شخصية الصعيدي أداها وبرع فيها نخبة من نجوم الدراما المصرية نذكر منهم على سبيل المثال ممدوح عبدالعليم في "الضوء الشارد" وأحمد عبدالعزيز في "ذئاب الجبل". ولا يمكن إنكار أن هؤلاء النجوم أجادوا وأبدعوا في أداء الشخصية الصعيدية وحققت أعمالهم نجاحا جماهيريا كبيرا.

وعلى رغم إجادة هؤلاء وغيرهم فإن الفنان السوري جمال سليمان قدم الشخصية الصعيدية بمذاق خاص وشكل مختلف في مسلسل "حدائق الشيطان" الذي تعرضه قناة "أم بي سي" الفضائية هذه الأيام وسر إبداع سليمان الذي بدأ يشق طريقه الفني في مصر عبر فيلم "حليم" انه تعامل مع دوره في "حدائق الشيطان" على انه فرصة وكما يقول المثل: "الفرصة لا تأتي في العمر سوى مرة واحدة"، لذلك حرص على اقتناصها ونجح في استثمارها وكتب من خلال دور "مندور" شهادة ميلاده في الدراما المصرية.

ولم يبالغ مؤلف العمل محمد صفاء عامر عندما صرح بإن سليمان تحدث اللهجة "الصعيدية" بصورة تفوق معظم النجوم المصريين الذين لعبوا مثل هذه الأدوار على الشاشة. فالمشاهد شعر بأن البطل الذي أمامه مصري ولد وتربى وعاش في الصعيد.

ولم يكن الالتزام باللهجة الصعيدية والتمكن منها بقدرة فائقة الحسنة الوحيدة في أول بطولة مطلقة للنجم السوري في الدراما المصرية ولكن اجتهاد هذا الفنان كان على عدة مستويات أسهمت إلى جانب عوامل أخرى منها القصة ومجموعة الأغنيات التي أداها المطرب علي الحجار في نجاح هذا العمل الذي أغضب مؤلفه ومخرجه وعندهما كل الحق بعدما رفضت لجنة المشاهدة في التلفزيون المصري عرضه على القنوات الأرضية.

وما أجاد فيه سليمان إبداعه في أداء بعض المشاهد بملامح وتقاسيم وجهه من دون حوار مكتوب خصوصا المشهد الذي كان يتطلع فيه إلى قمر (سمية الخشاب) ومشاهد أخرى كان يسترجع فيها تعاليم والده وتوجيهاته التي جعلت منه جباراً ومتسلطاً يسيطر على الناس بالحديد والنار وقدرته على جعل المشاهد حائراً بين طيبته وجبروته فهو مقنع في الحالين. لذلك على رغم عرض اكثر من نصف حلقات المسلسل لم يكره المشاهد "مندور" على رغم قسوته كما لم يحبه أيضاً وانما ينتظره يومياً ليعرف بقية حكايته... وماذا سيفعل؟

"حدائق الشيطان" قدم للمشاهد العربي وجبة درامية دسمة ومتميزة كما قدم نجماً جديداً في سماء الدراما هو جمال سليمان الذي اعتقد أن هذا العمل سيكون تحولاً في مشواره الفني ليعيد إلى الأذهان أسماء فنانين عرب استضافتهم "هوليوود الشرق" وصنعت نجوميتهم