قبل عدة سنوات كتب أحد الأكاديميين واصفاً الحركة السياسية في البحرين (ما معناه) أنها حركة تعمل على ردم الفجوة بين من يعتقد بأنه فوق المواطنة وبين من هم يعاملون بمستوى دون المواطنة. بمعنى آخر، ان الهدف الذي نسعى اليه هو تحقيق المواطنة (المساواة أمام القانون وفي الحقوق واعتماد الكفاءة أساساً للرقي في المناصب... الخ)، ولكن الهدف يصطدم مع فئة تعتبر نفسها “فوق المواطنة”، بمعنى انها فئة تعفي نفسها من التزامات واجبة عليها بصفتها أحد مكونات المجتمع، وفي الوقت ذاته تستحوذ على مواقع القرار والثروة وتمنع غيرها منها.
هناك فئة أخرى (دون المواطنة)، بمعنى انها مسلوبة الحقوق ولايتم التعامل معها على اساس المساواة، وربما تخضع لتمييز واضح أو خفي، وهي غير قادرة على التأثير على مواقع القرار لانها لاتستطيع ايصال من يمثلها في مواقع التشريع والرقابة، وافرادها لايصلون الى مواقع السلطة السياسية أو الاقتصادية، وان وصلوا فتحيط بهم الدوائر من كل جانب.
حركة الاصلاح انما تسعى الى سد الفجوة، بحيث لايكون هناك من هو “فوق المواطنة”، كما لايكون هناك من هو “دون المواطنة”، ومايميز حركة الاصلاح البحرينية منذ القرن الماضي انها (بصورة عامة) معتدلة، وعقلانية وتقبل بالاسلوب التدريجي الذي يحافظ على توازن القوى المجتمعية والاقتصادية والسياسية. بل ان من هم “دون المواطنة” سرعان مايرضون بالقليل فيما لو تحقق هذا القليل.
وفي حين ان جوهر حركة الاصلاح هو “تحقيق المواطنة”، فان هناك قوى رجعية تسعى الى منع تحقيق المواطنة، وهذه القوى تتستر بالطائفية حيناً، وبالعنصرية حيناً آخر، ولكنها في واقع الأمر لاتمثل اية طائفة ولاتمثل اية اثنية ولاتمثل اية قبيلة، وانما تمثل جشعها غير المحدود، وهذا الجشع يرى ان تحقيق المواطنة يعني نهاية له.
وكما ان الاصلاح ليس منحصراً في طائفة او اثنية او قبيلة او فئة معينة، فان الجشع كذلك، ونرى الجشعين من كل طائفة ومن كل اثنية ومن كل قبيلة ومن كل فئة... وعليه فان الخلاف السياسي انما هو بين الجشعين والمصلحين، وهؤلاء الجشعون والمصلحون ينتمون الى كل الفئات المكونة للمجتمع.
ان ما نمر به في فترة الانتخابات الحالية انما هو احد ارهاصات النضال من أجل المواطنة، من أجل ردم الفرق بين من هم “فوق المواطنة” ومن هم “تحت المواطنة”... ولأن مجتمع البحرين طيب ويقبل بالقليل، فاننا نرى حماساً منقطع النظير في المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية القادمة على رغم كل النواقص والمنغصات التي يعرفها الجميع. اننا شعب نستحق المواطنة المتساوية أمام القانون، ومن اجل ذلك فاننا ماضون في “استحقاقات المواطنة”
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1502 - الإثنين 16 أكتوبر 2006م الموافق 23 رمضان 1427هـ