني. ومنذ ذلك الحين اختفى العمل النقابي العلني، وأصبح الجميع يخاف على رزقه، واستمر هذا الوضع حتى العام 2001 عندما تم اصدار قانون لتحويل النشاط العمالي الى اتحاد للنقابات، وتم تعديل الوضع لاحقا الى ان وصلنا الى منع تسريح اي شخص بسبب نشاطه النقابي، وعليه تحركت نقابة ألبا باتجاه الاضراب.
وعلى رغم ان البعض يشير الى منظمي الاضراب لم يتبعوا الاجراءات المعتمدة في تنظيمه، فإن تعامل ادارة ألبا الانساني مع الموضوع ودخولها مباشرة في حوار مع النقابة وحل الموضوع يعتبر انطلاقة جديدة في العلاقات بين أصحاب العمل والعمال. والأمل في ان هذه العلاقات تستمر على أساس الاحساس المشترك بالمسئولية الوطنية تجاه شركة أصبحت صرحا وطنيا يفتخر به الجميع، مع الأخذ في الاعتبار حقوق العمال في ضوء المنافسة الشديدة القادمة من دول الجوار، والتي بدأت أخيرا بتشييد مصاهر للالمنيوم، وهي بالتالي تبحث عن عمال وخبراء ومديرين في هذه الصناعة، والبحرينيون سيكونون في مقدمة من تسعى اليهم هذه المصاهر الجديدة في عمان وابوظبي، وقريبا في قطر والسعودية.
في هذه الأجواء ، تحركت نقابة بابكو لتحذو حذو نقابة ألبا، وبالنسبة إلى الذاكرة البحرينية فإن آخر اضراب نعرفه في ألبا كان في مارس / آذار 1965، وكان الشرارة لانتفاضة عارمة في ذلك العام. غير اننا لانتوقع ان اضرابا في بابكو في ظل الظروف الحالية يعني بداية لانطلاق انتفاضة، بل ان الأمر لايعدو كونه ممارسة لحقوق عمالية أصبحت مجازة قانونيا.
مع الاخذ في الاعتبار الحق النقابي، فان الأمل يحدونا في ان نتحسس المسئولية في استخدام هذا الحق، لاننا نريد النجاح لكل نشاط وطني نقوم به، ونود جميعا ان نحافظ على المكاسب من خلال ممارسة حضارية للحقوق التي نتمكن منها، وبذلك ندفع باتجاه تعزيزها وتوسيعها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1508 - الأحد 22 أكتوبر 2006م الموافق 29 رمضان 1427هـ