معظم الأشياء التي نتعلمها في الصغر تبقى معنا مدى الحياة وتشكل جزءاً رئيسياً من شخصيتنا. هنا لا نعني معاملة الناس أو التصرف كعضو خلوق في المجتمع, بل نعني تلك الطباع التي تتكرس في كينونتنا ونحن في ربيع حياتنا. وهي صفات تنطلق من أي أمر نجد فيه براءة ذاتنا من العالم الذي يدور حولنا. فغير الدراسة والعمل وتوقعات المعيشة, هناك الأشياء التي تجعلنا ندخل مكاناً خالياً من الأوامر والقيود والتعقيدات وكل الأمور الأخرى التي تتطلب طول بال للتعامل معها. فذلك المكان بمثابة عالم خاص لا يسكنه سوانا نحن, حيث نتحكم بما نريد, ندعو من نريد ونفعل ما نريد. إنه عالم من الألوان والأصوات والحركات الخطيرة. إنه عالم لا يتجرأ أحد أن يبعدنا عنه, لأنه عالم منبعث من مخيلتنا. ترى ما هو هذا العالم العجيب؟
لو خمنت بأنه عالم اللعب, فأصبت. فاللعب هو من الأمور الأساسية لكل طفل, والتعلم عادة ما يبدأ بكثرة المرح واللعب. ومن هذا المنطلق نتعرف على حبنا لما يسلينا, وإن حالفنا الحظ, قد نعمل وندرس ونقوم بكل الأمور التي نتمتع بها ونجدها بمثابة لعبة مرحة لا تنتهي. لكن الواقع عادة ما يكون مزيجاً من الأعمال التي نحبها, والأعمال التي لا نستمتع بها.
ومن السهل أن ننسى اللعب والمرح وأن نأخذ الأمور بجدية تامة وبتفكير ضيق, خصوصاً عندما تزداد الهموم. لكن لا شك بأنك سمعت النصيحة, والتي عادة ما يصفها خبراء الإدارة, بالعمل واللعب معاً. وتأخذ تلك النصيحة عدة أشكال. فمنها تقول بأخذ قسط من الراحة مما يتضمن اللعب (مهما كان, رياضة أو لعبة كمبيوتر سريعة, أو غيرها من الأمور المسلية مثل المطالعة)، ومنها ما ينصح بمزج نقاش العمل وإنجازه باللعب. فلا فائدة من مجرد الإنهماك بالعمل ومحاولة إكماله إذا كان الشخص مرهقاً غير قادر على إكمال العمل.
وهناك بعض الشركات التي تخصص اجتماعات خاصة للمدراء ومرؤوسيهم تحث على حل المشكلات وإيجاد حلول عملية لإنجاز العمل عبر الإبداع الحر والإستعانة بطرق مختلفة «لسرد حكاية عمل/مشروع/هدف» يساهم الجميع في لعب أدوارها المختلفة.
فلا عيب في جعل مدير لا يجيد الرسم بمحاولة تحريك الجانب الإبداعي من دماغه عبر الإمساك بطبشور و»التمتع» بالرسم أو حتى «اللعب» بطوب «ليجو» ليوضح مسألة ما أو حلاً ما لزملائه. ولا داعي لأن نتقيد بلبس البدلات والزي الرسمي والبقاء في قاعات الاجتماعات. فبالإمكان (وخصوصاً مع التقنية الحديثة اليوم) إنجاز الكثير من أعمالنا في أي مكان توجد فيه طاولة وكرسي. وهذا يتضمن حلبة السباق أو النوادي الرياضية.
الاستفادة من الإبداع العفوي الذي يأتي به اللعب وكيفية استغلاله لإيجاد حلول عملية فائقة الفعالية من أهم أمور الريادة. ومن هذا المنطلق, نجد بأن اللهو في بعض الأحيان هو أفضل طريقة لإبهار المدراء والشركاء والمساهمين حين يأتي موعد تدقيق الحسابات ومراجعة الأرباح
العدد 1503 - الثلثاء 17 أكتوبر 2006م الموافق 24 رمضان 1427هـ