صدرت مع إطلالة شهر رمضان المبارك دعوات من داخل بغداد من اجل أن يكون هذا الشهر الفضيل شهر هدوء ووقف للقتل وسفك الدم العراقي, لكنها لم تجد كغيرها من الدعوات أذانا صاغية إذ استمر مسلسل القتل والهجمات الانتحارية ولم تضع حرمة هذا الشهر حدا لإسالة الدم العراقي للأسف.

ولكن وعلى رغم هذه الصورة القاتمة والمؤلمة بدرت سانحة من مكة المكرمة إذ انتهز نفر كريم من الطائفتين السنية والشيعية في العراق دعوة منظمة المؤتمر الإسلامي في جدة والتقوا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعمل الجميع بصمت وفي رحاب الأرض الطاهرة ونفحات الشهر الكريم على وضع وثيقة تحرم القتال وسفك الدم العراقي وتضع حدا لمخاطر نشوب حرب أهلية.

وسيتم غدا (الجمعة) الأخيرة في شهر رمضان توقيع «وثيقة مكة» التي ترمي إلى السعي إلى حقن دماء المسلمين في العراق من قبل المرجعيات السنية والشيعية. وتنص الوثيقة على «التأكيد على حرمة أموال المسلمين ودمائهم وأعراضهم» كما تؤكد ضرورة المحافظة على دور العبادة للمسلمين وغير المسلمين» و»التمسك بالوحدة الوطنية الإسلامية» وتدعو إلى «إطلاق سراح المختطفين الأبرياء وكذلك الرهائن المسلمين وغير المسلمين».

كذلك تحث الوثيقة «على أن يكون السنة والشيعة صفا واحدا من اجل استقلال العراق ووحدة ترابه» وتدعو إلى «نبذ إطلاق الأوصاف المشينة على السنة والشيعة». ولا يمكننا أن نعتبر أن تلك الوثيقة تتعلق بمبادرة للمصالحة بين العراقيين بل يتعلق الأمر فقط بوقف الاقتتال المذهبي بين العراقيين». فمداها الموضوعي يهدف إلى وقف الاقتتال المذهبي وخلفيتها الدينية مؤسسة على نظرة إسلامية موحدة».

لكن هذا لا ينتقص من قيمتها وجديتها إذ سار الإعداد لها برعاية المؤتمر الإسلامي بكل حنكة واقتدار وهذا جهد يشكرون عليه, وتعد الخطوة, إذا كتب لها النجاح بإذن الله, مقدمة لخطوات لاحقة قد يقوم بها رجال الدين والسياسة في العراق لتدعيم أواصر اللحمة بين طوائف المجتمع وإزالة حال الاحتقان الطائفي لتستعيد البلاد الأمن والسلام حتى يتفرغ الجميع لاستعادة السيادة الكاملة من المحتل