حددت دراسة اقتصادية حديثة صادرة عن بنك دبي الوطني أربعة مجالات رئيسية ستستفيد منها الاقتصاديات الخليجية من توحيد العملة الخليجية المزمع تنفيذها العام 2010 وهي: تنافسية الصادرات، والابتكار المالي ، وتدفقات رؤوس الأموال الداخلة، والتكامل الاقتصادي والمؤسسي، والسياسات المالية، مشيرة إلى أن اتحاد النقد الخليجي سيعمل على توثيق العلاقات التجارية ما بين دول مجلس التعاون متى ما أزيلت العوائق النظامية الحالية، وبناء عليه سيعاد تشكيل الاقتصاد من خلال تكامل قطاعات التصنيع في المنطقة. عندها ستصبح المنشآت والمشروعات قادرة على الدخول بمنتجاتها إلى أسواق أكبر بكثير، ولكنها ستواجه بيئة أكثر منافسة أيضاً.
كما أن إيجاد عملة جديدة وقوية ومستقرة بضمان الثروة النفطية، سيشجع على اجتذاب تدفقات لا بأس بها من رؤوس الأموال الآتية من جميع أنحاء العالم، وسيقدم للمستثمرين أداة استثمار آمنة. وبما يؤدي على المدى المتوسط إلى تسعير أسعار النفط بمرجعية العملة الجديدة بدلاً عن الدولار وهذا ما سيؤدي إلى زيادة الإيرادات السيادية، ولكن الأهم من ذلك كله أن هذه العملة ستعلي من شأن أقطار مجلس التعاون الخليجي ككل من خلال تغيير نظرة دول العالم إليها.
على رغم الكثير من الخطوات التمهيدية التي اتخذتها دول التعاون ومنها معايير العملة الموحدة مثل نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي ونسبة العجز في الموازنة، ومعدل التضخم، بيد أن عدداً من المسائل مازالت تحتاج إلى معالجة، بعضها ذو طبيعة فنية مثل تكامل أنظمة الدفع أو تصميم المزادات لضخ السيولة أو سحبها، وبعضها الآخر ذو طبيعة أكثر تأسيسية كالتصميم المؤسسي لهيئة النقد الجديدة.
وعلى سبيل المثال، فإنه من غير الواضح حالياً ما إذا كانت السياسات النقدية ستوضع من قبل مصرف مركزي يعد نموذجاً عن المصرف المركزي الأوروبي، وبالتالي فإن القرارات ستتخذ خلال الاجتماعات الاعتيادية على مستوى مسئولي المصارف المركزية المحلية. وبأسلوب التصويت أم بالإجمال، ومن الواضح أن مسألة حق التصويت ستكون نقطة ملازمة خلال المرحلة التمهيدية، فهل سيستخدم الأسلوب المتبع في المصرف المركزي الأوروبي وهو صوت واحد لكل شخص، أو سيتم اتباع آلية تقويم معينة مثل تلك الموجودة في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي (IMF)؟ وفي الحالة الأخيرة، ما هو المعيار الذي ستتحدد على أساسه القيمة الخاصة بكل دولة؟ من الواضح أن أسلوب المصرف المركزي الأوروبي في آلية التصويت ستكون مفضلة من قبل الدول الصغيرة، بيد أن دولة كالسعودية تستحوذ على أكثر من 50 في المئة من إجمالي الناتج القومي لمنطقة دول مجلس التعاون ستفضل نظام التقويم.
من جانب آخر، فإن استبعاد مخاطر معدل تحويل العملات وكلفة إجراء المعاملات يؤدي إلى تسهيل العلاقات التجارية بين المنشآت القائمة ضمن ذلك الاتحاد النقدي، ولكن الأهم من ذلك أنها تزود الأسواق خارج الحدود بالمنتجات. وهذا ما يجعلها مشجعة لنشاطات الاستثمار، بيد أننا مرة أخرى سوف نجد أنفسنا أمام المعوقات التجارية ضمن منطقة دول مجلس التعاون ؛الأمر الذي يتطلب تعزيز التعاون فيما بين القطاعات الصناعية في منطقة دول المجلس بغرض توسيع نطاق الفرص الاقتصادية بخلاف قطاع الطاقة.
إن «الوحدة النقدية» تحتل موقعاً متقدماً في الترتيب التقليدي لمحطات التكامل الاقتصادي، وستحقق الكثير من المزايا لدول التعاون شريطة أن تتم بمنهجية مرحلية تدريجية إذ يكون لكل مرحلة مميزاتها على صعيد الأسس والقواعد التي تحكمها
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1503 - الثلثاء 17 أكتوبر 2006م الموافق 24 رمضان 1427هـ