في زحمة المسلسلات والأعمال الدرامية التي تغرق بها برامج الفضائيات العربية في شهر رمضان فإن مسلسل « ابناء الرشيد: الامين والمأمون» للمخرج شوقي الماجري هو من اكثر المسلسلات حضورا وتفاعلا مع المشاهد العربي وهو الذي يبث يوميا على قناتي « اوربت» للمسلسلات و«ام بي سي».

ينقلنا هذا المسلسل إلى اجواء تاريخية من خلال استخدام تقنية اخراجية متطورة ورائعة تقرب المشاهد من واقع اهل الحكم والرعية في فترة الدولة العباسية وتحديدا في عهد هارون الرشيد الذي عرف عصره بالعصر الذهبي اي في عز وقوة الدولة الاسلامية في العسكر والعلوم والمجالات الاخرى وذلك في مشاهد تدور داخل بيت الحكم العباسي إلى التشكيلات التي بدأت تناهض و تنتشر في ارجاء الدولة العباسية وعلى رأسها بغداد.

لن ندخل في تفاصيل كثيرة عن مجريات وقائع حقبة الرشيد ومن ثم الامين والمأمون لكن بشكل عام نرى ان واقعنا العربي اليوم لم يتغير كثيرا وهناك ترسبات وموروثات مازالت عالقة تمارس حتى اليوم وهو أمر ليس بغريب بقدر ان التاريخ يعيد نفسه مع بعض الاختلافات القليلة.

هناك من انتقد وطرح عريضة تعترض على بث المسلسل وعلى الشركة الاردنية المنتجة له كونه اساء لتاريخ العباسيين.

ومع ذلك فانه لايمكن لاحد حجب وثائق التاريخ او تغييرها فهذا هو حال التاريخ... فالفجور وسرقة ثروات الشعوب إلى قهقهات الجواري في مجالس الانس واللعب التي كانت تصدح بها قصور الرشيد وابنائه هي جزء من تراكمات واقعنا العربي المرير الذي قد يرفضه نفر منا لكنه موجود.

الرشيد وابناؤه هم ايضا احفاد ابو العباس ( السفاح) الذي استحق هذا اللقب بامتياز وهو الذي أباد ما تبقى من الامويين اطفالا ونساء ورجالا بعد ان اعطاهم العهد وهو ايضا كان حفيدا للعباس عم الرسول ( ص).

ليس هذا فحسب بل ان الدولة العباسية انتهت مع مقتل بني العباس لبعضهم بعضا من اجل كرسي الحكم وصراع ادى إلى ان قتل الاخ اخاه حتى سرت العملية متسلسلة لباقي ابناء العمومة بحيث لا يوجد احد ينافس الملك بمعنى انهم سفكوا دماء كثيرة لآل بيت الرسول (ص) من الهاشميين.

« ابناء الرشيد» ليس بعمل درامي عادي وله من الابعاد والرؤى بحيث تجعل المشاهد العربي يتساءل ويقارن حاله مع حال من سبقوه حتى لو تبدل الزمن على كل الاصعدة ومن شتى الجوانب