المادة رقم 100 من ميثاق الأمم المتحدة تنص في فقرتها الثانية على إلزام كل عضو باحترام الصفة الدولية البحتة لمسئوليات الأمين العام وموظفي الهيئة الدولية من دون أن يسعى أي طرف إلى التأثير فيهم عند اضطلاعهم بمسئولياتهم. وفي إطار اعمال هذا الميثاق وقع اختيار مجلس الأمن على بان كي مون ليتولى منصب الأمين العام على مدار السنوات الخمس المقبلة وهي فترة الولاية الأولى التي تبدأ في أول أيام العام 2007 المقبل.
سبق عنان إلى المنصب الدولي المذكور سبعة أمناء كان أولهم تريجفي لي الدنماركي الذي لا يرتبط بخير في الذاكرة العربية الجماعية إذ صدرت في عهده قرارات تقسيم فلسطين وقيام «إسرائيل»... فيما لاتزال الذاكرة القومية نفسها تحمد لخلَفه السويدي داج همرشولد موقفه الإيجابي الذي دفعه إلى عرض الاستقالة من منصبه احتجاجا على العدوان الثلاثي على مصر.
أما الأمين الثالث فكان يوثانت من بورما الذي اعتمد منطق الهدوء الآسيوي في إدارة المنظمة العالمية إلى أن جاء من بعده السياسي النمسوي كورت فالدهايم الذي مابرحت «إسرائيل» ومساندوها يمارسون بحقه صنوف التشهير تحت شعارات تاريخ انتمائه في صدر شبابه إلى التنظيمات النازية.
ثم عادت سياسة الهدوء والحذر الشديد إلى أروقة الأمم المتحدة خلال ولاية خافيير بيريز دي كوييار. ومن بعده تسلم الولاية بطرس غالي وقد تزامن ذلك مع دخول العالم عصر القطب الواحد وهو القطب الأميركي الذي كان يسعى إلى الهيمنة على مقاليد ما تبقى من سنوات التسعينات. تلاه إلى هذا المنصب عنان الذي عاود اتباع سبيل الدبلوماسية الهادئة، ربما إلى درجة «خفوت الصوت».
وفي أول يناير/ كانون الثاني المقبل يجلس بان كي مون على المقعد محققا بذلك فوز آسيا مرتين بالمنصب الرفيع. وقبل هذا الموعد بيوم يكون عنان جمع أوراقه وتهيأ لمغادرة الطابق 38 من المبنى العتيد القائم على نهر الإيست في جزيرة مانهاتن... وسط هذه الملابسات تترى التحليلات والتوقعات ومنها ما يفيد بأن الطريق أمام عنان، ابن قبائل الأشانتي قد أصبح ممهدا - لو أراد - لكي يصبح رئيسا لغانا... البلد الذي مازال يحمل جنسيته في غرب القارة الإفريقية. ترى ماذا سيحمل كي مون للعالم من جديد!
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1505 - الخميس 19 أكتوبر 2006م الموافق 26 رمضان 1427هـ