العدد 1506 - الجمعة 20 أكتوبر 2006م الموافق 27 رمضان 1427هـ

بتمكنه من اشتراطات النظمية... الفهد وتجربة مختلفة

ليس جديدا القول: ان الشاعر المتميز فيصل الفهد، واحد من أشرس شعراء القصيدة النبطية في مملكة البحرين، من دون أن نتجاوز إمكاناته الملفتة أيضا على صعيد القصيدة الحديثة، بكل ما تحمله من جماليات وخروج على النسق والنظمية السائدة والمكرّسة، تلك الإمكانات التي يملكها وبشكل ملفت، جنبا إلى جنب مع كل من: بدر الدوسري، عبدالله حماد، بدر الرويحي، إبراهيم المقابي، خليفة اللحدان، أحمد مطلق، سلمان الحايكي، وضمن القصيدة الكلاسيكية يقف ضمن تجارب لافتة لكل من: ظما الوجدان، أمينة الشيخ، مبارك العماري، عبدالله الدوسري، عيسى السرور وآخرين، تكشف في الوقت نفسه عن تأسيس ثقافي يمكن النظر اليه باحترام، اذ يعد الفهد مع قليلين، واحدا ممن دأبوا يسهرون على ما بعد المعرفة بالنص الذي يشتغلون، وهو دأب يكشف عن قدرته على تجاوز الكثير من نصوصه وتجاربه وبشكل ملفت.

الشاعر الفهد متمكن من اشتراطات النظمية التي يذهب ويكتب بها قصيدته: الوزن، القافية، وله في ذلك حضور وتجارب على مستوى ورش أوزان الشعر التي أدارها في جمعية الشعر الشعبي.

يبدو شاعرا غير مكترث - في قليل أو كثير - بكل هذه الفوضى التي تنتاب الساحة. يشتغل على قصيدته كأن لا أحد حاضرا، كأن لا سلطة تكاد تحكم قبضتها على كل شئ، بدءا بالسلوك وليس انتهاء بالتعاطي مع النص.

الفهد خرج في الكثير من نصوصه الحديثة (ننشر في الملف نماذج منها) على تلك النظمية والنمطية، من خلال لغة سلسلة ومتحركة تشي بالاستمرار والنبض، لغة قادرة على خلق تصورها الخاص - ضمن التجربة - بالعالم والقضايا التي يتطرق إليها. قصيدة متماسكة في بنيتها، لها من فضاء التخيل الشيء الكثير، سهلة وممتنعة في الوقت نفسه. قصيدة قادرة على أن تضعك في خانة الانحياز لها بغض النظر عن مدى ملاءمتها ومطابقتها لتوجهك ومسارك.

الفهد في عدد من قصائده ينحو منحى رمزيا تخيليا عميقا، ولا يمكن أن نغض الطرف عنه. في محاولات وتجارب تضعك أمام رؤية وتجربة مختلفة، تحاول أن تخرج على القراء والناس بتجاوز الشكل من خلال تجاوز المباشرة، وتجاوز التسخيف والتبسيط الذي يكاد يسم الكثير من القصائد.

الفهد والمساءلة الكبيرة

في قبالة عدد من الأسماء في الساحة الشعرية المحلية، لن نجد حرجا في القول: ان الفهد يقف في الصفوف الأمامية من تجربة القصيدة في شكلها التقليدي من جهة، ومحاولة كسر ذلك الشكل من خلال لغة وصور تعمل عملها على الاتيان بما يحرج ذلك الشكل ويضعه أمام مساءلة كبيرة.

بالنظر إلى عمر الاهتمام، وعمر التجربة في هذه الساحة، لا يمكن الحديث عن ثلاثة عقود ضمن تجارب الشعر الجديد بغض النظر عن توجهه واجتهاده واختياره، سواء المتعلق بالشعر النبطي، أو حتى التجارب الجديدة، اذا ما استثنينا تجربة العماري، باعتبارها تتجاوز العقود الثلاثة، ولا يمكن تصنيفها ضمن التجارب الشعرية الجديدة، بل هي في الصميم من تجارب غارقة في كلاسيكيتها ومحافظتها، لذلك تأتي تجربة الفهد، وعدد من الأسماء ضمن التجارب الجديدة الخارجة على النمط المكرّس، ليس من خلال انقلاب على نظامية النص، بل من خلال محاولات البحث عن مداخل للتعامل مع النص الكلاسيكي بلغة جديدة ومختلفة، ورؤى مغايرة. والفهد في العميق من تلك التجارب من خلال عدد من نصوصه التي تبحث عن لغتها الخاصة، وموضوعات نصوصها المختلفة، ويعد واحدا من المتجرئين على في النص الجديد.

إلى أين تمضي التجربة؟

لا يمكن الرهان على ما يحدث في هذه الساحة. ولا أحد يدّعي القدرة على مفاجأتها بذلك. تجارب كثيرة تظل ذاهبة في مساحة تشبه العدم، ولكنك تظل تتوسم الخير والأمل فيها، لأنها في النهاية تملك بوصلتها وخرائطها. مشكلة هذه الساحة في كثير من مفاصلها وجوانبها وعلاقاتها وأسمائها، أنها ذاهبة إلى حال من التيه، إلى حال من اللإمكان، والاستواء على التجربة، من دون بوصلات وخرائط، عدا عن افتقارها إلى الإمكانات التي تتيح لها الدخول في هكذا تجربة محفوفة بالمجازفة والصدمة. فيما تظل تجربة الفهد في المحصن من الذهاب، والمحصّن من الإمكانات. تجربة قادرة عن حق على إثبات حضورها ووجودها بما تملكه من إمكانات وقدرات لا يمكن أن يُغض الطرف عنها

العدد 1506 - الجمعة 20 أكتوبر 2006م الموافق 27 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً