العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ

صديقي والجنة!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

لاشك أن الإنسان السوي يتمنى الخير لجميع البشر، ويتمنى دخول الناس كافة في دين الله، ومن ثم دخولهم الجنة. لا اعتقد بأن إنساناً سوياً يتمنى لأخيه الإنسان أن يعذبه الله ويخلده في النار. الشخصية السوية تتمنى الخير لجميع البشر، سواء الذين نتفق معهم ديناً أو مذهباً أم الذين نختلف معهم دينياً أو مذهبياً؛ فالمسلم يتمنى هداية جميع البشر. إلا أننا في لحظتنا الراهنة، ومن الممكن في التاريخ الإسلامي، نجد خطابنامليئا بمفردات الإقصاء والتكفير، وتهميش الآخرين، والإلقاء بهم في نار جهنم!

احتكار الجنة ليس من قيم الإسلام، بل الدعوة بالتي هي أحسن وهداية جميع البشر هي السلوك الواجب الاتباع لدى مختلف التيارات والاطياف الإسلامية. إطلالة سريعة على الموجودين في الساحة لن تجد سلوك الخير في ممارسات البشر، وكأن الغاية هي تلظي الناس في نار جهنم. وعلى العموم، قد يكون هذا السلوك ناتجا عن فهم خاطئ لمقاصد الدين الإسلامي.

لي صديق طيب وخلوق، ويحب الآخرين ويقدم المساعدات للناس في شتى الظروف. فجأة، تغير حال هذا الصديق، وتحول إلى ما يشبه الكائن العدواني، وفي الحقيقة كان لموجة التطرف والإقصاء دور كبير في تغيير سلوكه الطيب، وانحرافه عن الفهم الصحيح للدين الإسلامي ومقاصد شريعة الله.

المطلوب مني في هذه الحال انتشال هذا الصديق من براثن الأحقاد والأفكار السوداوية عن الآخرين. وأعلم ان الله سبحانه وتعالى لن يغفر لي إن تركته في لجة بحر عميق لا يقوى فيه على السباحة ضد التيار؛ تيار العضلات الطائفية! أي كلما أظهر المرء عضلاته وأبدى صراخه ضد الطائفة الأخرى تم اعتباره من ضمن التيار العام للطائفة ورمزاً من رموزها! أما إذا تحدث أي منا عن بعض التصرفات الخاطئة لدى أبناء طائفته، شبت في وجوهنا الحرائق، وبدا الكل مندفعا ناحية السباب والشتم واللعن والقذف! فمثلاً، يقولون: هذا يمالئ الطائفة الفلانية، لأنه يكتب في المكان الفلاني! مع العلم ان قلمي ليس للبيع وليس مرهوناً لأحد! وعنان القلم لدي طليق بطلاقة وجه الأخ منصور بن الشيخ عبدالأمير الجمري لي حينما عُدت إلى «الوسط».

صديقي يريد أن يحتكر الجنة له ولأبناء طائفته، مع العلم ان كثيرا من الناس يذرفون الدمع ليل نهار في حال يرثى لها متمنين دخول الجنة ولو حبوا أو جثوا على الركب؛ إلا أن صديقي له رأي آخر! فهو يعتقد أن الجنة التي عرضها السماوات والأرض، وإن مغفرة الله ورحمته الواسعتين لكل شيء، ستضيق إلا عنه وأبناء طائفته!

أتمنى أن يقرأ صديقي مقالي هذا ويراجع نفسه، ويضع في اعتباره أنه «لا يستحق العيش من عاش لنفسه»! ويراجع أفكاره ويتوكل على الله صادقاً ويبحث عن الحقيقة، ويبحث عن مصلحته ومصلحة عياله وأبناء وطنه. وبالطبع سيجد أن الله سيكون معه في كل ذلك. فالله كريم ورحيم ولا يقبل بإزهاق أرواح عباده، واضطهادهم واستعبادهم أو رميهم في البحر!

«عطني إذنك»...

أرجوك يا صديقي عُد كعهدي بك تحب الخير لجميع الناس! فـ «السنة» و«الشيعة»، عاشوا هنا دهورا، وطورا بعد طور، وإن كانت هناك مشكلات سابقة، وإن كانت إشكالات مذهبية بينهم؛ إلا أن ذلك لا يعني عودة الصراعات المتخلفة، وشغلنا واشتغالنا بأسبقية البيضة أم الدجاجة. وتأزيم الحال الأهلية، وجرجرة البلاد في أتون الخلافات المذهبية المتخلفة، والغفلة عن تحصيل العلم النافع للأمة بعمومها‡

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً