العدد 1504 - الأربعاء 18 أكتوبر 2006م الموافق 25 رمضان 1427هـ

حكايات «بُسبس» الانتخابية (1)

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

من القطار المتجه من القاهرة إلى الإسكندرية، جلست «بُسبس» إلى جانبي. فاجأتني «بُسبس» بأنها مرشحة للانتخابات، وسألتها عن برنامجها الانتخابي، فقالت: انني عزمت على لبس الحجاب، وهذا يكفي!

وأنا جالس بقربها، كتبت «بُسبس» خطاباً لإلقائه أمام مجموعة من «الغلابة» و»عيال الفقاره». الخطاب مليء بمفردات الدعاية الانتخابية. وصدرت «بُسبس» خطابها بالصلاة على محمد وآله وصحبه، وذلك لزوم ما يلزم ليس إلا، إذ «بُسبس» تخوض الانتخابات بدعم من إحدى الجمعيات الإسلامية، وقد عقدت «ملجتها» للتو على إحدى الجمعيات الإسلامية، أي تم تسجيلها رسمياً كعضو في تلك الجمعية، وذلك في غفلة عن معايير يعرفها كل شبل من أشبال العمل الإسلامي، إلا أن مصالح انتخابية متبادلة هي التي دفعت تلك «الجمعية» إلى إبرام عقد «الملجة» على «بُسبس» والذي قدمت الجمعية الإسلامية شيكا بقيمة 4000 جنيه كمقدم صداق! وأما مؤخر الصداق فإنه دمار الجهاز الذي تنوي «بُسبس» الترشح له، إن فازت به لا قدر الله، إذ هي لا تفقه من أمره شيئاً!

بعد قرار «بُسبس» ارتداء الحجاب، قلت لها: ذلك جيد، فقالت: يا محمد «باشا» ظروفي الانتخابية تحتم عليَ التبرؤ من كل اثم وخطيئة ارتكبتها في حياتي، والجماعة واعدوني خيراً إن تم ذلك، فقلت لها: أنا لا أتمنى لك الفوز بمقعد في مجلس الإدارة، بل أتمنى لك الفوز بالجنة التي عرضها السموات والأرض! ضحكت «بُسبس» بخبث وهي تلوي فمها نافثة دخان سيجارها بعيداً عني بلطف، قائلة: وأنا أتمنى لك كل خير فأنت «كدع»! فقلت في نفسي: أية «كدعنه» تقصد «بُسبس»؟!

وفي موقف آخر، تقول «بُسبس»: إن الجمعية الإسلامية ذاتها قامت بتوزيع المكيفات والثلاجات وجميع احتياجات البيوت الفقيرة، وذلك ضماناً لأصوات الناخبين. فقلت لها: لدينا يتم توزيع كوبونات غذائية، ونقوداً (نوط ينطح نوط)، وهناك أناس يعترفون بهذا العمل جهاراً نهاراً!

تقول «بُسبس»: قام أحد مرشحي «الجمعية» بالإشراف على توزيع الثلاجات على بيوت الفقراء والمساكين، وتواصل بُسبس حديثها الطريف فتقول: في أحد البيوت كان «الطير أكبر من الفخ» كما تقولون بالخليجي، فما كان من جماعة «الجمعية» إلا أن أدخلوا الثلاجة من النافذة! قالوا لمرشح «الجمعية»: الثلاجة لا تدخل من الباب، قال لهم: انزلوها من السطح!

«بُسبس» مصرَة على فضح الجمعية الإسلامية حتى النهاية، مع أنني حذرتها وقلت لها: انهم من الممكن أن يلطخوا شرفك وعرضك بكثير من الأذى، فقالت بثقة كبيرة: أنى لهم هذا وأنا لم أسرق شيئاً، ولم أحدث كذباً، ولم أرتكب في حق أحد مظلمة... فقلت لها: إنهم يصنعون من اللا شيء أشياء، وكذلك يفعلون!

الشاهد من حكاية «بُسبس»، أنه ليس من حق الجمعية الإسلامية المقصودة التحدث عن النقاء والشرف، والدفاع عن الشريعة الإسلامية ودرء المفاسد، إذ «الجمعية» تمارس أكبر مفسدة في تاريخ هذا الوطن!

«عطني إذنك»...

حال الأمة أفصح عنها المفكر الكبير عبدالرحمن الكواكبي في قوله: «ألفنا ان نعتبر التصاغر أدباً، والتذلل لطفاً، وقبول الاهانة تواضعاً، والرضا بالظلم طاعة، والإقدام تهوراً، وحرية القول وقاحة، وحرية الفكر كفراً وحب الوطن جنوناً، ترضون بأدنى المعيشة عجزاً وتسمونه قناعة، وتهملون شئونكم تهاوناً وتسمونه توكلاً، تموهون عن جهلكم الأسباب بقضاء الله وتدفعون عار المسببات بعطفها على القدر ألا والله ما هذا شأن البشر».

حان وقت التغيير، ورؤية الأشياء كما هي وليس كما يريدها البعض! فالمشهد السياسي، وآلام الوضع الاقتصادي الضاغط الذي تعاني منه الأمة، لا يحتمل التسويف والتأجيل أو ليّ عنق الحقيقة، وحان الوقت لاتخاذ خطوة إلى الأمام من أجل نيل الحقوق الشعبية‡

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1504 - الأربعاء 18 أكتوبر 2006م الموافق 25 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً