نواصل في هذه الحلقة قراءاتنا لتقرير الاستثمار العالمي للعام 2006 والمنبثق من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). بحسب تقرير”الأونكتاد” بلغ حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة (الواردة) في العام 2005 في العالم تحديدا 916 مليار دولار مسجلاً نسبة نمو قدرها 29 في المئة. وقد أرجع التقرير أسباب الزيادة إلى ثلاثة عوامل رئيسية وهي: النمو الاقتصادي ونمو الطلب العالمي على النفط وسعي مختلف الدول إلى تحسين بيئتها الاستثمارية. بالمقابل تم تسجيل نسبة نمو قدرها 2 في المئة في العام 2004.
بريطانيا في المقدمة
بصورة إجمالية تم توزيع الرقم الكلي وقدره 916 مليار دولار على النحو الآتي: أولاً (542 مليار دولار) للاقتصاديات المتقدمة مثل أميركا والاتحاد الأوروبي واليابان, ثانياً (334 مليار دولار) للاقتصاديات النامية مثل الصين وكوريا الجنوبية والإمارات، ثالثاً (40 مليار دولار) من نصيب اقتصاديات جنوب شرقي أوروبا ودول الكومنولث المستقلة من الاتحاد السوفياتي سابقاً. حلت كل من بريطانيا والولايات المتحدة والصين في المراتب الأولى بين الدول المستقبلة للاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة. فقد نجحت هذه الدول في استقطاب 165 مليار دولار ونحو 100 مليار دولار و70 مليار دولار على التوالي.
الدول النامية
ارتفعت قيمة الاستثمارات الواردة للدول النامية بنسبة 22 في المئة إلى 334 مليار دولار. ويشكل هذا الرقم نحو 36 في المئة من مجموع الاستثمارات الأجنبية الداخلة في العالم في العام 2005 أي لا تغيير من العام 2004. واستقطبت منطقة جنوب وشرق وجنوب شرق آسيا 165 مليار دولار. وتضم هذه المنطقة كلاً من الصين والهند.
ولا بأس بإجراء المزيد من التمحيص فيما يخص قارة آسيا. تحديداً كان نصيب منطقة غرب آسيا والتي تنتمي إليها دول مجلس التعاون الخليجي 35 مليار دولار. بحسب التقرير نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في استقطاب 12 مليار دولار. ويمثل هذا الرقم أكثر من 34 في المئة من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى منطقة غرب آسيا. وعليه جاء ترتيب الإمارات في المرتبة الأولى بين الدول العربية.
أما دول أميركا اللاتينية والكاريبي فقد نجحت في استقطاب 104 مليارات دولار محققة زيادة محدودة قدرها 3 في المئة الأمر الذي يعكس الصعوبة التي تواجه بلدان المنطقة في استقطاب مستثمرين جدد. لكن يتم تسجيل نمو نوعي في الاستثمارات الواردة لقارة إفريقيا إذ ارتفعت بنسبة 78 في المئة وبالتالي بلغت 31 مليار دولار ما يعني وجود رغبة من قبل المستثمرين الأجانب في ضخ أموال في قطاعات الطاقة على تحديداً.
كومنولث الدول المستقلة
وأخيراً فشلت اقتصاديات جنوب شرقي أوروبا وكومنولث الدول المستقلة جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية مسجلة نمواً أقل من واحد في المئة حيث وقفت في حدود 40 مليار دولار. يعود هذا التطور السلبي إلى وجود توتر في العلاقات بين دول المنطقة (لاحظ على سبيل المثال تدهور العلاقات بين روسيا وأوكرانيا حول تسعيرة الغاز الروسي).
ختاماً، تؤكد الأرقام أن حلول بريطانيا في المرتبة الأولى يعكس حنكة الإنجليز في جعل بلادهم محط أنظار المستثمرين الدوليين. حقيقة تشتهر بريطانيا بقدرتها على استقطاب الاستثمارات نظراً إلى وجود التشريعات إضافة إلى الخبرات وعلاقاتها الاستراتيجية وخصوصا مع الولايات المتحدة فضلاً عن دول الاتحاد الأوروبي. كما أن استمرار حلول الصين في المرتبة الثالثة يشير إلى نجاح القيادة الصينية في جعل المارد الآسيوي أحد الأقطاب الاقتصادية في العالم
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1507 - السبت 21 أكتوبر 2006م الموافق 28 رمضان 1427هـ