شهدت العقود الثلاثة الماضية جهودا كبيرة لتشييد البنى التحتية ومرافق الخدمات من اتصالات ومواصلات وطرق وكهرباء ومدارس ومستشفيات الى آخره من البنى والمرافق والتي استطاعت أجهزة الدولة - وبفضل أوضاعها المالية الجيدة أنذاك - أن تقدم هذه الخدمات بأسعار مدعومة ساهمت في إضفاء نوع من طابع الأمن الاجتماعي.
ويمثل النمو السكاني المرتفع نسبياً بالإضافة إلى التركيبة السكانية بحكم الوجود الهائل للعمالة الأجنبية تحديا رئيسياً أمام ما تحقق من إنجازات طوال الفترة الماضية. فنحن بحاجة الى معرفة التوقعات السكانية وأن نقارنها باحتياجاتنا التعليمية والصحية والإسكانية والخدماتية الأخرى. ومن المهم جداً معرفة توزيع الأعمال وربطها بنسبة العمالة ونسبة الخصوبة وكل هذه العوامل تحتاج إلى دراسة دقيقة وبالتالي نعتقد بالحاجة؛ لأن تقوم مراكز البحوث بتحليل هذه المعطيات. فهناك انخفاض في معدل الدخل القومي وانخفاض في الخصوبة وارتفاع في معدل النمو السكاني وارتفاع معدل التنمية البشرية. هذه كلها نسب لا تتفق لتعطي صورة واضحة.
إن مدى الاستفادة من النمو السكاني يرتبط بمدى إمكان تحويل هذه الزيادة السكانية إلى قوى عمل منتجة لتساهم في رفع معدل الناتج القومي، ولكن التحدي يكمن في الحاجة إلى موارد لتشغيل هذه القوى العاملة ومن الجهة الأخرى تقديم الخدمات لهم، ويذكر انه في بعض الدول تنادي بزيادة السكان وتدعو المهاجرين للعودة للوطني من أجل زيادة السكان وذلك لأنها تمتلك الموارد الطبيعية وسيكون المهاجرون المتعلمون المؤهلون للعمل قوى عمل جاهزة لبلدانهم ومثال على ذلك جزر الباسفيك التي ساعدتها الأمم المتحدة في عودة مهاجريها.
لذلك يجب ربط النمو السكاني بزيادة الدخل القومي وهو ممكن الحدوث باستحداث طفرات تنموية عالية ولكن السؤال يقول هل هذا ممكن مع انخفاض الموارد الطبيعية، ناهيك عما ستحدثه العولمة والانفتاح الاقتصادي وحرية تنقل رؤوس الأموال وحرية انتقال العمالة بين الدول وغيرها. لذلك من المهم وضع سياسة سكانية التي من خلالها يتم وضع صورة للمستقبل إذ يتم ربط السياسة السكانية بالنواحي الاقتصادية والاجتماعية.
ومن المعروف أن أجهزة الدولة تقدم خدمات كثيرة عن طريق جميع الأجهزة الحكومية ومن الواضح أن معدل النمو السكاني لا يقابله زيادة في الخدمات ولا الاستثمار فيها، والنتيجة واضحة تتجلى في انخفاض مستوى الخدمة. ولقد تنبهت دول المجلس لذلك فاتجهت إلى تشجيع القطاع الخاص للمساندة لضمان جودة الخدمة بنفس مستواها.
إن الجانب الإيجابي للنمو السكاني هو أن يكون في خدمة الدولة والسكان ضمن خطة سكانية واضحة تكون نتيجتها رفع معدل دخل الفرد والمستوى العام للدخل، ولكن عندما تكون نتيجة الزيادة السكانية سلبية على الفرد وهو الواقع لدينا فلابد من تعديل المعادلة لتغيير ذلك. كذلك لابد من وضع خطة واستراتيجية سكانية تضمن حصول الفرد على نفس الخدمة الحالية نفسها، بالإضافة لبرامج مشاركة القطاع الخاص والخصخصة في مشروعات التعليم والمرافق الخدمية الأخرى. حسن العالي
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1504 - الأربعاء 18 أكتوبر 2006م الموافق 25 رمضان 1427هـ