العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ

شعلة يزداد توهجها هذه الأيام

عبدالرحمن النعيمي comments [at] alwasatnews.com

لم تتمكن الحركة السياسية المعاصرة في مطلع القرن الحادي والعشرين من تحقيق ما قامت به هيئة الاتحاد الوطني في الخمسينات من القرن الماضي، في القضية المركزية وهي الوحدة الوطنية، بإيجاد مظلة يلتقي تحتها قادة الحركة السياسية من الطائفتين وتشكل الجبهة الواسعة المعبرة ببرنامجها القصير عن المطالب الملحة لشعب البحرين.

هكذا تطل علينا الهيئة وقادتها الكبار في كل منعطف من منعطفات العمل الوطني في السنوات الأخيرة، بعد أن كادت تختفي من قاموس الحركة السياسية نتيجة بروز تيار الإسلام السياسي، وخصوصاً ذلك الذي وقف بشراسة ضد هيئة الاتحاد، ورفض ورثته بعد خمسين عاماً أن يشاركوا في الاحتفال الذي دعت إليه الجمعيات السياسية الست بحجة أنهم كانوا مختلفين مع الهيئة في تلك الفترة!

في هذه العجالة يمكن التركيز على أربع قضايا في عمل الهيئة:

الأولى، تتعلق بالوحدة الوطنية... حيث شخص الباكر ورفاقه الذين مهدوا للاجتماع التاريخي في السنابس بأن الحلقة المركزية للنضال الوطني والديمقراطي لمواجهة المستعمر وحليفه المحلي هي وحدة الشعب وخلق منظمة تعبر عن مجموع الشعب تتجاوز الأطر المذهبية والدينية... وتشكل كتلة تاريخية ضاغطة باتجاه تحقيق المطالب السياسية.

وزعت تبعية الناس بينهما، فالشيعة من نصيب “الانكليز”، والسنة من نصيب الأسرة... وإذ ضغط “الانكليز” لسحب المظالم ذات الطابع الطائفي عن الشيعة (ضريبة الرقبة على سبيل المثال) فقد أوهموا البعض بأنهم سيقفون الى جانبهم في مواجهة الأسرة الحاكمة، بينما يقف المستعمر باستمرار إلى جانب مصالحه، لكن الدم المراق يشير إلى خطورة التمادي في هذا المنحى ويطالب بتصحيح المسارات باستمرار... وهذا ما تحقق على يد قادة الهيئة.

الثانية، تحديد الاهداف التي يجمع عليها الناس، النخب والعاديون، والتعبير عنها بوضوح في البيانات السياسية، وهي: سن دستور، تشكيل مجلس وطني، الحريات النقابية.

فمنذ مطلع القرن الماضي كان الصراع الأساسي في البلاد يتمثل في مطلب المشاركة الشعبية في صنع القرار السياسي والرقابة على المال العام وتشكيل مجلس تشريعي يرتكز على أن الشعب هو مصدر السلطات جميعاً... وعلى رغم التقدم الذي حصل في هذا المجال، فإن التردد لايزال قائما حتى الوقت الحاضر من الانتقال إلى المملكة الدستورية التي بشر بها جلالة الملك بعد التصويت شبه الاجماعي على الميثاق.

الثالثة، اجادة استخدام اساليب النضال ومعرفة ميزان القوى بينك وبين الخصم... فالشعب لا يملك إلا إرادته في الممانعة والمقاومة السلمية... والآخرون يطورون اسلحتهم واجهزتهم... ويسعون دائماً إلى جر خصمهم الى ارتكاب حماقات أو اضطرارهم للقيام بعمل عنيف طارئ، يسهل على السلطة الاجهاز على حركة الخصم...

لقد بذل قادة الهيئة جهوداً خارقة للسيطرة على انفعالات الشارع، وأمكنهم التحكم فيه طيلة عامين... واستخدموا كل اساليب الضغط الشعبي بما فيها الإضراب الشامل عن العمل وشل الحياة الاقتصادية، لكن انفلات الوضع الشعبي بعد العدوان الثلاثي على مصر قدم الغطاء للسلطة للاجهاز على حركة الهيئة.

الرابعة، لابد من الاستفادة من التعارضات وسط صفوف العدو... عبر تحديد دقيق للعدو الاساسي والاعداء الثانويين... وقد تحمل الباكر الكثير من الاتهامات بأنه عميل للبريطانيين، لأنه اراد استثمار الصراع بين المستشار “بلكريف” والمعتمد البريطاني الذي رأى ضرورة تغيير التكتيك المعتمد من قبل السلطة في علاقتها مع الحركة السياسية... بينما كان المستشار يعتقد بأن تجويع الشعب كفيل بالسيطرة عليه!

الخامسة، توصيل الصوت الى الخارج؛ فالسلطة لم تكن في الخارج، ولا تقيم وزناً للمسيرات والمظاهرات والاضرابات العمالية التي امتد بعضها اسبوعين وهدد الحياة الاقتصادية، وهي تحتاج الى ضغط خارجي لردعها عن تجاهل شعبها... وهذا ما كان الباكر يقوم به... سواء في جولاته في الخارج، أو عبر إيصال صوته الى البريطانيين صاحبي القرار الاساسي في البلاد!

نحتاج الى الوحدة الوطنية في هذه المرحلة أكثر من أي فترة اخرى... ولذلك فإن حضور الهيئة يزداد توهجاً كلما تعثرت شفتانا في فشت لا يوصلنا الى بندر الأمان‡

إقرأ أيضا لـ "عبدالرحمن النعيمي"

العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً