نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط السبت الماضي خبر انتحار سيدة يمنية ناشطة في حزب الإصلاح (النسخة اليمنية من الإخوان المسلمين) بسبب الانتخابات! وأوضحت الوكالة ان السيدة توفيت متأثرة بنوبات عصبية ظهرت عليها منذ إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية والمحلية التى أجريت الشهر الماضي، ومني خلالها حزب الإصلاح بهزيمة ساحقة.
المؤتمر الشعبي العام الحاكم أعلن أن الناشطة والداعية الإصلاحية انتحرت شنقاً، عن طريق حبل ربطته في سقف منزلها بحي الوحدة بمديرية «سيئون» بمحافظة حضرموت. وأشارت المصادر الخبرية الى أن «الأخت المنتحرة» كانت من الفرق الميدانية لحملة الدعاية الانتخابية لحزب الإصلاح، وبذلت جهوداً غير عادية لإنجاح مرشحي حزبها فى سيئون.
قرأت الخبر وتعوّذت من الشيطان الرجيم، خصوصاً أننا مقبلون على انتخابات! فكيف لسيدةٍ من «الإخوان المسلمين» أن تنتحر بسبب فشل حزبها في الانتخابات؟ ترى... كيف كانت المفاجأة على أفراد عائلتها وهم يرون جثة ابنتهم تتدلى من السقف؟ الوكالة لم توضح في خبرها المقتضب هل المنتحرة آنسة أم متزوجة؟ وفي هذه الحال هل لديها أبناء وبنات؟ وكم عددهم؟ وماذا سيعمل زوجها مع الأولاد؟
ثم ان السؤال السياسي الأهم عن موقف «الإصلاح»... كيف تصرف الحزب مع هذا الحادث؟ هل أصدر بياناً وصف فيه السيدة المنتحرة بـ «الشهيدة»؟ وهل أقام حفلاً تأبينياً للإشادة بدورها الكبير في دعم حملته الانتخابية؟ وهل ارتفعت أيدي الحضور بالدعاء لها بدخول الجنة بغير حساب؟ وهل سيطالب نواب «الاخوان» في الدورة الجديدة للمجلس بإطلاق اسمها على أحد شوارع «سيئون»؟
الخبر هزني من الأعماق خوفاً ورعباً، وخصوصاً أننا مقبلون على استحقاقٍ انتخابي يشارك فيه الجنس الناعم الحنون بكثافة، ولدينا حملات انتخابية ابتدأت مبكرة، وهناك جمعيات كثيرة، إسلامية وغير إسلامية، ستنزل بكل ثقلها من أجل دعم أبنائها وبناتها للفوز بمقاعد لها في البرلمان. ولأنها معركة حاسمة في تاريخ البحرين المعاصر، لابد من توقع ما لا يمكن توقعه، حتى لو كانت أخبار انهيارات عصبية وانكسارات نفسية وانتحارات جماعية، خصوصاً في المناطق التي تضغط جماهيرها بقوة على المترشحين و»تترجّاهم» و»تستعطفهم» للترشح من أجل تمثيلها في البرلمان.
ومع ذلك، ولأننا نثق بصلابة المترشّحين والمترشّحات، فإننا نستبعد أن يقدم أحد المترشحين على تعليق نفسه في سقف منزله حتى لو لم يحصل إلاّ على 20 صوتاً! خصوصاً أنه لن يخسر أكثر من 200 دينار، يعني راتب شهر واحد بحسب الحد الأدنى للأجور في البحرين، فهل من المعقول أن يوجد بحريني مغفل (أو بحرينية) سينتحر من أجل 200 دينار؟ مستحيل!
ثم إن الوضع الانتخابي بخير، الحملات تسير على ما يرام، والأموال توزّع على «المؤلفة قلوبهم» في سلاسة ويسر! أحد النواب «المستقلين» الذي أصبح مليونيراً فجأة كما يبدو، يوزّع «من جيبه الخاص» مبالغ على الفقراء من جميع مناطق البحرين من دون تمييز طائفي أو مذهبي كما قال. (ولا ندري هل تتنزل عليه كل هذه الأموال من السماء أم تنبع من تحت الطاولة)! وربما عثر على بئر نفط في منزله!
اطمئنوا... الوضع الانتخابي سليم، ونحن في الـ (safe side)، خصوصاً أننا ضمنا تمثيلاً للمرأة بالتزكية في البرلمان الجديد، فلن ينتحر أحد، ولن يعلق أحدٌ نفسه في السقف... والسلامة للجميع‡
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1504 - الأربعاء 18 أكتوبر 2006م الموافق 25 رمضان 1427هـ