العدد 1507 - السبت 21 أكتوبر 2006م الموافق 28 رمضان 1427هـ

سوق النفط تصل مرحلة الرشد

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وافق مؤتمر منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) على خفض سقف الإنتاج الفعلي للمنظمة بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا. جاء ذلك في ختام اجتماع المؤتمر بالدوحة، والذي اتفق خلاله رؤساء الوفود المشاركة في المؤتمر على خفض سقف الإنتاج الفعلي للمنظمة على أن يبدأ تطبيقه من أول شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تخفض فيها إنتاج الاوبك منذ إبريل/ نيسان (2004). كما قرر المؤتمر مراجعة هذا الاتفاق في 14 ديسمبر/ كانون الأول المقبل وذلك أثناء انعقاد مؤتمر الاوبك القادم المقرر في العاصمة النيجيرية (أبوجا).

ويمكننا القول إنه منذ العام 2000 وحتى الآن لم تشهد السوق النفطية أياً من التذبذبات غير المتوقعة ويعود ذلك لكثير من الأسباب، ربما يأتي على رأسها أن سوق النفط قد اعتراها تغير أساسيّ نتيجة عودة منظمة الأوبك؛ لتكون طرفًا رئيسيًّا في هذه السوق بعد فترة غياب طويلة تقلصت فيها قوتها، وكانت السوق خلال هذه الفترة - كما أُطلق عليها - سوق مشترين لا سوق بائعين.

وقد يكون من الأصح القول: إن السوق بدءًا من نهاية العام 1999 وخصوصاً في العام 2000 قد أضحت تشهد نوعًا ما من التوازن في القوى بين كل من المنتجين، وخصوصاً من منتجي منظمة الأوبك، وبين المستهلكين الذين سيطروا على السوق لفترة تقرب من 15 عامًا.

ويمكن القول: إن هناك 4 مراحل أساسية شهدتها سوق النفط العالمية منذ بداية اكتشاف النفط نهاية القرن التاسع عشر.

المرحلة الأولى هي التي تميزت بسيطرة شبه تامة للدول المتقدمة وشركاتها، وهي الفترة التي امتدت من تاريخ بدء اكتشاف النفط وحتى مطلع السبعينات.

أما المرحلة الثانية فهي التي بدأت إرهاصاتها في بداية معارضة بعض دول منظمة الأوبك لسياسات الشركات النفطية الكبرى في عملية تسعير النفط منذ العام 1970، والاتجاه في بعض هذه البلدان أيضًا لتأميم الثروة النفطية، ثم فرض الحظر النفطي بعد نشوب حرب أكتوبر في نهاية العام 1973، وقد استمرت هذه المرحلة حتى مطلع الثمانينات حينما اضطرت الأوبك تحت ضغط الأوضاع في السوق النفطية وسياسات الدول المستهلكة ومؤسساتها إلى بداية اللجوء لما بات يسمّى بحصص وسقوف الإنتاج.

أما المرحلة الثالثة فهي التي تميزت بسيطرة شبه تامة من قبل الدول المستهلكة منذ العام 1984 وحتى العام 1998، وهي تلك المرحلة التي شهدت تدهور نفوذ الأوبك وانخفاض أسعار النفط إلى مستويات تكاد تقترب مما كان عليه الوضع قبل التصحيح الكبير في أسعار النفط في أعقاب نشوب حرب أكتوبر في العام 1973.

والمرحلة الرابعة والأخيرة التي بدأت ملامحها مع مطلع العام 1999، والتي أدت إلى استعادة الأوبك للكثير من نفوذها المفقود من دون أن يكون السعي هذه المرة متجهًا بالضرورة نحو تأجيج الخلاف مع الدول المستهلكة في كل لحظة؛ وهو ما يدفعنا للقول بتوافر مرحلة جديدة قد نشهد فيها مرحلة توازن معقول للقوة بين كل من المستهلكين والمنتجين، وبحيث لا ينفرد أي منهما بإقرار سياسات الإنتاج أو الأسعار على النحو الذي يرغب فيه، بل على الأرجح فإن كل طرف، وهو يسعى إلى تحقيق مصالحه، لن يكون بوسعه تجاهل مطالب ومصالح ومصادر قوة الطرف الآخر.

ويمكن القول: إن المرحلة الجديدة التي نعاصرها - وهي المرحلة التي نرجّح فيها استعادة الأوبك لكثير من نفوذها المفقود؛ بحيث يغلب على سوق النفط العالمية وضع أقرب لتوازن القوى بين المنتجين والمستهلكين - هي نتيجة لبعض التغيرات التي لحقت بالعوامل التي كانت سببًا في نجاح الدول المستهلكة في فرض سيطرتها.

إذ يبدو أنه على رغم النجاح الكبير لسياسات ترشيد الطاقة في الدول المستهلكة؛ فإن هذا قد وصل إلى نهايته خصوصاً في الدول المتقدمة، علاوة على تزايد استهلاك بلدان تمت فيها عملية النمو الاقتصادي بشكل سريع للغاية خلال الثمانينات والتسعينات، وخصوصاً الصين والهند. وقد عمل هذا على تزايد نمو معدل الطلب على النفط؛ إذ أصبح يتراوح بين 1.5 في المئة و2 في المئة سنويًّا خلال غالبية سنوات التسعينات، الأمر الذي يقودنا إلى القول إن سوق النفط قد وصلت إلى مرحلة النضج والرشاد التي يصعب أن نتوقع فيها أية مفاجآت من السوق ذاتها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1507 - السبت 21 أكتوبر 2006م الموافق 28 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً